كتائب «الحر» تتوجه إلى القصير للمؤازرة وحزب الله يرسل تعزيزات من «النخبة»

العلامة فحص: لا يوجد مبرر شرعي أو أخلاقي أو سياسي لمشاركة الحزب في القتال

مدنيون يبحثون عن ناجين تحت الركام في مدينة القصير (رويترز)
TT

اشتدت الاشتباكات، لليوم الثالث على التوالي، في معركة القصير التي أطلق عليها الجيش السوري الحر تسمية «عمليات جدران الموت» في مواجهة قوات نظام الرئيس بشار الأسد وعناصر حزب الله اللبناني، الذي وصل عدد قتلاه في الاشتباكات العنيفة منذ يوم الأحد إلى 50 وفق وكالة «رويترز»، بينما يؤكّد ناشطون أنّ عددهم فاق الـ65 قتيلا.

وأفاد مصدر مقرب من الحزب لوكالة الصحافة الفرنسية «أ.ف.ب». أن العدد الأكبر من عناصر حزب الله قتلوا بسبب الألغام التي زرعها مقاتلو المعارضة في المدينة، مشيرا إلى أن الحزب أرسل تعزيزات جديدة من عناصر النخبة إلى القصير. وفي حين بدأت كتائب الجيش الحر من مناطق سورية عدّة بالتوجه إلى القصير لمؤازرة كتائب المعارضة وكان آخرها، وفق ما ظهر في مقاطع فيديو بثت على صفحات المعارضة، كلا من قائد المجلس العسكري الثوري بحلب العقيد «عبد الجبار العكيدي» وقائد لواء التوحيد «عبد القادر الصالح» على رأس رتل عسكري، إضافة إلى مجموعات من كتيبتي ثوار بابا عمرو ومغاوير بابا عمرو، سجّل أمس محاولة اقتحام القصير من 4 محاور، وأهمها محور المشتل والضبعة، باءت بالفشل بحسب ما أعلنت القيادة المشتركة للجيش الحر.

وكان رئيس الائتلاف السوري المعارض بالإنابة جورج صبرا قد دعا أمس، كل كتائب الجيش الحر إلى «نجدة القصير» التي تتعرض منذ أيام لهجمات متكررة من قوات النظام مدعومة من حزب الله، والتي تعتبر معقلا أساسيا للمقاتلين المعارضين في محافظة حمص في وسط سوريا. كما طالب صبرا بفتح «ممر إنساني» إلى المدينة ودعا مجلس الأمن الدولي إلى عقد «اجتماع طارئ» للبحث في الوضع في محافظة حمص في وسط سوريا.

وعن أهمية معركة القصير بالنسبة إلى نظام الأسد، قال المقدم المنشق خالد الحمود لـ«الشرق الأوسط» إن «النظام عبر حربه الضروس في المنطقة لا يريد أن يقطع إمداد المعارضة فقط وإنما إسقاط حمص، وما يحدث في القصير قد يؤثر سلبا على قوة المعارضة في المدينة». معتبرا أنّ النظام يريد أن يحكم الطوق على حمص عبر مناطق المخرم والركانة والفركلوس وعين النسر وريف حماه الغربي ومصياف، وكي يستكمل هذا الطوق لا بد من إسقاط القصير محولا القرى الشيعية والعلوية الموالية له هناك إلى مراكز عسكرية تخدمه في هذه الخطة. وأشار إلى «وجود مستودعات للأسلحة في جبال القلمون وجبال الضمير»، لافتا إلى أن «النظام بأمس الحاجة إلى سحبها لحظة فقدانه مركز قوته في العاصمة».

واعتبر الحمود أن «سقوط منطقة القصير سيكون نقطة تحول في الثورة السورية لصالح النظام، لأسباب عدة أبرزها قدرته إذا حصل ذلك على إدخال ما يشاء من قوات حزب الله عبر لبنان من دون أي علم دولي وكذلك البدء بمشروع دولته الطائفية التي تشكل القصير مفتاحا لها، إضافة إلى تأمين الطريق لسحب جميع الأسلحة والذخائر من دمشق إلى الساحل». وشدد الحمود على أن «سقوط هذه المنطقة سيعني إكمال الطوق الداخلي والخارجي على حمص وصولا إلى سقوطها».

