ميانمار تطلق 20 معتقلا سياسيا عشية زيارة رئيسها لأميركا

رئاسة الدولة: الخطوة جزء من الإصلاح و«ربيعنا أكثر متانة من الربيع العربي»

المعتقلون السياسيون أثناء مغادرتهم سجن إنسين في رانغون أمس (أ.ب)
TT

أفرجت ميانمار (بورما سابقا) عن أكثر من 20 سجينا سياسيا أمس قبيل مغادرة الرئيس ثين سين إلى الولايات المتحدة حيث سيعقد لقاء تاريخيا بعد غد الاثنين مع الرئيس الأميركي باراك أوباما.

واعتبر زاو هتاي الناطق باسم الرئاسة، الذي أُعلن خبر إطلاق السجناء السياسيين على صفحته على الـ«فيس بوك» و«تويتر»، أن الإجراء جزء من «العملية السياسية» للإصلاح الجارية في البلاد منذ سنتين. وشدد هتاي وهو أيضا مدير مكتب الرئيس سين أن «الرئيس لا يستخدم السجناء السياسيين كأدوات»، نافيا أن يكون الإجراء مرتبطا بشكل مباشر بزيارة الرئيس إلى الولايات المتحدة. وقال: «إن مراجعة أوضاع السجناء السياسيين عملية جارية، والقرار الأخير جزء منها». وأكدت مجموعة «جيل 88» للناشطين أنها تبلغت بالإفراج عن 23 سجين رأي.

وقد أفرجت حكومة ثين سين التي تولت السلطة من المجلس العسكري الذي كان حاكما في البلاد في مارس (آذار) 2011. منذ ذلك الحين عن مئات السجناء السياسيين على دفعات، من أصل ألفين تم إحصاؤهم قبل تغيير النظام وبينهم صحافيون وطلبة ومحامون ورهبان وناشطون سياسيون. لكن عدد الباقين في السجون ليس واضحا. وأنشأت السلطات قبل بضعة أشهر لجنة مكلفة هذا الملف لا سيما «لتحديد» سجناء الرأي ضمن الموجودين خلف القضبان. ورحب نيان وين الناطق باسم «الرابطة الوطنية للديمقراطية» بزعامة المعارضة أونغ سان سو تشي أمس بهذا العفو، مشيدا «بعملية متواصلة». وأوضح أن الرابطة قدمت لائحة من 142 سجينا للجنة.

وجدد هتاي خلال مقابلة صحافية نشرت مضمونها وكالة الصحافة الفرنسية، التأكيد على متانة الإصلاحات السياسية التي بدأت بعد حل النظام العسكري في مارس 2011 رغم الصعوبات التي لاقتها خلال الأشهر الأخيرة. وصرح المسؤول مساء أن «ربيعنا البورمي أكثر متانة من الربيع العربي»، مشيرا إلى الأزمات التي شهدتها بعض الدول العربية منذ ثورات 2010. وقال: إن «هذا الربيع يمثل القيم التي تحملها الولايات المتحدة عبر العالم».

ويعتبر رئيس ميانمار، وهو جنرال سابق تولى منصب رئيس وزراء في عهد النظام العسكري، محرك عملية سياسية سمحت من دون إراقة دماء بالإفراج عن مئات المعتقلين السياسيين ووضع حد للرقابة وانتخاب المعارضة أونغ سان سو تشي في البرلمان.

وسيكون ثين سين الاثنين أول رئيس لميانمار يزور واشنطن منذ أن التقى ني وين في 1966 الرئيس الأميركي الراحل ليندون جونسون، مجسدا بذلك تحسينا ملحوظا في العلاقات بين البلدين بعد زيارة أوباما إلى رانغون في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

غير أن زيارة ثين سين قد تكون معقدة نظرا للانتقادات التي تعرضت لها حكومة ميانمار إثر أعمال العنف التي استهدفت في 2012 مسلمي أقلية الروهينغيا وأسفرت عن سقوط نحو مائتي قتيل في حين أسفرت أحداث أخرى استهدفت مسلمين من مواطني ميانمار عن سقوط أربعين قتيلا في وسط البلاد خلال السنة الجارية.

وقال زاو هتاي إن «الولايات المتحدة متخوفة بشأن متانة المراحل التي قطعتها بلادنا نحو الديمقراطية ومن إمكانية التراجع إلى الوراء» مؤكدا أن «الرئيس أكد شخصيا بقوة إننا لن نتراجع أبدا إلى الوراء».

ولن يكون للزيارة وقع كبير على الصعيد الدولي غير أن الجنرال السابق يواجه رهانا على الصعيد الداخلي من خلال تأكيده أن فترة عزلة ميانمار قد ولت حقا وأنه حصل على تأييد الجيش والعناصر الأكثر تشكيكا في السلطة. وأضاف زاو هتاي أن «هذه الزيارة توفر سندا قويا للمسار الإصلاحي وكذلك إلى أونغ سان سو تشي ورؤساء المجالس والأحزاب السياسية وقادة الأقليات العرقية والمجتمع المدني والشعب» مؤكدا أن «هذا النوع من الدعم القوي سيحث الرئيس على المضي قدما».

ولم تكشف تفاصيل برنامج الزيارة باستثناء قمة الاثنين والخطابين اللذين سيلقيهما ثين سين أمام غرفة التجارة الأميركية وجامعة جون هوبكينز.

غير أن المباحثات ستتناول بشكل أكيد الدعم الذي ينوي أوباما تقديمه إلى النظام الجديد. وقال زاو هتاي «يمكن تقديم مساعدة كبيرة في مجالات الأمن والقانون والتربية والصحة وخفض الفقر»، مضيفا: «نأمل مناقشة وتنفيذ تلك المسائل». ويتوقع أن يوجه ثين سين أيضا رسائل إلى الكونغرس سعيا لإقناعه برفع آخر العقوبات رغم عدم التوصل إلى أي اتفاق سلام مع متمردي أقلية الكاشين في شمال البلاد والتوترات مع المسلمين. وقال زاو هتاي «يجب أن يدرك الكونغرس الصعوبات التي نواجهها في المسار الإصلاحي».