مصدر سياسي لـ «الشرق الأوسط»: كيري سيطرح مبادرة سلام جديدة قبل 7 يونيو

وزير الخارجية الأميركي: سنفاجئكم بنجاح مسيرة المفاوضات.. وموقع إسرائيلي يكشف خريطة لفلسطين عرضها أولمرت

وزير الخارجية الأميركي جون كيري يتناول ساندويتش «الشوارما» في مطعم برام الله أمس (أ.ف.ب)
TT

اختتم وزير الخارجية الأميركي جون كيري، محادثات منفصلة أمس مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، (أبو مازن)، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من دون إعلان نتائج على الملأ.

وهذه هي الزيارة الخامسة لكيري منذ توليه منصب وزير الخارجية خلفا لهيلاري كلينتون في 1 فبراير (شباط) الماضي.

ورد كيري، على منتقديه والساخرين من جهوده لدفع مسيرة سلام، وقال بعيد اجتماعه مع نتنياهو إنه راض عن نتائج محادثاته المتواصلة في الشهرين الماضيين. وقال: «أعرف أن هناك من ينتقدون ولا يثقون وهناك من يشككون ويسخرون. لكنني أقول لكم، وليس من باب الدفاع، سوف تفاجأون بنتائج هذه المحادثات في الاتجاهات الإيجابية». وأضاف أنه ملتزم تجاه الشعب اليهودي وبوقوف بلاده إلى جانب إسرائيل في مواجهة التحديات والأخطار وكذلك في صنع السلام، موضحا أن إحدى أهم الركائز لأمن إسرائيل وسلامتها هو في تحقيق تسوية سياسية مع الفلسطينيين ثم مع سائر العرب. وأوضح: «لقد عقدنا جلسات كثيرة وطويلة ونقاشات جادة ومعمقة ودخلنا في أدق التفاصيل ولا نزال. المسألة تحتاج إلى صبر وأناة. وثقتي كبيرة أن هذا الجهد لم ولن يذهب هباء وسنفاجئ الجميع».

وكان كيري قد التقى أبو مازن في مقر الرئاسة في رام الله، وسط مظاهرات فلسطينية ضد السياسة الأميركية. ورفع المتظاهرون الذين يمثلون الفصائل الفلسطينية، شعارات ضد كيري والسياسة الأميركية، من بينها: «كيري نحن لا نثق بك وبأميركا» و«الولايات المتحدة ليست من أصدقاء الشعب الفلسطيني» و«السياسة الأميركية دعم للاحتلال وإجراءاته العدوانية».

وابتدأ الاجتماع بين الرجلين بحضور أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه، وعضو اللجنة صائب عريقات، والناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، ومستشار الرئيس للشؤون الاقتصادية محمد مصطفى، ليتحول لاحقا إلى اجتماع ثنائي استغرق قرابة ساعة.

وقال مصدر سياسي فلسطيني مسؤول لـ«لشرق الأوسط» إن كيري بحث مع أبو مازن ونتنياهو إمكانية إطلاق مبادرة جديدة في يونيو (حزيران) المقبل. وأضاف: «إنه (كيري) كتوم ولا يريد تسريب معلومات، ويبحث الأمور منفردا (مع الزعيمين)، على أمل إقناعهم بإطلاق مفاوضات من جديد». وتابع القول: «حتى الآن واضح أنه لم يستطع إقناع الإسرائيليين، لكنه مستمر في جهوده»، مستطردا «حتى السابع من الشهر المقبل، يفترض أنه سيطلق مبادرته».

إضافة إلى مبادرة السلام، يبحث كيري خطة اقتصادية لدفع عجلة الاقتصاد الفلسطيني، وهي جزء من خطته المتكاملة. وأكد مسؤول رفيع بالخارجية الأميركية للصحافيين أن كيري بحث فعلا دفع السلام وأفكارا لخطة اقتصادية لتعزيز النمو الفلسطيني. ومن غير المعروف على ماذا ستستند مبادرة كيري؛ إذ يحسم ذلك نتيجة لقاءاته مع أبو مازن ونتنياهو.

وبات موقف الفلسطينيين بشأن استئناف عملية السلام معروفا، فهم يريدون وقفا للاستيطان، وإطلاق سراح أسرى، ونفوذا أكبر، وتسليحا جيدا، على قاعدة مفاوضات مرجعيتها حدود عام 1967. ويعتقد أن كيري طلب من نتنياهو وقفا ولو غير معلن للاستيطان، لكنه لم يستجب حتى أمس.

وقال بيان للرئاسة إنه جرى استكمال المواضيع التي بحثها الرئيس وكيري خلال الأسابيع الماضية، حول الجهود المبذولة لإحياء عملية السلام.

وأعاد أبو مازن التأكيد على الموقف الفلسطيني إزاء متطلبات استئناف عملية مفاوضات جادة وذات مصداقية لإنقاذ حل الدولتين. وأثار أبو مازن مرة أخرى، قضايا استمرار الاستيطان، والاعتداءات الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة، واعتداءات المستوطنين على قرى الضفة الغربية، واستمرار اعتقال الأسرى.

وفي تل أبيب، أكد نتنياهو أنه يعتبر نفسه شريكا مع كيري في دفع عملية السلام. وقال: «أنا معني جدا بالتوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، وأعرف أن كيري يشاركني هذا الشعور، ولكنني آمل أن يكون الفلسطينيون معنيين بذلك، فيأتون بلا شروط مسبقة. فأنا واثق من أنه إذا توفرت الإرادة، فإنه يمكن تحقيق كل شيء».

