النظام يعلن الهجوم على القصير.. وسط تحذير المعارضة من عواقب الصمت

«الحر» يؤكد استمرار سيطرته على المدينة واقتصار المعارك على الأطراف

عنصر من الجيش الحر يرتب شعره أمس (رويترز)
TT

وسط تحذيرات المجلس الوطني السوري من أن الصمت على ما يحصل في سوريا سيؤدي إلى تقويض الحل السياسي، أفادت معلومات بأن النظام السوري نفّذ تهديده، وبدأ هجومه مستخدما كل أنواع الأسلحة، على مدينة القصير القريبة من الحدود اللبنانية، التي يسيطر عليها الجيش الحر منذ أكثر من سنة.

وحسب وسائل الإعلام الموالية، فإن النظام نجح في استعادة بعض المناطق. وأكدت «وكالة الصحافة الفرنسية» نقلا عن مصدر عسكري لم تسمه، أنّ قوات النظام تمكنت من الدخول إلى القصير، وبسطت سيطرتها على الساحة الرئيسة، وسط المدينة ورفعت العلم السوري على مبنى البلدية.

لكن المعارضة من جهتها، وعلى الرغم من تحذيرها من العملية، لا تزال تؤكد أن قوات النظام لم تحرز تقدما على الأرض. وأكد مصدر في الجيش الحر في المنطقة لـ«الشرق الأوسط»، أن المعارك ظلت، حتى بعد ظهر أمس، تدور في الأطراف.

ولفت مصدر الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الهجوم عنيف، وبدأ منذ ساعات الصباح الأولى، واستخدمت فيه راجمات الصواريخ والمدفعية والطيران والقنابل العنقودية، لكنه أكد عدم تسجيل قوات النظام أي تقدّم بري على الأرض والسيطرة لا تزال للجيش الحر، بينما سجّل وقوع إصابات في أوساط المدنيين، مشيرا إلى أن المنطقة تتعرض للقصف من الجهتين الشمالية والجنوبية، حيث سجل تدخلا كبيرا لعناصر من حزب الله، الذي كان قد بدأ حشد قواته في الأسابيع الماضية، إلى جانب قوات النظام تمهيدا لاجتياح المنطقة.

وكانت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية قد ذكرت، صباح أمس، أن «8 صواريخ من نوع غراد (الروسية الصنع) سقطت على مناطق متفرقة في الهرمل، مصدرها الأراضي السورية».

بدوره، نفى الناطق باسم الهيئة العامة للثورة السورية في القصير أحمد القصير دخول الجيش النظامي أو عناصر من حزب الله إلى المدينة.

وأكد أحمد القصير على صفحته الرسمية على «فيس بوك» أن «المعارك لا تزال تدور على الأطراف، ولم يسجل جيش النظام، أو حزب الله، أي تقدم إلى داخل المدينة»، واصفا «كل ما يبث» بأنه «إشاعات».

في موازاة ذلك، كانت وسائل الإعلام الموالية للنظام تورد أخبارا طوال ساعات النهار، تؤكد فيها، تقدم قواته في المنطقة، وأفادت قناة «الإخبارية السورية» بأن «الجيش السوري أصبح في وسط المدينة بعد قطع الإمدادات عن الإرهابيين»، وأعلن التلفزيون السوري الرسمي أن «الجيش وصل إلى وسط القصير حيث تدور اشتباكات بينه وبين مسلحي المعارضة، مما أدى إلى مقتل 70 مسلحا على الأقل وتسليم عدد آخر أنفسهم».

وأشار أيضا إلى أنّ قوات النظام «أحكمت الطوق على المجموعات المسلحة وتداهمهم من محاور عدة في الجبهة الجنوبية من المدينة، وتمكنت من القضاء على عدد كبير من عناصر جبهة النصرة، بينهم معمر المشهداني وطلعت أحمد وعبودي الرحمن الحموي وباسل محمد التركماني».

وأفاد كذلك بأن «خطي دفاع المعارضة المسلحة الشرقي والجنوبي في القصير سقطا، وأن القوات السورية دخلت إلى الأحياء الشرقية والجنوبية للمدينة ووصلت إلى وسطها، حيث سيطرت على تجمّع المدارس»، لافتا إلى أن «الجيش سيطر على ثلث المدينة واستعاد مبنى مجلس المدينة جنوب مركز المدينة، ورفع عليه العلم السوري».

وأفادت قناة «روسيا اليوم» بأن الجيش السوري اقتحم القصير من محوريها الشرقي والجنوبي، وبات يسيطر على مناطق الحارة والكنيسة والبلدية في المدينة، مشيرة إلى أنباء تؤكد تراجع المعارضين المسلحين إلى الأحياء الشمالية للقصير التي تتعرض لقصف مكثف من جانب الجيش السوري، ووقوع كثير من القتلى في صفوفهم.

من جهته، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن القوات السورية النظامية شنت، صباح أمس، غارات جوية على مدينة القصير، أحد معاقل المقاتلين المعارضين في وسط البلاد. وحذر المرصد من تنفيذ جيش النظام هجوما واسع النطاق.

