مني أركو مناوي: إذا انسلخ البشير من حزبه سنرحب به.. شريطة أن يمثل أمام العدالة

رئيس حركة تحرير السودان يطالب من خلال «الشرق الاوسط» بتحقيق دولي حول «أبو كرشولا»

TT

* ما هي مبررات وأهداف هجوم الجبهة الثورية في العمق السوداني، وتهديداتكم بالتصعيد العسكري؟

- الجبهة الثورية لها أهداف سياسية وتعمل على تحقيق دولة المساواة والعدالة والمواطنة، وهذا يتم عبر وسائل مختلفة؛ وأولها التفاوض مع الحكومة السودانية للوصول إلى حل شامل في «كيف يحكم السودان، وليس من يحكم السودان».. ولكن الواضح أن المؤتمر الوطني لا يريد أي حوار واختار الخيار الأمني والعسكري، ونحن في الجبهة الثورية سنضرب قوات المؤتمر الوطني أينما وجدناها في أي مكان؛ بما في ذلك الخرطوم نفسها، لأننا دعاة تغيير شامل في بنية الدولة الفاشلة.

* لكن هناك اتهامات لكم من قبل الخرطوم بأن قواتكم ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ما ردكم؟

- هذا أمر يثير الضحك، المجرم يريد أن يتحول إلى ضحية، لأن الرئيس عمر البشير هو المطلوب الأول دوليا للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية، وكذلك وزير دفاعه عبد الرحيم محمد حسين، وثالثهم أحمد هارون والي جنوب كردفان.. هؤلاء هم المطلوبون دوليا لارتكابهم جرائم إبادة جماعية في دارفور، فكيف لهؤلاء أن يدعوا بأن الجبهة الثورية ارتكبت جرائم؟

إننا نطالب بلجنة تحقيق دولية مستقلة تشكلها الأمم المتحدة للتحقق من هذه الجرائم، ونحن على استعداد للتعامل مع هذه اللجنة ونتائجها.. ولكن هل سيقبل المؤتمر الوطني بمثل هذه اللجنة المستقلة والدولية؟ لا أظن، لأن سجله معروف في ارتكاب الجرائم - التي ما زال يرتكبها.

* لكن ما هي حقيقة ما حدث في «أبو كرشولا» و«أم روابة» في جنوب وشمال كردفان؟

- الجبهة الثورية لم ترتكب أي جرائم، وقد تحدث عدد كبير من المواطنين في «أم روابة» لوسائل إعلام مختلفة ونفوا ادعاءات نظام الإبادة الجماعية. نحن لدينا قوانين تحكمنا، نحترم فيها القانون الدولي الإنساني، وسجلنا في كل الحركات المنضوية تحت الجبهة الثورية نظيف. والحقيقة أنه بعد أن انسحبت قواتنا من «أم روابة»، قامت قوات المؤتمر الوطني بإلقاء القبض على المواطنين على أساس اللون وقتلتهم جميعا، ولدينا سجل كامل سنقدمه للجهات الدولية، وسنوضح من الذي ارتكب الجرائم ضد الإنسانية.. وكما يقول المثل الشائع «من نسي قديمه تاه».

* وكيف تصف مقتل محمد بشر ومجموعته المنشقة عن حركة العدل والمساواة باتهام فصيل متحالف معكم في الجبهة الثورية؟

- نحن موقفنا واضح في مسألة أن يوجه الثوار بنادقهم بعضهم إلى البعض. وقد طالبنا طرفي حركة العدل والمساواة في أبريل (نيسان) الماضي، عندما حدث أول اشتباك بينهما، بأن يكفوا عن ذلك. وقلنا إن عليهم أن يوجهوا بنادقهم إلى العدو الأول وهو المؤتمر الوطني. نحن لا نملك المعلومات كلها في الحادثة الأخيرة، ولكن إذا كانت المسألة فيها تصفيات جسدية من أي طرف فهي مرفوضة من قبلنا، لأنها لا تخدم قضية الثوار في السودان.. علينا أن نتعلم كيفية التعايش مع بعضنا لأن السودان يسع الجميع.

