وزير العدل البحريني لـ «الشرق الأوسط»: لا تسويات مع المعارضة «تحت الطاولة»

الشيخ خالد آل خليفة يشدد على ضرورة التعددية السياسية

الشيخ خالد آل خليفة خلال إحدى جلسات مؤتمر الحوار الوطني («الشرق الأوسط»)
TT

دام حوار التوافق الوطني البحريني على مدى ثلاثة أشهر ولا يزال يناقش الآليات، ودخل لبضع جلسات في مرحلة ركود بسبب عدم التوافق. وحيال ذلك قال وزير العدل البحريني الشيخ خالد آل خليفة رئيس الفريق الحكومي في الحوار والشخصية المكلفة من الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين بإدارة الحوار: «يجري تحقيق مزيد من التطور السياسي وأكبر قدر من التوافقات في ظل الحفاظ على التعددية السياسية في البحرين»، مشددا على أن التعددية مسألة أساسية.

وقال الوزير في حوار مع «الشرق الأوسط» عقب الجلسة السابعة عشرة التي عقدت يوم الأربعاء الماضي: «لا حلول من تحت الطاولة». وأضاف أنه لا يزال عند رأيه المتمثل في أن فريق المعارضة يعمل على تعطيل الحوار. وشدد على أن مهمة الفريق الحكومي الدفع بالحوار للدخول في جدول الأعمال ومناقشة القضايا التي يدعي بها فريق المعارضة، واصفا المشاركين على طاولة الحوار - الفريق الحكومي وفريق السلطة التشريعية، وفريق الائتلاف وفريق المعارضة - بزوايا طاولة الحوار، وأن محاولة تغيير هذه الزوايا يعد لعبا في الوقت الضائع. فإلى نص الحوار:

* سبع عشرة جلسة عقدت على مدى ثلاثة أشهر تقريبا، ماذا حقق الحوار حتى الآن؟

- فيما يتعلق بعمل الفريق الحكومي فإن مهمته الدفع للدخول في جدول الأعمال، تحدث أحيانا عملية مراوحة تحاول فرضها الجمعيات الخمس (جمعيات المعارضة السياسية)، لكن أيضا هناك أمرا آخر يجب الانتباه له، فخلال 17 جلسة يشهد الحوار نقاشات جدية في كل جزئية مما يطرح على الطاولة من الآراء المختلفة التي يتم عرضها.

إذا وصلنا إلى حالة عدم التوافق فيجب أن تحسم هذه القضية وننتقل إلى قضية أخرى، لكن هل سنبقى نناقش هذه القضية إلى ما لا نهاية، هذا غير صحيح.

هدفنا نقاش جدي وحقيقي ولكن لا يستغل هذا للوقوف عند قضايا للمراوحة وتجميد الحوار عندها.

* كيف يتم التعامل مع حالة الجمود كالتي حدثت في الجلسات الأخيرة من جلسات الحوار؟

- إذا كانت المسألة متعلقة بإطالة غير مبررة نتعامل معها كما حدث في الجلسة الماضية (الجلسة 16) التي انتهت إلى عدم التوافق على قضية التمثيل المتكافئ على طاولة الحوار بالشكل الذي طرح من الجمعيات الخمس في ورقتها التي قدمتها للحوار.

ما نؤكد عليه أن الإطالة غير المبررة يتم التعامل معها، وما نؤكد عليه أن الوقت لن يكون عامل ضغط على الحوار، لكن أيضا استغلال الوقت في حالة المراوحة غير مقبول أيضا.

ما المانع أن ننتهي إلى عدم التوافق في بعض القضايا أو المسائل، لا بد من إنهاء الأمور التي بدأت كرؤية وتحولت شروط على الحوار نفسه.

الجمعيات الخمس دخلت الحوار وهي تعرف أطرافه وتطالب بتغيير المشاركين على الطاولة ولم نتوافق على هذا الطرح، ما معنى ذلك، لماذا قبل فريق الجمعيات الخمس الدخول في توافقات مع الأطراف الأخرى على طاولة الحوار.

لماذا دخلنا الحوار؟ أليس من أجل تحقيق مزيد من التطور السياسي وخلق توافق أكبر ما بين الأطراف المشاركة فيه؟ لذلك سنستمر كفريق حكومي في الدفع الإيجابي في الحوار ولكن إذا كانت المسألة تتعلق بالمساس بالتعددية السياسية وبإقصاء الآخرين فهذا غير مقبول، وكذلك إذا كان الهدف استدعاء تمثيل في الحوار يخل بتركيبة التعدد على طاولة الحوار أو ينقل الحوار من حوار متعدد إلى حوار ثنائي أيضا هذا الطرح غير مقبول.

