البيت الأبيض ينشر رسائل إلكترونية حول الاعتداء على القنصلية في بنغازي

الصيغ الأولى أشارت إلى هجوم إرهابي وتم تعديلها إلى مظاهرات عفوية

صور من الرسائل الالكترونية المتعلقة بالهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي (أ.ب)
TT

نشر البيت الأبيض أول من أمس مائة صفحة من المراسلات الإلكترونية في محاولة للتصدي لمزاعم الجمهوريين بحصول عملية تغطية للاعتداء الذي استهدف القنصلية الأميركية في بنغازي العام الماضي وراح ضحيته أربعة أميركيين.

وتظهر الوثائق عددا من المراسلات الإلكترونية بين المخابرات والخارجية والبيت الأبيض حول صياغة نقاط الحوار، وتظهر تطور رواية الإدارة الأميركية للأحداث، وسط الغموض والهلع اللذين سادا في الأيام التي تلت الاعتداء في 11 سبتمبر (أيلول) 2012، الذي قتل فيه السفير كريس ستيفنز. وتشير الوثائق إلى 12 نسخة خضعت لتغييرات وتنقيحات واسعة حول «نقاط الحديث» الذي كتبته وكالة الاستخبارات المركزية بشأن الهجوم.

كانت المخابرات الأميركية قد أشارت إلى تنظيم القاعدة وجماعة أنصار الشريعة التابعة لـ«القاعدة»، وأشارت إلى التهديدات الإرهابية في بنغازي، وتوضح الصيغ الأولى للنقاط التي جرى إعدادها في 14 و15 سبتمبر وجود تحذير حول إشارات إلى هجمات سابقة ضد أجانب في بنغازي وإلى قيام متطرفين بمراقبة المنشات الأميركية. وأزيلت هذه النقطة من الصيغة الأخيرة للوثيقة.

وقد أرسلت نقاط الحوار الأصلية من المخابرات إلى تومي فيتور المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، وبن رودس مساعد أوباما في مجلس الأمن القومي. وتشير إحدى الرسائل إلى أن مكتب وكالة المخابرات المركزية يعمل على إجراءات طفيفة على نقاط الحوار، وفي رسالة أخرى عدل مكتب الاستخبارات كلمة «هجوم» إلى كلمة «مظاهرات».

وكشفت الوثائق أن المتحدثة السابقة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند أعربت عن مخاوفها من تلك الإشارات في نقاط الحوار، وقالت نولاند في إحدى الرسائل إن تحذيرات الـ«سي آي إيه» يمكن أن «تستخدم من قبل أعضاء الكونغرس لمهاجمة وزارة الخارجية لعدم التفاتها إلى التحذيرات بحدوث اعتداء وشيك، فلماذا نقدم لهم هذه الفرصة؟».

وكشفت الرسائل أن نائب مدير «سي آي إيه» مايكل موريل هو الذي حذف الإشارات إلى «القاعدة» والمتطرفين المرتبطين بالتنظيم في ليبيا، من النقاط التي استعادتها السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس لاحقا خلال البرامج التلفزيونية. واتفق موريل مع نولاند في مخاوفها وقام بإجراء التغييرات بنفسه. ونشر البيت الأبيض الوثائق بينما يتعرض البيت الأبيض لاتهامات من قبل الجمهوريين بأن مساعديه وتخوفا من انعكاسات الاعتداء على حملة إعادة انتخاب أوباما حاولوا استبعاد احتمال أن يكون الهجوم عملية منظمة شنها إرهابيون.

وفي البداية، نسب البيت الأبيض الهجوم إلى مظاهرة عفوية خرجت عن السيطرة، لا إلى عمل من تنظيم متطرفين في ليبيا، وهو ما تبين لاحقا. وتكشف المراسلات حصول نقاش بين مسؤولين أميركيين كبار في عدة هيئات حكومية حول التعبير الرسمي الذي يجب اعتماده إزاء الكونغرس والإعلام لوصف الهجوم وملابساته. ويبدو بحسب هذه الرسائل أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه»، لا المسؤولين الكبار في البيت الأبيض أو في وزارة الخارجية، هي من بادر إلى تحديد طريقة وصف العملية والتغاضي عن معلومات أساسية عن احتمال ضلوع متطرفين فيها. وصرح المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني عدة مرات بأن الاستخبارات هي التي تضع نقاط الحوار وأن البيت الأبيض يقوم فقط بتغييرات جمالية وأسلوبية للعبارات. واتهم الجمهوريون البيت الأبيض بإزالة الإشارات إلى تنظيم القاعدة لتجنيب إدارة أوباما أي إحراج، في وقت كان يخوض حملة انتخابية تركز على نجاحه في السيطرة على المجموعات الإرهابية.

إلا أن الرسائل تكشف بوضوح أن مدير «سي آي إيه» ديفيد بترايوس، الذي استقال لاحقا وسط فضيحة كشفت عن إقامته علاقة خارج الزواج، لم يوافق على الصيغة الأخيرة للنقاط وأشار إلى أنه يشعر أن نقاط الحديث خففت بشكل زائد عن الحد. وكتب بترايوس في إحدى الرسائل: «أفضل أن لا استخدمها». وتبين أيضا من خلال المراسلات أن المسؤولين فضلوا توخي الحذر وسط الغموض الذي شاب الساعات التي تلت الاعتداء حول ما إذا كان مخططا له وتم تنفيذه من قبل متطرفين.

وفي إحدى الرسائل، حذر مسؤول في «سي آي إيه» زملاءه في وكالات أخرى بضرورة عدم الإدلاء بأي تقييم رسمي حول الجهة المسؤولة عن الهجوم ما دامت التحقيقات لا تزال مستمرة. وإثر هذه الرسالة تمت إزالة كل الإشارات إلى «القاعدة» والمجموعات المرتبطة بها.

وقال برندان باك المتحدث باسم رئيس مجلس الشيوخ جون باينر إن الرسائل الإلكترونية تدعم تقريرا صدر عن المجلس أشار إلى القلق في وزارة الخارجية إزاء النقاط التي يمكن التحدث عنها حول الهجوم. وصرح باك بأن «الطبيعة السياسية على ما يبدو لمخاوف وزارة الخارجية تطرح تساؤلات حول الدوافع وراء التعديلات التي أجريت ومن المسؤول عنها في وزارة الخارجية».

وصرح شولتز: «يمكن أن تروا الآن ما اطلع عليه الكونغرس وهذه الرسائل تظهر بشكل عام أن التنسيق بين الوكالات وأيضا مداخلات البيت الأبيض كانت تركز على سرد الوقائع كما نعلم بها بالاستناد إلى أفضل المعلومات المتوفرة آنذاك مع حماية التحقيق الحالي». وتابع: «بعد 11 جلسة استماع و25 ألف صفحة من الوثائق ومع نشر هذه المراسلات اليوم، يمكننا أن ننصرف إلى التركيز على ما هو مهم، أي ما يمكن أن نقوم به معا لضمان أن يتمتع الذين يخدمون أمتنا بالخارج بحماية أفضل مما كانت عليه في سبتمبر الماضي».