ميدانيا، أكّدت القيادة المشتركة في الجيش الحر أنّ مدينة القصير وريفها استهدفت أمس بالمدفعية الثقيلة ومدافع الهاون وراجمات الصواريخ التي أطلقت من مناطق المشتل ومفرزة الأمن العسكري وحاجز برغوث وسد زيتة وحوش السيد علي الحدودية والقصر والهرمل اللبنانيتين، لافتة إلى أنّه تم استهداف القصير بخمسة غارات من طيران الميغ ورمت خلالها قنابل فراغية ألحقت دمارا هائلا.

كذلك، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن القصير تعرضت لقصف عنيف استخدم فيه الطيران الحربي والمدفعية الثقيلة. وأفادت لجان التنسيق المحلية في حمص، عن استهداف قوات النظام مدينة القصير بثلاث غارات جوية بالتزامن مع قصف واشتباكات عنيفة في قرية الحميدية، إضافة إلى احتراق المحاصيل الزراعية في قرى المسعودية والدمينة الغربية نتيجة القصف.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن مقاتلي المعارضة يبدون مقاومة شرسة، ويرفضون ترك المدنيين الذين يقارب عددهم 25 ألف شخص. ووفقا للمرصد، فإن عناصر حزب الله وقوات النظام السوري يشنون «هجوما قاسيا» على المدينة الاستراتيجية التي تشكل صلة وصل أساسية بين دمشق والساحل السوري، وخط إمداد رئيسيا لقربها من الحدود اللبنانية.

وفي لبنان، تأخذ قضية مشاركة حزب الله في القتال في سوريا، حيزا من الجدل اللبناني – اللبناني. وتبرز الانتقادات الصادرة من شخصيات من الطائفة الشيعية كما في الطوائف الأخرى، التي لا تجد مبررا من تدخّل حزب الله، وهذا ما عبّر عنه العلامة الشيعي الشيخ هاني فحص، معتبرا أنّه «ليس هناك أي مبرّر لا شرعي ولا ديني ولا أخلاقي ولا سياسي لمشاركة حزب الله في القتال في سوريا». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «النتائج ستكون باهظة الثمن إذا لم يعد العقلاء لتسلّم زمام الأمور ووضع حد لمغامرة الحزب في سوريا». ويبدي فحص تشاؤمه مما ستؤول إليه الأمور، مضيفا: «لا نستطيع أن نتوقّع أو نفكّر فيما قد يقوم به الحزب فيما بعد، ويبدو أنّه سائر في مغامرته ويزيد في تورطه تعصبا وتحريضا».

ويؤكد فحص على رفض التطرّف الذي يعمّ الطوائف كافة وينعكس انقساما عموديا وأفقيا في لبنان، وعبر عن تخوفه من نتائج التطرّف الإسلامي بوجهيه الشيعي السني، قائلا: «كما كان الثاني نتيجة الأوّل، أصبح يستخدم الثاني الذريعة الوحيدة في خطاب حزب الله في وقت يوضع الرأي الآخر والمعارض لهذا الخطاب في خانة الخيانة والانشقاق». وحول عما قد يحكى عن تململ في أوساط حزب الله وبيئته، نتيجة مشاركته في القتال في سوريا، وأعداد القتلى التي تزيد يوما بعد يوم، قال فحص: «طالما أن حزب الله قوي وليس هناك أي مشروع آخر في المقابل واضح المعالم، فالتململ هذا يبقى سطحيا ولن يتبلور أو يصل إلى أي نتيجة».

بدوره يصف المرجع الشيعي الشيخ علي الأمين تدخل حزب الله في القتال في سوريا بـ«غير المقبول من وجهتي النظر الدينية والقانونية».

وكتب على موقعه الإلكتروني يقول: «إن مسؤولية الدفاع عن المقدسات الدينية واللبنانيين في سوريا إنما تقع على كاهل النظام السوري وحده، فهي ليست مسؤولية حزب الله أو الدولة اللبنانية»، مضيفا: «الجهاد هو الدفاع عن وطننا لبنان والحفاظ على وحدتنا الوطنية».

كذلك، كان الأمين العام السابق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي قد دعا حزب الله إلى «عدم الدفاع عن النظام المجرم الذي يقتل شعبه بينما لم يطلق رصاصة واحدة على إسرائيل». وقال الطفيلي الذي قاد حزب الله خلال الفترة (1989 - 1991) الأسبوع الماضي إن «الذين قتلوا في سوريا سيذهبون للجحيم ولا يمكن اعتبارهم شهداء».