ولفت المرصد إلى وصول عدد القتلى في المدينة إلى 30 شخصا، بينهم سيدة و16 مقاتلا من الكتائب المقاتلة، كما وردت معلومات عن خسائر بشرية في صفوف القوات النظامية ومقاتلي حزب الله واللجان الشعبية المسلحة، وسقطت صواريخ محلية الصنع على بلدة الغسانية بريف القصير، كما تعرضت مناطق في مدينة الرستن للقصف.

وأشار مدير المرصد رامي عبد الرحمن إلى أن «الطيران الحربي قصف مدينة القصير بعنف منذ ساعات الصباح الأولى، بعد أن سادها الهدوء ليومين متتاليين».

وأضاف عبد الرحمن «يبدو ذلك تمهيدا لعملية واسعة النطاق».

وفي السياق ذاته، أفادت الهيئة العامة للثورة السورية بأن «الطيران الحربي يمطر المدينة بوابل من الصواريخ والقذائف بالتزامن مع قصف شديد جدا بالمدفعية الثقيلة والهاون منذ بزوغ الفجر، أدّت إلى مقتل 40 شخصا من المدنيين». وأشارت الهيئة إلى أن «المنازل تتهدم وتحترق مع المدينة».

وفي تحذير له من أن الصمت على ما يحصل في سوريا سيؤدي إلى تقويض الحل السياسي، أصدر المجلس الوطني السوري بيانا، يطالب فيه الجامعة العربية بالتحرك لوقف غزو سوريا من قبل إرهابيي حزب الله أو إيران، ويحذر من أن المؤتمر الدولي لن يرى النور، إن لم يتوقف غزو سوريا أولا.

ولفت البيان إلى أن بعض القوات المقبلة من خارج سوريا ترتكب جرائم إبادة وحرب على الأرض السورية، فمدينة القصير محاصرة وتتعرض لقصف وحشي تدميري، ومحاولات اجتياح ومسح المدينة وسكانها من الوجود، على يد قوات حزب الله وقوات إيرانية. وطالب البيان الجامعة العربية بعقد اجتماع عاجل وباتخاذ موقف عملي وحاسم تجاه استباحة الأرض والدم السوريين، محملا إياها المسؤولية الأخلاقية والسياسية والقانونية للتحرك لوقف ذبح السوريين في القصير على أيدي غرباء ينتهكون كل المبادئ التي أنشئت على أساسها الجامعة العربية.

ودعا المجلس الوطني أيضا مجلس الأمن الدولي لأداء واجبه في «منع عناصر من جماعة إرهابية متعصبة مثل حزب الله، وقوات دولة راعية للإرهاب مثل إيران، من انتهاك حدود بلادنا، وغزو أبناء شعبنا في بيوتهم».

وأضاف البيان: «ونحذر (مجلس الأمن) من أن الصمت على سلوك خطير، مثل هذا يعني فتح أشد مناطق العالم حساسية واستراتيجية لشريعة الغاب والفوضى بالغة الخطورة على الجميع. ونقول للدول التي تسعى لحل سياسي للوضع في سوريا إن السكوت على غزو سوريا وتقطيع أوصالها سيفقد أي مؤتمر أو جهد للحل السياسي كل معنى وكل جدوى، وسيضطر الشعب السوري لاعتباره مجرد محاولة لإضاعة الوقت، ومنح النظام والقوى الخارجية التي تدعمه، الوقت والغطاء اللازم لإتمام المهمة القذرة التي يقوم بها الآن».

وميدانيا أيضا، استمرت المعارك في مناطق سوريا عدّة، فقد أفاد المرصد السوري بوقوع انفجار في حي ركن الدين في دمشق، أدى إلى مقتل 8 أشخاص على الأقل قتلوا بينهم 4 من القوات النظامية وأصيب 10 آخرون إثر انفجار عبوة ناسفة كبيرة في سيارة بحي ركن الدين بدمشق، استهدفت عددا من السيارات التابعة للقوات النظامية بالمنطقة.

واستهدفت طائرات الهليكوبتر العسكرية ريف اللاذقية ببراميل متفجرة، وتحديدا مناطق في بلدة سلمى ومحيطها. وفي درعا، يواصل الجيش السوري الحر هجومه في محاولة لاقتحام مقر اللواء 52 وسط اشتباكات عنيفة، في موازاة استمرار عملياته على حاجز البريد، الذي يعتبر أكبر تجمع عسكري وأمني بالمدينة.

وبدأت قوات المعارضة في محافظة إدلب، توسيع رقعة عملياتها بهدف فتح جبهات جديدة باتجاه المدينة التي تخضع لسيطرة قوات النظام، واقتحمت المدينة من الجهة الغربية واستهدفت حواجز عدّة.

في المقابل، تقدمت القوات النظامية في ريف حماه، وعلى وجه الخصوص في مدينة حلفايا، و«اقتحمتها من الجهة الجنوبية الشرقية والجهة الغربية الشمالية، ومن الجهة الغربية الجنوبية، وسط حملة مداهمات وحرق للمنازل»، بحسب ما أفاد به المرصد السوري.