الحكومة الكويتية تفكك العقدة الأولى من الأزمة السياسية مع البرلمان

مجلس الوزراء يوقف قياديين نفطيين عن العمل ويحيلهم للتحقيق بسبب صفقة الداوكميكال

TT

فككت الحكومة الكويتية أمس العقدة الأولى من الأزمة السياسية التي تواجهها مع البرلمان بعد تقديم خمسة نواب بشكل مفاجئ استجوابين لوزيري الداخلية والنفط، ما دفعها إلى الامتناع عن حضور جلسات البرلمان الأسبوع الجاري.

وبدوره أعلن رئيس البرلمان علي الراشد أمس احتواء الأزمة السياسية بين الحكومة والبرلمان والتي دفعت الحكومة للامتناع عن حضور جلسات البرلمان، مبينا أن الحكومة تحترم وتقدر طلبات الاستجواب المقدمة من النواب للوزراء، وأنها ستحضر الجلسة المقبلة للبرلمان والمقررة في 28 مايو (أيار) الجاري.

وجاءت تطمينات الراشد خلال لقاء جمعه مع عدد من النواب أمس لعرض ما دار خلال اجتماعه مع رئيس الحكومة الشيخ جابر المبارك، حيث أوضح أن اجتماعه مع رئيس الحكومة لم يتطرق لموضوع تأجيل الاستجوابات، خاصة أن هناك رفضا من قبل النواب لمبدأ تأجيل الاستجوابات، وأنه هو شخصيا أول من سيقف ضد أي محاولة للتأجيل.

وأوضح الراشد أن تقديم الوزراء استقالتهم لرئيس الحكومة هو الذي حال دون مشاركة الحكومة في الجلسة التي عقدت الثلاثاء واستكملت الأربعاء الماضيين، ونحن لا نتدخل بقرار استقالة الوزراء لأنه أمر يعني رئيس مجلس الوزراء وصاحب القرار الأخير هو سمو أمير البلاد، لكن عدم حضور الحكومة للجلسات فوت الفرصة لإقرار الكثير من القوانين المدرجة على جدول الأعمال، وهو ما دفع عددا من النواب لتقديم طلب مد وقت الجلسة المقبلة لتعويض عدم انعقاد الجلسة السابقة.

إلى ذلك، عقدت الحكومة أمس اجتماعا استثنائيا برئاسة الشيخ جابر المبارك، ناقشت خلاله تداعيات تنفيذ قرار هيئة التحكيم الدولية الصادر ضد شركة صناعة الكيماويات البترولية الكويتية بسداد قيمة التعويض عن إلغاء عقد ابرم مع شركة الداوكميكال عام 2008 وقيمته مليارا دولار.

يذكر أن موضوع غرامة الداوكميكال كان ضمن الملفات التي تسببت بالأزمة السياسية بين الحكومة والبرلمان كونها جاءت ضمن محاور أحد استجوابين قدما بداية الأسبوع وتسببا في إحداث الأزمة، حيث تقدم النواب سعدون حماد وناصر المري ويعقوب الصانع بطلب استجواب وزير النفط هاني حسين لمساءلته حول تكبد الكويت غرامة لشركة الداوكميكال للبتروكيماويات بعد تراجع الحكومة نهاية عام 2008 عن إبرام صفقة شراكة بين الطرفين بلغ الشرط الجزائي فيها ملياري دولار، إضافة إلى قيام محطات تزود بالوقود تابعة لإحدى شركات مؤسسة البترول الكويتية ببيع خمور ومجلات خليعة، ومخالفة القطاع النفطي مقاطعة إسرائيل بإبرام شراكة أجنبية مع شركة إسرائيلية، وكذلك وجود تجاوزات في الترقيات التي أجريت أخيرا في القطاع النفطي على مستوى القياديين.

أما استجواب وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود فقدمه النائبان يوسف الزلزلة وصفاء الهاشم لمساءلته عن عدم تعاونه مع البرلمان وحدوث انتهاكات للأحكام القضائية وحوادث انفلات أمني وتستره على المتهمين الكويتيين بقضية خلية الإخوان المسلمين التي تم إلقاء القبض عليها في الإمارات نهاية العام الماضي كونه لم يحرك ساكنا لاعتبارات سياسية نظرا لأن من بينهم نوابا سابقين بالبرلمان.

وفيما يبدو أنه محاولة حكومية لتفكيك أولى عقد الأزمة السياسية لاحتواء استجواب وزير النفط، قرر مجلس الوزراء أمس خلال اجتماعه الاستثنائي إيقاف القياديين المسؤولين بشركة صناعة الكيماويات البترولية الكويتية عن العمل حفاظا على سلامة التحقيق وضمانا لحياديته. وجاء ذلك تجنبا لأي شبهات تطال التحقيق أو المساس بسمعتهم، وتكليف إدارة الفتوى والتشريع التابعة لمجلس الوزراء لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة نحو إحالة كل ما يتصل بالعقد المبرم بين شركة الكيماويات البترولية وشركة الداوكميكال إلى النيابة العامة، بما في ذلك من إجراءات إعداد العقد وشروطه والتوقيع عليه.

وكذلك ما يتصل بإجراءات إلغاء العقد والتعويض الاتفاقي وما تم اتخاذه من خطوات بعد اتخاذ قرار الإلغاء من أجل تخفيف الخسائر والحفاظ على المال العام وحقوق الدولة لتتولى التحقيق في هذا الموضوع وتحميل المسؤولية القانونية لكل من يثبت تقصيره أو إهماله أو تراخيه والتسبب في الخسائر الباهظة التي ترتبت عليها، وكذلك إعادة هيكلة مجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية وتطعيمه بذوي الخبرات في مجال الصناعة النفطية سعيا لمواكبة التحديات الحالية والمستقبلية التي يواجهها هذا القطاع، والعمل على الارتقاء بالأداء العام للقطاع النفطي وإجراء التغييرات المناسبة على مستوى القيادات النفطية لمعالجة مواقع الخلل فيه وبما يتلاءم مع متطلبات المرحلة المقبلة.

وأكد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد عبد الله المبارك أن الحكومة اجتمعت أمس بشكل استثنائي لمتابعة إجراءات تنفيذ حكم الغرامة المترتبة على إلغاء العقد، لقرارات مجلس الوزراء الصادرة في أعقاب النتائج المترتبة على هذا الإلغاء لمعالجة ومراجعة تفاصيل هذا الملف والتحقيق بكافة ملابساته وظروفه ودراسة أفضل السبل لتخفيف الأضرار المترتبة عليه.

وذكر الوزير أن رئيس مجلس الوزراء اجتمع كذلك وبشكل استثنائي قبل اجتماعه مع أعضاء الحكومة بأعضاء المجلس الأعلى للبترول لمناقشة الإجراءات الواجب اتخاذها في مواجهة تداعيات تنفيذ قرار هيئة التحكيم الدولية.