* ما زلتم تناقشون الورقة التي قدمتها الجمعيات الخمس للحوار، فلماذا بعد 17 جلسة تقولون إن هذه الرؤية تحولت إلى شروط على الحوار، وكان بإمكان الفريق الحكومي رفض هذه الورقة وطرح مشروع آخر؟

- نحن لا نتحدث عن مناقشة الأوراق التي تقدم على الطاولة من حيث المبدأ، بل على العكس كل الأوراق التي يقدمها أي فريق يجب أن تناقش، ولو تم رفض ورقة الجمعيات الخمس وقلنا إننا لا نناقش موضوعا معينا أو ورقة معينة لكان هذا شرطا على الحوار أيضا.

نحن في حوار التوافق الوطني نناقش كل المواضيع وكل المرئيات ولكن أن تكون هناك انحرافات في طريقة عرض هذه الأوراق بحيث يكون فيها سيطرة على أرضية الحوار ومنع الآراء الأخرى من أنها تعرض وكذلك منع التقرير فيها فهذا مرفوض.

* ثلاث جلسات يدور النقاش حول نقطة واحدة «التمثيل المتكافئ».. هل الحوار في حالة ركود؟

- خلال الجلسات الماضية أنجزنا النقاش حول عدد من المسائل في بند الآليات وكان يفترض أن نبدأ في نقاش الثوابت والمبادئ والقيم في جلسة اليوم (الجلسة 17) التي عقدت بتاريخ 15 مايو (أيار)، والفكرة هي أن فريقا من المشاركين في الحوار يريد تحقيق نتيجة في مسألة ما، عليه أن يصر على ذلك، وإذا كان الآخرون لا يريدونها عليه أن يدفعهم للمشاركة معه.

رغم كل ما يقال حقق المشاركون في حوار التوافق الوطني عددا من التوافقات التي تصلح أن تكون أرضية للحوار، كل ما نريد الوصول إليه هو ما يتحدث عنه كعناوين لا يدخل في تفاصيلها، نريد الحديث عن الحكومة وطريقة تمثيلها وغيرها من المشكلات، نحن أتينا لطاولة الحوار من أجل ذلك فلنناقش ذلك بالطريقة الصحيحة.

لكن ماذا وجدنا؟ وجدنا فريق الجمعيات الخمس مرة يتحفظ على الائتلاف، وأخرى يتحفظ على ممثلي السلطة التشريعية، وثالثة يرفض الحكومة، ورابعة يتحفظ على إدارة الجلسة، وخامسة يتحفظ على المتحدث الرسمي، وفي بعض المرات يتراجع عن توافقات تم تسجيلها، واليوم لا يريد عدم التوافق لحل للخروج من بعض القضايا، نحن نعتقد أن هذا يكشف ورقة الجمعيات الخمس، وما نفعله الآن هو ألا يكون أمامهم باب إلى الدخول في جدول الأعمال، وسد الأبواب الأخرى التي تؤدي إلى التعطيل والمراوحة، إنه واجب نقوم به ونحاول أن ننجح فيه.

* هل الأجواء داخل قاعة الحوار مكهربة؟

- ليس في كل الأوقات تحدث أحيانا حسب بعض الموضوعات، هناك جدية في المناقشة، وأحيانا يكون هناك عاطفة زائدة خرج بعض العبارات وبعض الكلمات التي لها تفسيرات تخرج بالنقاش عن المسار المحدد له.

نحن ننظر إلى ما هو أبعد من ذلك، فعندما نتناقش ويحدث نوع من الشد من واجبنا أن نوجد نوعا من التهدئة كما يجب علينا أن نوجد لاختلافاتنا أرضية مشتركة.

رغم ما يحدث من توتر فإنني أرى أن الجميع يصر على الاستمرار في الحوار، ونحاول تلافي التعطيل والبطء الذي قد يحدث.

* هل تأثر الحوار بما دار بين الحكومة وجمعية الوفاق الأسبوع الماضي من تصريحات وبيانات صدرت من الطرفين، أم أن الحوار كان السبب في خلق التوتر بين الطرفين؟

- ما دار بين الحكومة وجمعية الوفاق ليس له دخل بالحوار بشكل مباشر، أنا أقوم بواجبي كوزير للعدل في الحكومة، ورئيس إحدى الجمعيات السياسية حين يتفوه «بكلام يعي أو لا يعي معناه»، ولكنه يخالف القانون، يجب علي كوزير للعدل أن أوقفه عند حده، أعمل في هذا الجانب وفق واجبي.