وكان طال بيكر، المستشار السياسي لوزيرة القضاء الإسرائيلية، تسيبي ليفني، المكلفة بملف المفاوضات، قد فاجأ كيري بإعلان التشاؤم إزاء إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، خلال السنتين المقبلتين. ونقلت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، أمس، أنه على الرغم من تصريحات ليفني المتفائلة، المكلفة بإدارة ملف المفاوضات مع الفلسطينيين، حول استئناف المفاوضات، فإن مستشارها السياسي سخر في جلسات مغلقة من هذه المفاوضات وأبدى تشاؤمه إزاء إمكانية تتويجها بالتوصل إلى اتفاق. وبرر بيكر ذلك بقوله: «يسود الأوساط الإسرائيلية شعور قوي بأن الرئيس الفلسطيني غير متحمس للعودة إلى المفاوضات»، وذلك نتيجة المعارضة الشديدة من حركة فتح. ونقلت الصحيفة عن بيكر قوله إن «الضغوط الأميركية على أبو مازن قد تنجح في إقناعه بالعودة إلى التفاوض، لأنه لا يريد إغضاب الأميركيين، وخوفا من تحميله مسؤولية الفشل في تجديد المفاوضات، لكن احتمالات التوصل إلى اتفاق منخفضة جدا».

كما أبدت مصادر فلسطينية تشاؤما مماثلا إزاء مساعي كيري، مشيرة إلى أن الوزير الأميركي فشل في إقناع نتنياهو بقبول مفاوضات مرجعيتها حل الدولتين على أساس حدود عام 67 ووقف الاستيطان، أو الحصول من نتنياهو على خريطة طريق توضح الخطوط التي يراها لتطبيق حل الدولتين.

من جهة ثانية، نشر موقع «واللا» الإخباري العبري، أمس، خريطة يقول إن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، كان قد عرضها في 16 سبتمبر (أيلول) سنة 2008، على أبو مازن، في اجتماع جمعهما في مقر أولمرت بالقدس، تتويجا لمفاوضات طويلة جرت بينهما خلال لقاءات فردية. وقال الموقع إن ما عرضه أولمرت كان «اقتراحا تاريخيا» للتوصل إلى اتفاق سلام بين الطرفين. وتضمنت الخريطة مساحة الدولة الفلسطينية، وهي بمقدار 100% من الضفة الغربية مع تبادل أراض. ويضيف الموقع، أنه خلال ذلك الاجتماع عرض أولمرت على أبو مازن، رؤيته للسلام الشامل بين الطرفين، التي «تضمنت تنازلات كبيرة من قبل إسرائيل للفلسطينيين»، في محاولة للوصول إلى حل على قاعدة حل الدولتين لشعبين.

ويقول موقع «واللا»: «لدى عودة أبو مازن إلى رام الله، أعاد رسم (الخريطة التاريخية) التي عرضها عليه أولمرت، ووصلت نسخة منها إلى موقع (واللا) لتنشرها لأول مرة». ويضيف أن «أولمرت عرض على أبو مازن خريطة كبيرة، تضمنت الاقتراح الخاص بتبادل الأراضي، وطلب توقيع أبو مازن عليها بالأحرف الأولى، إلا أن أبو مازن رفض، بعكس رغبة أولمرت. ولكنه (أبو مازن) وفور عودته من الاجتماع، دخل إلى مكتبه في المقاطعة برام الله، وأسكت جميع الحاضرين، وبدأ برسم الخريطة التي عرضها أمامه أولمرت، لكي تبقى في ذاكرته». ويشير «واللا» إلى أن الخريطة تم رسمها على ورقة تحمل ترويسة السلطة الفلسطينية، ومكتب الرئيس.

وفي مقابلة، أجراها موقع «واللا» مع أولمرت (تنشر كاملة اليوم)، قال إن هذه الخريطة، شبيهة بتلك التي عرضها هو على الرئيس عباس، موضحا أنه عرض عليه وبكل وضوح استعداده، في إطار الاتفاق مع الفلسطينيين، للتنازل عن السيادة الإسرائيلية على الحرم القدسي الشريف. وتتضمن الخريطة حسب ما استعرضه مراسل الموقع العبري في شريط فيديو أرفق بالخبر، المناطق التي سيحصل عليها كل طرف ضمن عملية التبادل. فوفق الخريطة، ستحتفظ إسرائيل بالتجمعات الاستيطانية الرئيسة الثلاثة (تجمع مستوطنة أريئيل في الشمال، والتجمع الاستيطاني في القدس ومعاليه أدوميم في الوسط، والتجمع الاستيطاني غوش عتصيون في الجنوب قرب بيت لحم). وفي المقابل، فإن الفلسطينيين سيحصلون على مناطق بديلة (في منطقة الشمال، وفي منطقة العفولة - بيسان، وفي الوسط، ومنطقة لخيش، وفي الجنوب في منطقة صحراء جنوب الضفة، بالإضافة إلى مناطق من النقب ستلحق بقطاع غزة).

وأوضح أن أبو مازن كتب نسبة تبادل الأراضي، لكلا الطرفين (داخل المربع) في أعلى الصفحة، وهي على النحو التالي: يحصل الإسرائيليون على 6.8% من الأراضي مقابل 5.5% من الأراضي سيحصل عليها الفلسطينيون. إلا أن المراسل قال إن الأرقام الصحيحة وفق ما أخبره أولمرت، هي 6.3% للإسرائيليين مقابل 5.8% للفلسطينيين. ويعود الفارق إلى أن أولمرت اعتبر الممر الآمن بين قطاع غزة والضفة الغربية أرضا تابعة للدولة الفلسطينية.