موريتانيات يتظاهرن للتنديد بانتشار جرائم الاغتصاب والقتل

نائبة برلمانية لـ«الشرق الأوسط»: النساء لا يتحركن بحرية في نواكشوط بسبب الخوف

TT

شهدت العاصمة الموريتانية نواكشوط، في الآونة الأخيرة سلسلة من الجرائم كان أغلب ضحاياها نساء، مما أثار قلقا كبيرا لدى مختلف الأوساط، كان آخرها الوسط السياسي، حيث خرج العشرات من النساء الموريتانيات، الناشطات في منسقية نساء المعارضة (نضال)، في وقفة احتجاجية صباح أمس أمام وزارة الداخلية واللامركزية طالبوا خلالها الأخيرة بوضع استراتيجية أمنية لحماية المرأة من الجريمة.

وخلال الوقفة الاحتجاجية التي استمرت أكثر من ساعة، التقت «الشرق الأوسط» بالناشطة الحقوقية وعضو الجمعية الوطنية، الغرفة السفلى في البرلمان الموريتاني، خديجة مالك جالو، التي أكدت أن «توفير الأمن هو المطلب الملح الذي حرك هؤلاء النسوة، لم يحركهم موقف سياسي ولا المطالبة برحيل النظام، على الرغم من انتمائهم لمنسقية نساء المعارضة الديمقراطية (نضال)».

وأضافت جالو أن «كل المعطيات والوقائع التي تم تسجيلها خلال الأشهر الأخيرة تثبت أن السلطات الموريتانية تقابل انعدام الأمن بالإهمال والتراخي»، معتبرة أن ذلك «منح نوعا من الحرية لمرتكبي الجرائم بمختلف أنواعها خاصة تلك التي تستهدف النساء من سرقة وخطف واغتصاب وقتل».

يشار إلى أنه في الآونة الأخيرة تم تسجيل عدد من الجرائم، كان أكثرها إثارة للرأي العام تلك التي راحت ضحيتها فتاة تدعى «باندا سوكو»، التي اختطفتها عصابة الشهر الماضي، وقامت باغتصابها ثم قتلها والتمثيل بها، قبل أن تقوم برميها في أحد الشوارع المهجورة.

وتسببت هذه الجريمة في حالة من الرعب، خصوصا في الأحياء الشعبية المأهولة والتي تنشط فيها العصابات وتعاني من نقص التغطية الأمنية، وقالت جالو في هذا السياق: «لقد أصبح النسوة غير قادرات على القيام بأعمالهن كما ينبغي، فلا يمكنهن التحرك بحرية من شدة الخوف والذعر من الأوضاع الأمنية الحالية، حتى النساء المسنات أصبحن يخشين على أنفسهن فبالاحرى الشابات والفتيات الصغيرات».

وفي سياق حديثها عن الوضع الأمني في نواكشوط، قالت جالو إن الجريمة لم تتوقف في حيز جغرافي معين، مشيرة إلى أنها وصلت إلى المدارس، إذ تم تسجيل حالات اعتداء مسلح وجرائم قتل في الأوساط المدرسية، وهو ما قالت إنه «نتاج ثقافة دخيلة على المجتمع الموريتاني المحافظ والمسالم بطبعه». وأضافت «أطفالنا يذهبون يوميا إلى المدارس ولكننا في كل يوم نظل مرعوبين فلا ندري هل يعودون سالمين أم لا»، وفق قولها.

وخلصت الناشطة الحقوقية وعضو البرلمان الموريتاني إلى القول إن «على السلطات الأمنية الموريتانية، وبشكل خاص وزير الداخلية واللامركزية، وضع استراتيجية أمنية تقوم على إجراءات صارمة للوقوف في وجه مرتكبي هذه الجرائم والحد من انتشارها».

وشهدت المظاهرة النسائية إجراءات أمنية عادية، حيث لم يجر أي احتكاك بين المتظاهرات وعناصر الأمن التي حالت بينهن والوصول إلى بوابة وزارة الداخلية، فيما رفعت المتظاهرات شعارات تندد بانعدام الأمن وتدعو إلى وقف مرتكبي جرائم الاغتصاب والخطف والقتل، وتقديمهم إلى المحاكمة والتوقف عن تسجيل مثل هذه الجرائم الخطيرة ضد مجهول، وقد كتب على بعض اللافتات التي حملت في المظاهرة: «لا لانتشار الجريمة»، «لا للاغتصاب والخطف والقتل»، «الخوف دخل كل البيوت».

يشار إلى أن بعض التقارير الحقوقية الصادرة في نواكشوط، تحدثت عن تزايد جرائم الاغتصاب والعنف ضد النساء والأطفال بشكل وصفته بـ«المخيف»، حيث أكدت الجمعية الموريتانية لصحة الأم والطفل أن المصالح الأمنية والصحية في نواكشوط، سجلت 200 حالة اغتصاب خلال العام الماضي، أغلب ضحاياها فتيات قصر.

وفي سياق متصل، أكدت حركة «لا للإباحية» الشبابية تسجيل أكثر من 20 حالة اغتصاب في نواكشوط وحدها، خلال شهر مارس (آذار) 2013، مؤكدة أن أكثر من 800 حالة اغتصاب تحدث سنويا في موريتانيا، أغلبها في نواكشوط، التي يقدر عدد سكانها بمليون نسمة، من أصل ثلاثة ملايين نسمة عدد سكان موريتانيا.

وكانت منظمة صحة الأم والطفل في موريتانيا قد أصدرت دراسة تفيد بأنه خلال السنوات الأخيرة حدثت 1166 حالة اغتصاب، أكثر من 90 في المائة منها لا يتم التبليغ عنها بسبب تقاليد اجتماعية تكرس الخوف من الفضيحة، وتشير نفس الدراسة إلى أن 65 في المائة من المغتصبات غير بالغات، و90 في المائة غير متزوجات، و23 في المائة أميات، و84 في المائة منحدرات من أسر فقيرة.