تحرير الجنود المختطفين في سيناء والجيش يلاحق العناصر الجهادية المتطرفة

متحدث عسكري: عدد القوات المصرية فيها أكثر مما تسمح به «كامب ديفيد»

الرئيس مرسي والفريق أول السيسي في صورة تذكارية مع الجنود السبعة المختطفين بعد تحريرهم (تصوير: عبد الله السويسي)
TT

أعلن الجيش المصري أمس عن تحرير الجنود السبعة الذين اختطفوا يوم الخميس الماضي، وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن القوات المسلحة تلاحق العناصر الجهادية المتطرفة التي يعتقد أنها وراء عملية الاختطاف في سيناء، بينما أعلن متحدث عسكري أن القوات في مناطق بسيناء أكثر مما تسمح به معاهدة «كامب ديفيد» مع إسرائيل، لكنه أوضح أن هناك ترتيبات مع الجانب الإسرائيلي بشأن تنسيق أي جهود في المناطق التي تشملها المعاهدة.

واستقبل الرئيس محمد مرسي سبعة جنود مصريين أطلق سراحهم أمس بعد خطفهم من قبل جماعات يعتقد أنها جهادية في شبه جزيرة سيناء الأسبوع الماضي. وبينما قال إيهاب فهمي المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن «تحرير جنودنا جاء دون أي مساومات أو تنازلات أو مفاوضات مع أحد أو تسويات ووعود مع أي طرف»، رفضت القوات المسلحة الإفصاح عن تفاصيل عملية تحرير الجنود. وقال العقيد أحمد محمد علي، المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، إن «هناك معلومات دقيقة عن المجرمين؛ نفضل إعلانها في فترات مقبلة حفاظا على العملية، لأن هناك عملا استخباراتيا مستمرا ونجح في تحقيق الهدف الأول منه».

وقالت مصادر أمنية مسؤولة، إن «الخاطفين قرروا إطلاق سراح الجنود خوفا من حدوث مواجهة مع القوات المسلحة»، فيما قال مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط»، إن «عمليات تمشيط واسعة تتم الآن في شمال سيناء من أجل استكمال ملاحقة العناصر الإجرامية التي نفذت عملية الاختطاف وتطهير سيناء من أوكار الإرهاب والعناصر الجهادية المتطرفة في إطار خطة أمنية لملاحقة البؤر الإجرامية الخطرة التي تهدد الأمن القومي».

وكان مسلحون يشتبه بأنهم متشددون إسلاميون قد خطفوا الجنود السبعة في الساعات الأولى من الخميس الماضي أثناء سفرهم في سيارتي أجرة بين العريش عاصمة محافظة شمال سيناء ورفح، على الحدود مع قطاع غزة، بينما كانوا يرتدون ملابس مدنية. وأرسل الجيش يوم الاثنين الماضي تعزيزات إلى شبه جزيرة سيناء بعد أن قال الرئيس مرسي، إنه لن تكون هناك محادثات مع خاطفي المجندين الذين قال إنهم قاموا بعمل إجرامي.

واستقبل الرئيس مرسي أمس الجنود السبعة في قاعدة ألماظة الجوية في ضاحية مصر الجديدة (شرق القاهرة) بمرافقة الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع، القائد العام للقوات المسلحة، والفريق صدقي صبحي رئيس أركان حرب القوات المسلحة، والدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء، واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، واللواء محمود حجازي مدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع.

وصافح الرئيس مرسي الجنود المختطفين وقبلهم. وقال في كلمة أمام الصحافيين: «قل الحمد لله الذي وفقنا لما نحن فيه الآن». وقدم مرسي التحية والتقدير إلى القوات المسلحة والمخابرات العامة لما بذلوه من جهد وتقدير وعلى رأسهم الفريق أول السيسي، والفريق صبحي. كما أشاد بالقوات المسلحة، قائلا: «القوات المسلحة هم فخر الوطن».

