أوباما يحدد الخطوط العريضة لسياسته الجديدة في مكافحة الإرهاب

مصادر تحدثت مسبقا عن عزمه الحد من اللجوء لعمليات «درون» وتسريع إغلاق غوانتانامو

متظاهرون يقفون خلف طائرة «درون» وهمية خارج «جامعة الدفاع الوطني» حيث كان مقررا أن يلقي أوباما خطابه أمس (رويترز)
TT

كان مقررا أن يلقي الرئيس الأميركي باراك أوباما الليلة الماضية خطابا يحدد فيها إطارا جديدا للاستراتيجية الأميركية لمكافحة الإرهاب مع الإعلان عن الحد من استخدام الطائرات من دون طيار (درون) والتشديد على ضرورة إغلاق سجن غوانتانامو العسكري. وأفادت مصادر مطلعة مسبقا أن الرئيس أوباما سيشرح كيفية الرد على «التهديدات الجديدة الصادرة عن مجموعات متحالفة مع القاعدة والخلايا المتطرفة المعزولة والإرهابيين» المتطرفين على الأراضي الأميركية مثل الشقيقين تسارناييف المنفذين المفترضين لاعتداء بوسطن الشهر الماضي. وذكرت المصادر أن خطاب أوباما في «جامعة الدفاع الوطني» في واشنطن سيتطرق أيضا إلى «الحرب السرية» التي تخوضها الطائرات من دون طيار في وقت تثير فيه هذه العمليات السرية التي تشن في عدة دول خارج مناطق النزاعات وتديرها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) جدلا متزايدا.

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» مسبقا أن الرئيس أوباما سيشدد على ضرورة تقليص استخدام الطائرات من دون طيار. ومن جانبها، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول أميركي، قوله إن أوباما، وفي إطار رغبته في اعتماد «شفافية» أكبر، سيتحدث عن «السياسة والحجة القانونية التي تفسر كيف تتحرك الولايات المتحدة مباشرة ضد القاعدة وحلفائها وبينها وسيلة الضربات بطائرات من دون طيار»، و«سيفسر الأسباب التي تجعل من اللجوء إلى هذه الطائرات ضروريا، وقانونيا وعادلا مع الرد في الوقت نفسه على الأسئلة» التي تثيرها هذه العمليات التي أدت إلى توتر كبير مع باكستان بشكل خاص.

وبحسب حصيلة الجمعية البريطانية لصحافة التحقيق فإن الهجمات بالطائرات من دون طيار التي قامت بها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) أوقعت 3577 قتيلا منذ 2004 في باكستان بينهم 884 مدنيا. وقبل الخطاب الرئاسي، كشفت الإدارة الأميركية الأربعاء للمرة الأولى رسميا أنها قامت بقتل المتشدد أنور العولقي وثلاثة مواطنين أميركيين آخرين في ضربات في الخارج منذ 2009.

وفي رسالة إلى الكونغرس عشية خطاب أوباما أقر وزير العدل اريك هولدر بأن واشنطن استهدفت الإمام العولقي في اليمن في سبتمبر (أيلول) 2011. وقال هولدر إنه «منذ 2009، قامت الولايات المتحدة في إطار عملياتها لمكافحة الإرهاب ضد القاعدة والقوة الشريكة لها خارج مناطق القتال، باستهداف وقتل مواطن أميركي واحد على الأقل هو أنور العولقي». وأضاف أن «الولايات المتحدة أبلغت بمقتل ثلاثة أميركيين آخرين في عمليات مماثلة لمكافحة الإرهاب في الفترة نفسها هم سمير خان وعبد الرحمن أنور العولقي وجود كنعان محمد»، مؤكدا في الوقت نفسه أن «الولايات المتحدة لم تستهدف هؤلاء بالتحديد».