كونه لا يريد أن يشارك في الانتخابات هذا شأنه والانتخابات ليست فرض عين، يستطيع أن يشارك وله ألا يشارك، ولكن عندما لا يشارك أو يقاطع ليس له أن يعرقل العملية الانتخابية، وليس له أن يشجع على العنف لوقف العملية الانتخابية، وهذا موقفنا ولا يستطيع أحد أن يقول بغير ذلك.

أي عرقلة للعملية الانتخابية ستواجه بكل حزم، وحدث ذلك من قبل في الانتخابات التكميلية وتمت مواجهتها ونجحت الانتخابات ولدينا برلمان قائم يمثل 52 في المائة ممن يحق لهم التصويت في مملكة البحرين.

* هناك حديث عن طرح حل لجمعية الوفاق في مسألة الانتخابات؟

- لا توجد أي مبادرات أو حلول من تحت الطاولة، فهو ليس فقط معطلا ولكن له وصف آخر لا أريد أن أقوله في الصحافة.

مسألة الحفاظ على التعددية في البحرين مسألة أساسية وعملية الحوار إذا لم تجر بشكل شفاف ومعلوم للجميع فنحن نخون أماناتنا.

* فريق جمعيات المعارضة السياسية طرح أكثر من مرة لوسائل الإعلام، وخصوصا لـ«الشرق الأوسط»، أنه سيقدم تنازلات في مسائل عالقة تعصف بالحوار مثل «التمثيل المتكافئ، وتمثيل الحكم على طاولة الحوار» متى ما وجد الجدية في الحوار وتحقيق بعض المطالب التي يسعى لها، كيف ترون ذلك؟

- نحن ننتظر أن يقولوا ذلك على طاولة الحوار، وطاولة الحوار هي التي تقرر في ذلك، وهذا الطرح لم يقل على الطاولة، وإذا كان هناك نوع من التسويات فيجب أن تكون مطروحة على الطاولة، أما ما يقال خارج طاولة الحوار أو تحت طاولة الحوار فهذا الكلام لا نعتد به.

* منذ الجلسة السادسة عشرة شاركت جمعية وعد في الحوار بالقائم بأعمال الأمين العام، ألا يعني أن الجمعيات الخمس بدأت تتعامل مع الحوار بجدية أكثر؟

- ما يهمنا أن يكون الموجودون على طاولة الحوار أصحاب قرار، وإذا كان لا يستطيع اتخاذ القرار بإمكانه العودة للتشاور ليقرر، لكن متى ما قرر عليه أن يلتزم بما قرر ولا يتراجع عنه هذا بالنظرة العامة، كما يهمنا أن يكون هناك روح إيجابية وتوافقية على الطاولة، أما من مسألة التمثيل فهذا شأن خاص لكل جمعية لها أن تقرر من يمثلها.

* هل وجدتم من فريق المعارضة الجدية والقدرة على اتخاذ القرار على طاولة الحوار؟

- نحن نريد من الحوار مزيدا من التطور السياسي، عندما نبدأ في مناقشة جدول الأعمال نكون قد وصلنا إلى الهدف الأساسي من الحوار عندها ستتضح الأمور بشكل جلي في كيفية التعامل مع المواضيع المطروحة.

* وصفت فريق الجمعيات الخمس في أكثر من تصريح صحافي بأنهم فريق تعطيل للحوار؟ هل ما زلت عند هذا الرأي؟

- نعم، الفكرة هي أن مسألة فرض مسائل وقضايا على المشاركين وأنه يجب الموافقة عليها تعتبر اشتراطات على الحوار، تعمد عدم الحسم في أي قضية أو مسألة تطرح هذا يجعله فريقا معطلا، وواجبنا دفع هذا الفريق وأي شخص آخر يمارس تعطيلا للحوار للدخول في جدول الأعمال.. نحن في الحوار أتينا لمناقشة مواضيع معينة من ادعى بها فعليه أن يناقشها بكل جدية، هذا ما نفهمه، نفهم أن تتم مناقشة قضايا مثل الانتخابات وتشكيل الحكومة والسلطة التشريعية، هذا ما أتينا للحوار من أجله، لكن المراوحة في بعض القضايا تجعله فريقا معطلا.

* هل يمكن إعادة تشكيل طاولة الحوار؟

- لطاولة الحوار أربع زوايا قائمة وقوية وثابتة، ولن تستقيم طاولة الحوار من دون هذه الزوايا الأربع، واللعب في هذه الزوايا هو لعب في الوقت الضائع.