الخرطوم ومدن كبرى تتحسب لهجوم المتمردين

الرئيس السوداني يرسل مبعوثا خاصا إلى نظيره الجنوبي سلفا كير

صبيان سودانيان يقفان بالقرب من عربة تقل جنودا من قوات تابعة للأمم المتحدة في شمال دارفورد أمس (أ.ف.ب)
TT

كشفت مصادر سودانية مطلعة أن مبعوثا خاصا من الرئيس السوداني، عمر البشير، سيصل اليوم إلى دولة جنوب السودان حاملا رسالة منه إلى نظيره سلفا كير ميارديت تتعلق بالاتهامات التي وجهتها الخرطوم إلى جوبا بدعم متمردي «الجبهة الثورية» التي تقاتل الحكومة السودانية في مناطق جنوب كردفان، والنيل الأزرق ودارفور إلى جانب نقل عملياتها إلى شمال كردفان.

وشهدت مدن رئيسة، ومنها العاصمة السودانية الخرطوم، والأبيض عاصمة شمال كردفان، تكثيفا أمنيا غير مسبوق بعد تهديدات من قيادات «الجبهة الثورية» بإمكانية دخول قواتها العمق السوداني بما فيه الخرطوم لإسقاط نظام الرئيس السوداني عمر البشير. وكانت «حركة العدل والمساواة» المتمردة قد قامت بهجوم على الخرطوم في مايو (أيار) العام 2008 وصف بالجريء.

وقالت مصادر سودانية لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس السوداني، عمر البشير، سيوفد اليوم مبعوثه الشخصي وزير الخارجية، علي كرتي، إلى رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ميارديت، وأضافت أن مبعوث البشير يرافقه وفد سياسي وعسكري وأمني لنقل الرسالة التي تشمل اتهامات الخرطوم إلى جوبا بأنها ما زالت تقدم الدعم والإمداد إلى متمردي «الجبهة الثورية» الذين شنوا هجوما عسكريا على مدن في جنوب كردفان وشمالها في التاسع والعشرين من أبريل (نيسان) الماضي، وأشارت المصادر إلى أن الخرطوم سبق أن أرسلت موفدا إلى جوبا للقاء رئيسها سلفا كير نقل خلاله أدلة، قالت الخرطوم إنها تمتلكها ضد مجموعات تتهمها بأنها تقف وراء دعم «الجبهة الثورية» في تنفيذ الهجوم الذي وقع على مدينتي (أم روابة) في شمال كردفان وأبو كرشولا في جنوب كردفان أخيرا، وقالت المصادر إن الخرطوم ستستفسر من رئيس الجنوب عن مدى التزام بلاده تنفيذ اتفاقية التعاون بين البلدين التي تم توقيعها في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأردفتها بمصفوفة اتفاق في مارس (آذار) الماضي.

من جهتها، أكدت الخارجية السودانية زيارة علي كرتي وزير الخارجية، وبرفقته محمد عطا المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، اليوم، إلى عاصمة دولة جنوب السودان جوبا، ليوم واحد، لنقل رسالة من البشير إلى سلفا كير تتناول العلاقات بين البلدين.

ويتوقع أن يلتقي الرئيسان سلفا كير ميارديت ونظيره السوداني عمر البشير خلال قمة جديدة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في الشهر الحالي، على هامش القمة الأفريقية التي ستلتئم الأسبوع المقبل.

وكان النائب الأول للرئيس السوداني، علي عثمان طه، قد اتهم أطرافا، لم يسمها، في دولة جنوب السودان، بأنها تقدم الدعم لـ«الجبهة الثورية» لتنفيذ ما سماه الفصل الثاني من مخطط فصل الجنوب، في إشارة إلى استقلال جنوب السودان في يوليو (تموز) من عام 2011 عبر عملية الاستفتاء على حق تقرير المصير وفقا لاتفاقية السلام الشامل التي كانت وقعتها الحكومة السودانية مع متمردي «الحركة الشعبية لتحرير السودان» في عام 2005. وقال طه في لقاء مع قادة الإعلام في بلاده، إن الحرب الدائرة الآن في (أبو كرشولا) بجنوب كردفان وغيرها جزء من مخطط أجنبي تدعمه أطراف في دولة جنوب السودان لأجل تطبيق استراتيجية السودان الجديد، وذلك بغض النظر عن الحكومة الموجودة إذا كانت «المؤتمر الوطني» أو غيره، وأضاف: «الحرب الدائرة في ولايتي شمال وجنوب كردفان ليست عنصرية، وإنما عصابة ومرتزقة مدفوعون من أطراف خارجية»، مشيرا إلى أن «أهل المناطق التي تشهد الحرب هم الأكثر تضررا».

وشهدت الخرطوم توترا بعد الانتشار الكثيف لقوات الشرطة والقوات الأمنية وحركة إقلاع وهبوط غير اعتيادية للطيران الحربي، على أثر شائعات قوية بأن قوات «الجبهة الثورية» في طريقها لدخول الخرطوم، إلى جانب إصدار السفارة الأميركية في الخرطوم تعميما صحافيا حذرت فيه رعاياها من السفر أو الإقامة في أم درمان، رغم أن والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر نفى أن تكون العاصمة في خطر، داعيا إلى عدم التعامل مع الأخبار التي تتداولها المواقع السودانية على شبكة التواصل الاجتماعي الأسفيرية، وأضاف الخضر: «نقول لهم - ويقصد قادة المعارضة في (الجبهة الثورية) - إن دخول الخرطوم لن يكون عبر الرسائل الأسفيرية، فإذا أرادوا ذلك عليهم أن يجربوا الفعل، ونحن جاهزون وقواتنا المسلحة وقوات الشرطة والقوات الأخرى جاهزة (للفعل)».

وفي مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان وكبرى مدن غرب السودان وإحدى أهم العواصم التجارية في البلاد، قد تم انتشار واسع للقوات الحكومية والأجهزة الأمنية تحسبا من هجوم «الجبهة الثورية» التي كانت قد سيطرت على مدينة (أم روابة)، القريبة من عاصمة الولاية، في التاسع والعشرين من أبريل الماضي وهددت باجتياحها.