مباحثات التمديد للمجلس النيابي اللبناني مستمرة.. ووزارة الداخلية جاهزة للانتخابات وفق الستين

مصادر الرئيس: يرفض التمديد التقني لأكثر من 6 أشهر

TT

في موازاة احتدام الوضع الأمني في لبنان، الذي ينعكس بدوره على الوضع السياسي، ولا سيما «تشكيل الحكومة المجمد» و«الانتخابات النيابية المؤجلة حكما»، لا تزال المباحثات بشأنهما تسير على إيقاع التطورات المحلية والإقليمية، وما ينتج عنها من خلافات بين الفرقاء الذين يتمسك كل منهم بشروطه بما يعيق إجراء الاستحقاقات الدستورية في موعدها.

ورغم ضبابية الصورة على الصعيدين الحكومي والانتخابي، بدأت القوى السياسية تباعا تقديم طلبات الترشيح للانتخابات وفق «قانون الستين» النافذ، في حين لا تزال الاتصالات مستمرة بين مختلف الفرقاء سعيا للتأجيل، بل وتحديد مدة تمديد ولاية المجلس النيابي التي تنتهي في 20 يونيو (حزيران) المقبل.

وانطلاقا من هذه الوقائع وما يحكى عن حتمية التمديد للمجلس، أكدت مصادر الرئيس اللبناني ميشال سليمان لـ«الشرق الأوسط» رفضه التمديد أكثر من ستة أشهر، أي التأجيل التقني الذي يمنح فرصة للقوى السياسية التوافق على قانون جديد، أما إذا عجزوا عن ذلك فلا بد عندها من الذهاب إلى الانتخابات وفق «قانون الستين» النافذ، الذي لا يمكن إلغاؤه إلا بقانون، «رغم إقراره بأنه أسوأ ما يكون».

وحضرت أجواء الاستشارات الحكومية والنقاشات النيابية المتعلقة بإنجاز قانون جديد للانتخاب في اجتماع جمع سليمان أمس برئيس الحكومة المكلف تمام سلام. وفي هذا الإطار أكدت مصادر سليمان أنه «لا شيء جديدا على صعيد تأليف الحكومة، ولا صحة لما يحكى عن تشكيلة جاهزة، والأمور لم تصل إلى هذه المرحلة بعد، لا سيما في ظل تمسك الفرقاء السياسيين بشروطهم»، مشيرة إلى أن «اللقاء تركز على التطورات المحلية والخيارات المطروحة وفقا لها، من دون أن تنفي أن مصير الحكومة معلق بمصير قانون الانتخاب».

وفي حين لفتت المصادر إلى «استمرار توافق الرئيسين سلام وسليمان على المبادئ الأساسية لتشكيل الحكومة، وأهمها أن تحظى بأكبر قدر من الإجماع اللبناني وأن لا تتضمن أسماء نافرة ومرشحين للانتخابات النيابية»، اعتبرت أن «الجميع في لبنان يسير على الإيقاع الإقليمي، وهذا واضح من خلال الانتظار والمماطلة في معالجة الأمور المحلية وبالتالي عدم التقدم على الصعيدين الحكومي والانتخابي».

وبعدما كان وزير الدولة في حكومة تصريف الأعمال نقولا فتوش قد تقدم باقتراح قانون لتمديد ولاية المجلس لسنتين، أصدرت هيئة الاستشارات في وزارة العدل أمس قرارا يجيز لحكومة تصريف الأعمال تعيين هيئة للإشراف على الانتخابات وصرف النفقات الانتخابية، ما يعني عمليا الاستمرار بالتحضيرات للانتخابات النيابية وفق قانون الستين. وهذا ما أكده وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل بإشارته إلى «جهوزية وزارته لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر في 16 يونيو (حزيران) المقبل أو بتأجيل تقني».

في المقابل، وفي حين يبدي النائب ميشال عون اعتراضه المطلق على التمديد، مفضلا اعتماد «قانون الستين»، وتتريث كتلة المستقبل بقرارها، تعكس تصريحات ممثلي بقية الكتل النيابية ميل معظمهم نحو تمديد ولاية المجلس، وهذا ما عبر عنه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع قائلا: «لست مقتنعا بالستين، وكلنا كذلك، ونرفضه رفضا قاطعا بكل تعديلاته»، بينما سبق لرئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط أن أعلن تأييده التمديد لسنتين.

من ناحيته أكد النائب ميشال المر أنه «مع إجراء الانتخابات النيابية في موعدها وفقا للنصوص والمهل الدستورية المحددة»، مشيرا في الوقت عينه إلى أنه يؤيد التمديد إذا توافق الأفرقاء على قانون للانتخاب، ومعلنا التقدم بترشيحه لكي يثبت أنه مع الانتخابات وبأسرع ما يمكن. وتابع القول: «موقف بري واضح، وقد أعلنه ويعلنه، وهو أنه لا يريد أن يصل البلد إلى الفراغ الدستوري، وهو يبذل كل جهده للوصول إلى الحل الذي يجنبنا الفراغ. وقد تشاورنا في طروحات كثيرة وكلها من أجل عدم الوصول إلى الفراغ»، كاشفا أن هناك طروحات جديدة وسيعلن عنها في اليومين المقبلين.

بدوره أشار عضو كتلة التحرير والتنمية النائب ميشال موسى إلى «عدم إحراز أي تقدم ملموس نحو حل يرضي القوى السياسية حتى الساعة، إن كان تأجيلا تقنيا للانتخابات أو عودة إلى قانون الستين». وأوضح أن «الدعوة إلى عقد جلسة عامة مرتبطة تماما بتوافق الفرقاء على قانون انتخاب جديد». ولفت موسى إلى أنه «لا قرار بعد في هذا الشأن لكن في حال اتجاه الكتل إلى تقديم ترشيحاتها على أساس الستين فسنكون ملزمين، ولكن لا يعني ذلك أن الأمور ستتجه نحو الستين». كذلك، عبر النائب سيمون أبي رميا عن موقف «تكتل التغيير والإصلاح» موضحا أن «التكتل ضد التمديد لمجلس النواب وقد عبرنا عن ذلك. سنستمر حتى النهاية في معركتنا لتحقيق المناصفة الحقيقية في لبنان».

من جهته، اعتبر راعي أبرشية بيروت للموارنة المطران بولس مطر أنه «لو عولج موضوع حقوق المسيحيين منذ 20 سنة لما طرح القانون الأرثوذكسي اليوم»، مشددا على أنه «لا يجوز عدم إجراء الانتخابات النيابية». واعتبر أن «مجلس النواب لم يعمل شيئا خلال 4 سنوات، فماذا يمنع إقامة عقد استثنائي للتوصل إلى قانون انتخاب؟»، مشددا على أن «مواقف الاتهام غير مفيدة من قبل أحد، ونحن في وضع دقيق، وإذا أردنا لبنانا مستقرا يتطلع إلى الأمام فنحن بحاجة إلى شراكة حقيقية، وهذه قيمة لبنان».

وكان للسفيرة الأميركية لدى لبنان مورا كونيللي موقف حيال الانتخابات النيابية، معتبرة أن «العملية الديمقراطية في لبنان هي عامل أساسي للاستقرار». ولفتت خلال لقائها وزير الداخلية إلى «التأييد الشعبي الكاسح في أوساط الشعب اللبناني لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها»، مرحبة بـ«الجهود التي تبذلها الوزارة للإعداد للانتخابات، تماشيا مع المتطلبات القانونية والدستورية في لبنان ومن أجل احترام القيم الديمقراطية فيه».