* الخرطوم أعلنت أنها ستتقدم بالأدلة إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف بأن هناك جرائم ارتكبتها قواتكم، ما ردكم؟

- الحكومة عضو في الأمم المتحدة وعدد من المنظمات الإقليمية والدولية، لماذا لا تطالب بتحقيق دولي؟ نحن الآن نتحدى النظام بأن يوافق على التحقيق الدولي النزيه والمستقل.

* ولكن هناك معاناة وسط المدنيين في المناطق التي دخلتها الجبهة الثورية، كيف تتعاملون معها؟

- استمرار المؤتمر الوطني في السلطة سيزيد من معاناة المواطنين، والمناطق التي ليس فيها حرب نجد أن هناك معاناة كبيرة للمواطنين، سواء في شرق أو وسط أو شمال السودان. والبشير هو المسؤول الأول والمباشر عن قتل وتشريد المواطنين، فهو يرتكب هذه الجرائم يوميا في تلك المناطق. كما إنني أحمل المجتمع الدولي مسؤولية معاناة الإنسان السوداني في مناطق الحرب لغضه الطرف في إنهاء هذه الجريمة، وفشله في القبض على المجرمين، مما جعلهم يرتكبون المزيد من الجرائم ويشعل الحروب في كل مكان.

* أنت تحمل المجتمع الدولي المسؤولية، وما هي مسؤولياتكم؟

- نحن نطالب أولا بالقبض على المجرمين وعزل هذه الحكومة، ثانيا نحن أوضحنا أن الشعب السوداني يريد إسقاط هذا النظام، ونحن مع هذه المطالب ونعمل لأجلها ليل نهار لإقامة دولة يسود فيها القانون والعدالة والمساواة، وأن تكون دولة مواطنة لكل السودانيين. لذلك نحن نحمل المجتمع الدولي المسؤولية لعدم مساعدته للسودانيين في تحقيق هذه الأهداف السامية، بل هو يتعامل مع نظام يرعى الإرهاب الدولي ومتورط في حروب في دول مختلفة منها مالي وأفريقيا الوسطى وحتى ساحل العاج، وهو نظام يوصف على مستوى العالم بأنه إرهابي.

* المجتمع الدولي - وتحديدا الولايات المتحدة الأميركية - يتحدثون عن أن المعارضة المسلحة للنظام في السودان ستقود إلى الفوضى؟

- وجود المؤتمر الوطني في السلطة يمثل الفوضى بعينها، وعلى المجتمع الدولي أن ينظر إلى الحروب التي أشعلها هذا النظام وجرائم القتل التي ارتكبها منذ حرب جنوب السودان قبل استقلاله، والحروب الحالية في جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق، وقتل العزل في سد كجبار والشمالية وحتى في الخرطوم، هل هناك فوضى أكثر من ذلك؟

وميثاق الفجر الجديد، الذي وقعته الجبهة الثورية مع قوى الإجماع الوطني في يناير (كانون الثاني) الماضي، يهدف إلى إعادة هيكلة الدولة السودانية والمحافظة على وحدة السودان أرضا وشعبا، لكن على المجتمع الدولي ترك المعايير المختلة، وأن يوقف التعامل مع النظام المجرم.

* الحكومة السودانية اتهمت جنوب السودان وكمبالا بأنهما وراء دعمكم، ما ردكم؟

- نحن لم نتلق دعما من جنوب السودان، سواء قبل اتفاقها مع الخرطوم أو بعدها.. دعمنا السياسي من شعبنا السوداني، والدعم العسكري يأتينا من قوات المؤتمر الوطني ونشكرهم على ذلك. أما أوغندا، فإننا لا نجتمع عندها، نحن نسيطر على أراض واسعة في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، ولكن النظام لا يتوقف من تعليق هزيمته على الدول الأخرى ويرفض مواجهة الحقيقة في أن الجبهة الثورية لديها القوة والقدرة على إنزال الهزيمة به. وأقول إن اجتماعنا القادم سيكون في الخرطوم إن شاء الله.

