السويد: شغب في أحياء مهاجرين يهز صورة الهدوء الملازمة للبلاد

حادثة قتل أشعلت الفتيل.. ومساع لاحتواء الوضع قبل زفاف الأميرة مادلين

عناصر الإطفاء يحاولون إخماد نيران مشتعلة في سيارات بضاحية رينكبي في استوكهولم (إ.ب.أ)
TT

تسعى السلطات السويدية لاحتواء أحداث شغب تكررت على مدى الليالي القليلة الماضية في أحياء يتركز فيها المهاجرون بالعاصمة استوكهولم. وهزت هذه الأحداث صورة الهدوء الملازمة لهذا البلد الإسكندنافي، بينما قالت شرطة العاصمة إنها ستطلب تعزيزات من مناطق أخرى لمساعدتها في التعامل مع الشغب وتأمين مباريات لكرة القدم وزفاف الأميرة مادلين (الثالثة في ترتيب ولاية العرش) المبرمج في الثامن من يونيو (حزيران) المقبل.

والليلة قبل الماضية، أضرمت النيران في أكثر من عشر سيارات ومدارس ومتاجر بالإضافة إلى مخفر للشرطة، قبل أن تنتقل أجهزة الإطفاء إلى أكثر من 70 موقعا في استوكهولم وضواحيها من أجل إخماد الحرائق المشتعلة. إلا أن ليل الخميس/ الجمعة كان أكثر هدوءا من الليل السابق عندما انتشرت سيارات الإطفاء على أكثر من تسعين موقعا، حسبما أشار المتحدث باسم الشرطة كيال ليندغرين، الذي تحدث عن «تراجع في حدة» أعمال العنف. وقال ليندغرين أيضا إنه تم توقيف 13 شخصا تتراوح أعمارهم بين 17 و26 عاما، لكن من دون الإشارة إلى وقوع إصابات.

وفي رينكبي التي تعيش فيها غالبية من المهاجرين، سارع رجال الإطفاء لإخماد النيران التي أتت على ست سيارات مركونة إلى جانب بعضها. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها أمس إن خمس سيارات دمرت بشكل كامل بينما تعرضت السيارة السادسة لأضرار أقل. وأحرقت ثلاث سيارات أخرى في ضاحية نورسبورغ بالإضافة إلى مخفر للشرطة في اليفسيو إلا أن النيران أخمدت على الفور.

وأشار رجال الإطفاء إلى أن حريقا أشعل في مدرسة في ضاحية تينستا التي يسكنها مهاجرون، وأيضا في دار حضانة في ضاحية كيستا، إلا أن الحريقين أخمدا بشكل سريع. وأفادت الشرطة في بلدة سودرتيليي (جنوب استوكهولم) أن مثيرين للشغب ألقوا حجارة على عناصر الشرطة الذين أرسلوا إلى المكان بعد ورود تقارير بإشعال نيران في سيارات. وامتدت النيران من سيارة في ضاحية يوردبرو إلى أحد المراكز التجارية الذي تعرض لأضرار جسيمة قبل أن تتمكن أجهزة الإطفاء من إخماد الحريق.

ويبدو أن الاضطرابات التي بدأت الأحد في ضاحية هاسبي مردها إلى إطلاق الشرطة النار على رجل عمره 69 عاما من سكان هذه الضاحية كان يحمل ساطورا في الشارع مما أدى إلى مصرعه الأسبوع الماضي. وفر الرجل إلى شقته حيث قالت الشرطة إنها حاولت التوسط معه لكن الأمر انتهى بإطلاق النار عليه ومقتله في ما أشارت إليه بأنه دفاع عن النفس.

وقال سكان محليون إن إطلاق النار أثار الغضب بين شبان ادعوا أنهم تعرضوا لأعمال عنف من قبل الشرطة. وخلال الليلة الأولى من أعمال الشغب، قال الناشطون إن الشرطة نعتتهم بـ«المتشردين والقرود والزنوج».

من جهته، صرح رئيس شرطة استوكهولم ماتس لوفينغ أمس أن منفذي أعمال الشغب هم من الشبان المحليين. وأضاف لإذاعة السويد: «هناك أيضا بينهم مجموعة صغيرة من المجرمين المحترفين الذين يستغلون الوضع لارتكاب جرائم مثل هذه».

وحاولت الشرطة التقليل من أهمية الأحداث ونطاقها. وكان نائب رئيس شرطة استوكهولم أولف يوهانسون صرح الخميس أن «كل جريح يشكل مأساة وكل سيارة محترقة إشارة إلى فشل المجتمع، لكن استوكهولم لا تحترق وعلينا النظر إلى الوضع بموضوعية». وأثارت أعمال الشغب التي هزت صورة السويد كبلد مسالم يعتمد المساواة، جدلا واسعا حول اندماج المهاجرين الذين يمثلون 15 في المائة من السكان. ويعاني قسم كبير من المهاجرين الوافدين للاستفادة من سياسة اللجوء المتسامحة، لتعلم اللغة والعثور على وظائف وذلك على الرغم من عدة برامج حكومية لهذه الغاية.

واعتبر خبير علم الاجتماع في جامعة مالمو إيي كارلبورن أن سكان المناطق ذات الغالبية من المهاجرين غالبا ما يعيشون معزولين عن سائر أطياف المجتمع السويدي. وأضاف كارلبورن أن «العيش منذ الشباب في أماكن تعاني من التمييز يمكن أن يكون صعبا للغاية من نواح عدة. قد لا يكون هناك أي اتصال مع غيرهم من السكان وفي غالبية الأحيان لا أعتقد أن لديهم إدراكا كافيا للمجتمع السويدي». وعلى سبيل المثال، فإن 80 في المائة من سكان ضاحية هاسبي البالغ عددهم 12 ألف شخص هم من المهاجرين.

وباتت السويد بفضل سياسة الهجرة الليبرالية التي تعتمدها إحدى أبرز الوجهات التي يقصدها المهاجرون إلى أوروبا سواء بشكل عام أو بالقياس إلى مساحتها. وفي العقد الماضي، استضافت السويد مئات آلاف المهاجرين من العراق وأفغانستان وسوريا والصومال والبلقان ومن دول أخرى أيضا. وفي عام 2010، شهدت ضاحية رينكبي أعمال عنف لليلتين على التوالي، بينما أثار مئات الشبان في عام 2008 أعمال شغب ضد الشرطة في مالمو (جنوب) احتجاجا على إغلاق مركز ثقافي إسلامي.

ونسب وزير الاندماج الحالي أريك أولينهاغ أعمال العنف الحالية إلى ارتفاع نسبة البطالة والعزلة الاجتماعية في المناطق ذات الغالبية من المهاجرين في البلاد. وفي هاسبي، بلغت نسبة البطالة الإجمالية 8.8 في المائة في 2012، مقارنة مع 3.3 في المائة في استوكهولم، بحسب الأرقام الرسمية.