وأكد مرسي أن «مصر جسد واحد وقيادة واحدة وقوة متكاملة، تنتج وتتقدم بإرادتها وسواعد أبنائها، ولو مضينا على أشواك وجراح سنتقدم لتحقيق الآمال». ووجه مرسي حديثه للمعارضة، قائلا: «أقول للإخوة المعارضين علينا الاهتمام بالشأن السياسي والاجتماعي من خلال التنسيق والتوافق لنصبح جسدا واحدا، وأفتح الأيادي لكل من يحب للوطن الخير لكي نكون بحق أبناء ثورة 25 يناير».

وتوجه مرسي بالشكر إلى أبناء القبائل بسيناء الذين قال إنهم ساهموا في عملية تحرير الجنود. وأضاف: «علينا أن ننطلق في هذه المرحلة لتنمية سيناء وإعطاء كافة الحقوق السياسية الكاملة لأبنائها كباقي أبناء مصر في كل مكان، موجها للحوار لكل أبناء الوطن ومن يهتمون بالشأن السياسي أن يجلسوا ويتحاوروا من أجل مصر.

ودعا مرسي أبناء سيناء إلى ضرورة تسليم أي أسلحة موجودة لديهم للدولة، حتى لا تكون هناك جهات لديها أسلحة سوى المؤسسات الأمنية فقط.

وقال مرسي: «ما فعله رجال القوات المسلحة بالتعاون مع عناصر الداخلية نموذج للتكامل بين مؤسسات الدولة»، مضيفا: «هذا يؤكد لنا، كيف يكون التعاون والتخطيط وكيف يكون الوطن والمواطنون هم الهدف دون إراقة قطرة دماء واحدة».

وفي السياق نفسه، قال العقيد أحمد محمد علي المتحدث العسكري في مؤتمر صحافي عقد بمقر الرئاسة أمس، إن «العملية الأمنية التي أطلقت في سيناء، ليست على مدار الـ24 ساعة الماضية فقط، لكنها مستمرة منذ أغسطس (آب) الماضي»، في إشارة إلى الهجوم الذي شنه مجهولون وقتلوا فيه 16 من جنود حرس الحدود. وأضاف أن الإجراءات الأمنية العسكرية ستستمر ولن تتوقف عند تحرير الجنود المختطفين.

وردا على سؤال حول إمكانية تعديل معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل والتي تحدد عدد القوات المصرية بالقرب من الحدود في سيناء مما يشكل فراغا أمنيا، قال: «نؤكد باستمرار أنه منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل هناك ترتيبات بين الجانبين وأجهزة لتنسيق أي جهود في المناطق التي تشملها المعاهدة ومنذ ثورة يناير 2011 وعقب الفراغ الأمني الذي حدث، هناك الكثير من القوات التي تم نشرها في المناطق التي تشملها المعاهدة بشكل يزيد على ما تحدده المعاهدة وهناك تفاهم في هذا الأمر لتحقيق الأمن».

وفيما يتعلق بالأنفاق، قال علي: «استخدام المياه لتدمير الأنفاق نجح في تدمير 278 نفقا، ونسيطر على فتحات الدخول من الجانب المصري».

من جانبها، قالت مصادر أمنية، إن الخاطفين تركوا الجنود السبعة المختطفين في صحراء وسط سيناء وفروا هاربين بعد ملاحقات مستمرة من القوات المسلحة لهم. وكشفت المصادر عن أن القوات المسلحة وضعت يدها على الخاطفين وحددت مكان وجودهم وحاصرتهم منذ عصر الثلاثاء الماضي، مشيرة إلى أن الرسالة التي أطلقها أدمن الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بعنوان «الرسالة الأخيرة»، كانت كلمة السر لتنفيذ العملية، وتحرير الرهائن المختطفين، لافتة إلى أن تحرير الرهائن جاء نتيجة الخطط والتحركات المتوازية التي تم التنسيق بشأنها بين كافة الأجهزة المعنية، والتي شملت وزارة الداخلية، والقوات المسلحة، والمخابرات الحربية والمخابرات العامة.

وكشفت المصادر عن أن القوات المسلحة تمكنت من السيطرة على نحو 20 بؤرة إجرامية كان الخاطفون يستخدمونها في الاختباء خلال الأيام الماضية، وسط عمليات كر وفر مع القوات المسلحة.