* هناك من يردد أن الجبهة الثورية تعمل على إقصاء كل من لا علاقة له بما يعرف بـ«الهامش»، ما صحة ذلك؟

- هذا ليس صحيحا، لأن الذين وقعوا معنا في «ميثاق الفجر الجديد» ليسوا من دارفور أو جنوب كردفان، هذه دعاية المؤتمر الوطني لإرهاب الشعب السوداني. وأقول لك إن البشير نفسه إذا نظف سجله من الجرائم بتقديم نفسه إلى العدالة الدولية وانسلخ من المؤتمر الوطني سنرحب به، لذا أقول: إن الجبهة الثورية هي لكل السودانيين وليست لقبيلة أو جهة أو عنصر أو إثنية معينة.. لكن المؤتمر الوطني أصبح يلفظ حتى قياداته التاريخية بسبب القبلية والجهة، ونذكر إقالة مستشار البشير السابق الدكتور غازي صلاح الدين.

* وماذا استفدتم من التصعيد العسكري الأخير، وما الفائدة التي جناها الشعب السوداني منها؟

- خيارنا الاستراتيجي هو السلام دون شروط مسبقة، وانحيازنا التام للشعب السوداني وتحقيق تطلعاته في الديمقراطية والعيش الكريم.. والحرب هو خيار المؤتمر الوطني وحده. وأنا أدعو الشعب السوداني أن يخرج إلى الشارع لإزالة هذا النظام وتحقيق برنامج ميثاق الفجر الجديد، بإعادة هيكلة الدولة السودانية وإقرار دستور ديمقراطي يرضي الشعب. والتصعيد العسكري الأخير سببه النظام بهجومه على مواقعنا وقصف المدنيين بالطائرات يوميا.

* جهاز الأمن السوداني قال: إن عبد العزيز الحلو يقود ما وصفه بـ«العمليات الإرهابية»، وقبلها قال مسؤولون حكوميون إنه قتل ودفن في «واو» بجنوب السودان، ما هي الحقيقة؟

- الحقيقة أن عبد العزيز آدم الحلو، رئيس هيئة أركان الجبهة الثورية، موجود ويقود العمليات العسكرية.. والحقيقة الساطعة كما الشمس أنه حي يرزق ويتمتع بصحة جيدة ولم يصب بأي شيء. أما ما يقوله النظام بأنه قتل، وتراجعه عن ذلك بعد انكشاف كذبته، يوضح مدى تخبطه. وهي دعاية رخيصة من الخرطوم لرفع الروح المعنوية لقواته المهزومة. أما ما يردده قادة المؤتمر الوطني بأن الحلو «إرهابي» فهو يثير الضحك، فالمعروف أن النظام تمت مقاطعته دوليا بسبب رعايته للإرهاب واستضافته أسامة بن لادن في الخرطوم خلال فترة التسعينات، وكذلك استضافة الإرهابي الدولي كارلوس في ذات الفترة، وتورطهم في محاولة اغتيال الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وتورطهم حاليا في العمليات الإرهابية في دولة مالي، وقتلهم مواطني جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور وفي سد كجبار في الشمال الأقصى.

* وهل توافقكم القوى السياسية المعارضة في ذلك، لأن لديها رأي آخر في مسألة الحرب هذه؟

- قوى المعارضة وقعت معنا ميثاق الفجر الجديد، ونحن على تواصل مع جميع القوى السياسية. الشخص الوحيد الذي له رأي أقرب إلى المؤتمر الوطني هو الصادق المهدي، مع أن قواعد حزب الأمة - بل قيادات كثيرة - تقف مع ميثاق الفجر الجديد. ولكن مواقف الصادق بعد أن أدخل أحد أبنائه في القصر الرئاسي مع البشير (عبد الرحمن الصادق المهدي، مساعد الرئيس السوداني عمر البشير) أصبحت تناصر المؤتمر الوطني ضد الجبهة الثورية، ولكن حوارنا مع حزب الأمة وقواعده مستمر ولم يتوقف.

* ما رأيكم إذا حدث انقلاب في الخرطوم، وهو أمر وارد حسب ما يشاع هناك؟

- بدل الانقلابات وتكرار الفشل للدولة السودانية، نقول للقوات المسلحة إن عليها أن تنحاز إلى الشعب وإرادته في تحقيق التغيير بإسقاط النظام. وعلى القوات المسلحة أن تضع يدها مع الجبهة الثورية لإحداث هذا التغيير وبسرعة، لأننا نسعى لمنع الفوضى التي يريدها المؤتمر الوطني، ولكي نحافظ على وحدة ما تبقى من البلاد.