المالكي يهاجم حزب البعث ويتهم جهات سياسية بتعطيل تجريمه

تفجيرات ببغداد توقع عشرات القتلى والجرحى في اليوم الوطني لضحايا المقابر الجماعية

سكان من مدينة الصدر (شرق بغداد) يتجمعون في موقع تفجير سيارة مفخخة بأحد شوارع مدينتهم أمس (رويترز)
TT

لم تنته الفترة الانتقالية في العراق على الرغم من مرور عشر سنوات على إسقاط حكم البعث عن طريق التدخل العسكري الأميركي. المقبرة الجماعية الأولى التي فتحت بعد نحو شهرين من سقوط بغداد وتحديدا في السادس عشر من شهر مايو (أيار) عام 2003 صنفت فيما بعد على أنها يوم وطني لشهداء المقابر الجماعية في العراق. بعد تلك المقبرة تم فتح العديد من المقابر التي ضمت رفات عشرات آلاف المواطنين العراقيين في مختلف مناطق العراق ولمختلف القوميات والفئات والطوائف. لكن مسلسل المقابر الجماعية لم تنته فصوله بعد مثلما لا تزال العدالة الانتقالية التي تتبناها وزارة حقوق الإنسان من خلال قوانين وتشريعات هي الأخرى مستمرة على الرغم من أن العدالة الانتقالية حتى في مرحلة ما بعد عهد النازية في ألمانيا لم تستمر أكثر من ثلاث سنوات تم بعدها طي صفحة الماضي والبدء بصفحة جديدة.

في العراق فتحت صفحة جديدة بالفعل وتمثلت هذه المرة في أن المقابر الجماعية التي كان النظام السابق يخفي فيها ضحاياه تحولت الآن إلى مقابر مفتوحة بالهواء الطلق وتضم يوميا رفات العشرات من المواطنين العراقيين كان آخرهم مساء الأربعاء والخميس حيث حصدت سلسلة انفجارات بسيارات مفخخة أرواح عشرات المواطنين. رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حمل خلال كلمته التي ألقاها في اليوم الوطني لضحايا المقابر الجماعية حزب البعث مسؤولية استمرار التفجيرات والانتهاكات. وطبقا لتوصيف المالكي فإنه إذا كان حزب البعث وهو الحاكم لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن يعمل على «دفن» ضحاياه في مقابر جماعية فإنه الآن وبعد مضي عشر سنوات تغيرت فيها المعادلة بحيث أصبح البعث مطاردا ومجتثا وفي أضعف حالات الإيمان محكوما، واستنادا لهذا التوصيف بات يملك القدرة على أن «يتفنن» هذه المرة في الانتقام من ضحاياه من خلال «أعضاء مبتورة، وأعين مسمولة، وأرجل مقطوعة، وثكالى وأرامل وشباب يموت بلا ذنب ولدينا مليون جندي وشرطي وصرفنا عشرات المليارات من الدولارات تسليحا وتجهيزا وما زلنا نراوح مكاننا»، كما قال باقر جبر الزبيدي وزير الداخلية الأسبق ورئيس كتلة المواطن في البرلمان العراقي في بيان أصدره بمناسبة تكرار مثل هذه التفجيرات.

الحكومة ومن دون الإجابة عن سؤال المسؤولية التي يجب أن تتحملها مثلما قال عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية والقيادي البارز في القائمة العراقية حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، فإن «الحكومة هي المسؤولة عن حماية أرواح الناس بصرف النظر عمن يكون الفاعل لأن مهمتها هي المعالجة وليس تشخيص الخلل أو من هو المسؤول». وقبل أن يضيف النائب المطلك بشأن تحديد المسؤولية وما هو المطلوب فإن المالكي في كلمته تلك قال إن «المسؤولين عن جرائم المقابر الجماعية هم الذين قاموا بدفن الناس أحياء في المقابر الجماعية، هم أنفسهم من يقتلون الناس اليوم بالمفخخات وآخرها ما شهدته بغداد أمس بتنفيذ من الإرهابيين وتنظيم القاعدة ولكن الذين يمولون هم أنفسهم المسؤولون عن المقابر الجماعية». ويضيف المالكي قائلا: «ولا توجد اليوم معالجات لحزب البعث من قبل مؤسساتنا كهيئة المساءلة والعدالة وغيرها وأصبح عناصر البعث يخرجون من هذا الباب ويدخلون من باب آخر ولا نسمع إدانة لأفعالهم وإنما نسمع صيحات التكبير واحموا العروبة والأمة الإسلامية وهم كانوا أكثر الناس سعيا لتفتيت أمتنا العربية والإسلامية».

وبالعودة إلى لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، فعلى لسان المطلك يقول إن «الحكومة فشلت تماما في الملف الأمني وقد قلنا ذلك مرارا وتكرارا». ويرى المطلك أن «من الصعب إصلاح الأمور لأنها بنيت بطريقة خاطئة وبإرادة الاحتلال الأميركي الذي يتحمل كامل المسؤولية هو ومن معه من السياسيين».

من جهتها، أكدت وزارة حقوق الإنسان أن اهتمامها بهذا الأمر يأتي من باب التذكير بجرائم البعث التي طالت الجميع. وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة كامل أمين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المقبرة الجماعية الأولى التي اعتبرت يوما وطنيا لضحايا المقابر الجماعية وجد فيها 5000 مواطن وبعدها تم فتح المزيد»، معتبرا أن «الهدف من هذه المناسبات ليس نبش الماضي وإنما التذكير به من أجل تخطيه وإنجاز كل مستلزمات العدالة الانتقالية، فضلا عن أن هناك الكثير من القوانين والإجراءات لم تتحقق لصالح الضحايا حتى اليوم». وردا على سؤال بشأن عمل وزارة حقوق الإنسان فيما يتعلق بالحاضر وما يواجهه المواطنون من معاناة وقتل قال أمين إن «الوزارة وإن لم تكن لها صلة مباشرة بقضية أجهزة كشف المتفجرات إلا أنها تابعت الموضوع وتؤكد أن ما حصل من قتل للعراقيين بسبب هذا الجهاز هو من المسائل التي تحتاج إلى تحديد المسؤول فضلا عن أن معاناة الناس أمام السيطرات ولساعات لكي يمروا من أمام جهاز فاشل إنما هي من صلب حقوق الإنسان التي نتابعها وبالتالي فإننا نطالب بإحالة كل من تسبب ويتسبب بمعاناة العراقيين إلى القضاء لكي ينال جزاءه العادل». وكانت قد تزامنت مع عقد هذا المؤتمر سلسلة تفجيرات يومي الأربعاء والخميس في عدد من مناطق بغداد أدت إلى مقتل وجرح أكثر من 160 شخصا. وقد شملت المناطق التي استهدفتها التفجيرات مدن الصدر والكاظمية والحسينية وأحياء الكرادة والغدير وشارع فلسطين والكمالية وجكوك وبغداد الجديدة.