50 وكالة إخبارية تحتج لدى البيت الأبيض على مراقبة الصحافيين

وزارة العدل تجري تحقيقات لمعرفة المسؤول عن تسريب المعلومات لوكالة «أسوشييتد برس»

مراسلون يرفعون أياديهم بينما يتلقى جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض الأسئلة أثناء مؤتمره الصحافي اليومي (أ.ب)
TT

قال مسؤولون بالحكومة الأميركية إن قرار وزارة العدل المثير للجدل بالحصول على سجلات هاتفية لصحافيين في وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء - يجيء في إطار تحقيقات شاملة تجريها الحكومة الأميركية في تسريبات إعلامية بشأن مؤامرة وضعت خيوطها في اليمن لتفجير طائرة ركاب أميركية.

وطلب البيت الأبيض إعادة النظر في القوانين الخاصة بعمل الإعلام في مجلس الشيوخ، في خطوة يمكن أن تؤثر على الطريقة التي تجري بها وزارة العدل تحقيقات في تسرب معلومات حكومية سرية. وتوفر القوانين الفيدرالية نوعا من التوازن بين الاحتياجات الأمنية الوطنية وحق الجمهور في المعرفة وضمان التدفق الحر للمعلومات، ويحمي القانون الصحافيين من الكشف عن مصادرهم ويوفر لهم الحماية في مثل هذه التحقيقات.

ويقود مكتب وزير العدل في واشنطن التحقيق في تسريب المعلومات، وكلف مكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي) استجواب عاملين في وزارة العدل وأجهزة المخابرات الأميركية والعاملين في مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، بل في مكتب التحقيقات الاتحادي ذاته. وذكر أشخاص تم استجوابهم، طلبوا عدم نشر أسمائهم، أول من أمس الأربعاء، أن التحقيقات كانت مطولة وشاملة. وقال اثنان ممن خضعوا للاستجواب، إن التحقيقات التي تجرى عن تسريبات تتسم دائما بالعدوانية، كما أن الخضوع للتحقيق تجربة مضنية وغير سارة.

وقال مسؤول في جهاز أمني إن التحقيقات أجريت بسبب تقرير نشرته «أسوشييتد برس» في السابع من مايو (أيار) عام 2012 بشأن عملية سرية لإحباط المؤامرة اليمنية لتفجير طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة في ذكرى مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

وقال غاري برويت، رئيس وكالة «أسوشييتد برس»، في رسالة احتجاج إلى المدعي العام إريك هولدر: «إن الوكالة اتخذت تدابير استثنائية لاسترضاء السلطات الاتحادية، وقامت بتأخير نشر القصة بناء على طلبهم حتى تتأكد السلطات من انتهاء المخاوف الأمنية، وتوقعنا أن تعلن الإدارة بنفسها أن مؤامرة تفجير القنبلة في الطائرة قد تم إحباطها، لكن البيت الأبيض قال إنه لا يوجد تهديد حقيقي للشعب الأميركي في مايو (أيار) 2012، ووقتها شعرنا بأن المعلومات مهمة، وأن من حق الجمهور أن يعرفها». وقد نشرت الوكالة القصة ونقلها عدد من المنظمات الإخبارية الأخرى، بما فيها صحيفة «لوس أنجلوس تايمز».

وهناك مؤشرات على أن مساعي الإدارة لمعرفة الشخص المسؤول عن التسريب لم تكن مثمرة، ولا يزال التحقيق مستمرا فيما يبدو. وتم إبلاغ بعض الشهود المحتملين أنه من المرجح أن يتم استجوابهم خلال الأسبوعين أو الثلاثة المقبلة.

وقال جيمس كول، نائب هولدر، في خطاب بعث به يوم الثلاثاء إلى رئيس «أسوشييتد برس»، غاري برويت، الذي احتج على هذا الإجراء الحكومي: «إن طلب السجلات المرتبطة بالمؤسسات الإعلامية لا يحدث إلا بعد استنفاد كل خطوات التحقيق البديلة». وفي ذلك الخطاب، كشف كول عن أن وزارة العدل استجوبت أكثر من 550 شخصا، واطلعت على عشرات الآلاف من الوثائق قبل أن تطلب سجلات المكالمات الهاتفية لـ«أسوشييتد برس».

وقد قامت وزارة العدل بمراقبة هواتف أكثر من عشرين صحافيا بوكالة «أسوشييتد برس» في مايو 2012، وشمل ذلك الهواتف الشخصية والهواتف الأرضية لمكاتب الوكالة في كل من نيويورك وهارتفورد وكونتيكيت وواشنطن.

ويعتقد أن الرجل المسؤول عن التخطيط وتصنيع القنبلة لتفجير الطائرة المتجهة إلى الولايات المتحدة (إبراهيم نصيري) ما زال حرا طليقا وأن العثور عليه كان هدفا للعمليات.

وقالت السيناتورة ديان فاينشتاين، الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا ورئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، إن «تلك التسريبات خطيرة، لأنها تعرض بعض الأرواح للخطر»، وأوضحت أنها فهمت أن جمع المعلومات لم يركز على محتوى المكالمات، بل على معرفة مع من يتحدث الصحافيون وهل أمدهم أحد بالمعلومات عن هذه المؤامرة.

والتف وزير العدل الأميركي، إريك هولدر، الذي أبعد نفسه عن القضية، على أسئلة أعضاء غاضبين في «الكونغرس»، الأربعاء، بشأن اطلاع وزارته على سجلات «أسوشييتد برس»، وهي الخطوة التي كشفت عنها وكالة الأنباء يوم الاثنين.

وأثارت العملية غضبا شديدا في واشنطن وتساؤلات عن الكيفية التي تحقق بها إدارة الرئيس باراك أوباما توازنا بين متطلبات الأمن القومي وحق الخصوصية، كما أن البعض انتقد الخطوة بسبب انتهاكها الشديد لحرية الصحافة.

وبعثت أكثر من 50 وكالة إخبارية ومنظمة إعلامية رسائل احتجاج إلى البيت الأبيض، وقالت رسائل «نادي الصحافة الوطني» وشركة «نيويورك تايمز» وشركة «واشنطن بوست» إن هذا الإجراء يشكك في نزاهة الإدارة تجاه الصحافة وقدرتها على تحقيق التوازن من تلقاء نفسها، ويعد انتهاكا لمواد الدستور التي تحمي حق المواطن في المعرفة وحق وسائل الإعلام في الإبلاغ عن جميع أنواع السلوك الحكومي بما في ذلك المسائل التي تمس الأمن القومي، وهي محور هذه القضية.

وكانت وكالة «رويترز» واحدة بين نحو 50 مؤسسة إخبارية وقعت على خطاب موجه إلى هولدر يوم الثلاثاء للاعتراض على الاطلاع على سجلات هواتف «أسوشييتد برس».

ووصف هولدر التسريب بأنه «خطير جدا جدا»، وقال إنه «يعرض الأميركيين للخطر».

وجاء في أول خبر نشرته «أسوشييتد برس» أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) «أحبطت مؤامرة طموحة» من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لتفجير طائرة بقنبلة مصممة حديثا تخبأ في الملابس الداخلية، وقالت إن مكتب التحقيقات الاتحادي حصل على هذه القنبلة. وذكرت الوكالة أنها لا تعلم مصير الانتحاري المزعوم.