وأنور العولقي المولود في الولايات المتحدة لعائلة يمنية، قتل في قصف نفذته طائرة من دون طيار في اليمن إضافة إلى أميركيين اثنين آخرين هما نجله عبد الرحمن العولقي (16 عاما) وسمير خان الذي يقوم بالدعاية بالإنجليزية لـ«القاعدة». وكانت واشنطن تتهم العولقي بأنه المنظر السياسي لفرع «القاعدة» في اليمن وبالتورط في سلسلة من محاولات الاعتداء بينها محاولة الاعتداء على طائرة لشركة طيران أميركية في عيد الميلاد 2009 نفذها شاب نيجيري خبأ المتفجرات في ملابسه الداخلية. أما المواطن الأميركي الرابع الذي قتل في الخارج بيد الولايات المتحدة فقدمه هولدر باسم جود كنعان محمد الذي ولد، بحسب ملف البحث عنه لدى الشرطة الفيدرالية، في نهاية 1988 في فلوريدا وكان في باكستان.

وأكد هولدر في الرسالة إلى الكونغرس أنه «استنادا إلى المبادئ القانونية التي تعود إلى أجيال وقرارات المحكمة العليا التي صدرت في الحرب العالمية الثانية وخلال النزاع الحالي، من الواضح والمنطقي أن المواطنة (الأميركية) لا تجعل هؤلاء الأفراد (الذين يخططون لمهاجمة الولايات المتحدة) محصنين من الاستهداف». وكان الرئيس باراك أوباما وصف مقتل العولقي بأنه «ضربة قاسية جدا للفرع الأكثر نشاطا للقاعدة». لكن الإدارة الأميركية لم تقر رسميا من قبل على الإطلاق بأنها وراء الضربة التي نفذتها طائرة من دون طيار وأدت إلى مقتله حتى ولو أن ذلك لم يكن مدعاة أي شك.

وتؤكد مجموعات مدافعة عن حقوق الإنسان أن مثل هذه الاغتيالات مخالفة للدستور وللقانون الأساسي للولايات المتحدة الذي يضمن للرعايا الأميركيين حق الاستفادة من محاكمة قضائية. لكن وزارة العدل قالت إنها أعدت حجة تضع إطارا لمثل عمليات التصفية هذه لأميركيين في الخارج. وقال ديكسون أوزبورن من منظمة «هيومن رايتس فيرست» إن «السؤال الكبير هو الشفافية» مضيفا «ليس هناك من وصف واضح للإطار القانوني لبرامج الاغتيالات المحددة الأهداف».

وبينما تجد الإدارة الأميركية نفسها في موقع دفاعي في الكونغرس بخصوص موضوع اعتداء بنغازي (ليبيا) في 2012 الذي أثار غضب وسائل الإعلام بعد الكشف عن مصادرة بيانات هاتفية من وكالة أسوشييتدبرس، سيتحدث أوباما عن «الطريقة التي نتوصل بها إلى إيجاد توازن بين الأمن وحماية الحريات» كما أفاد مسؤول أميركي.

وكان متوقعا أن يتطرق أوباما في خطابه أمس أيضا إلى وضع معتقل غوانتانامو بعدما وعد في الآونة الأخيرة بمضاعفة الجهود من أجل إغلاق هذا السجن العسكري حيث ينفذ 103 من المعتقلين الـ166 إضرابا عن الطعام، وهو وعد قديم سبق أن أعلنه خلال حملته الانتخابية لكن الكونغرس كان يقوضه حتى الآن.

وقال المسؤول نفسه إن الرئيس «سيعلن عدة إجراءات محددة للتقدم» في اتجاه إغلاق غوانتانامو. وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلا عن مسؤولين في الإدارة الأربعاء أن أوباما سيعطي إشارة استئناف نقل معتقلين إلى دول أخرى وهي العملية التي تباطأت بشكل أنه لم يتم أي نقل في عام 2013. وأضافت الصحيفة أنه من المرتقب بشكل خاص تجميد نقل معتقلين إلى اليمن «في الأسابيع المقبلة».