«نصب الشهيد» يعود إلى الواجهة بصلاة جمعة موحدة بين الشيعة والسنة في بغداد

أستاذ في الحوزة: «الخلاف سياسي ذو طبيعة مصلحية وليست وطنية»

TT

على الرغم من كونه مصنفا من قبل الحكومة العراقية بأنه ضمن تراث الحرب العراقية - الإيرانية (1980 - 1988)، وبعد نحو أكثر من ربع قرن على تشييده من قبل النحات العراقي الراحل إسماعيل فتاح الترك، عاد «نصب الشهيد» اليوم إلى الواجهة من جديد، عندما أقام الوقفان السني والشيعي، صلاة جمعة موحدة فيه.

صلاة الجمعة الموحدة التي دعا إليها رئيس الوزراء نوري المالكي مؤخرا بعد تصاعد أعمال العنف الطائفي في البلاد، التي تتزامن مع أزمة سياسية حادة تأتي بمثابة محاولة لجمع السنة والشيعة معا، طبقا للبيان الذي أصدره المالكي بهذا الخصوص معتبرا أن «إقامة صلاة موحدة يفهم منها أنها تجمع العراقيين من الشيعة والسنة وهذا ما نتمناه، فالصلاة الموحدة الحقيقية يجب أن تجمع المسلمين بكل طوائفهم في مسجد واحد، وأنا أدعو إلى إقامة صلاة موحدة بهذا الشكل في أحد مساجد بغداد الكبيرة، وتستمر بصورة دائمة كل يوم جمعة».

لكن المفارقة اللافتة للنظر أن الصلاة الموحدة لم تُقَم في جامع سني أو شيعي، مثلما ورد في مضمون بيان المالكي، بل أقيمت في «نصب الشهيد». وطبقا للخطبتين اللتين تداول على إلقائهما رئيسا ديوان الوقفين الشيعي صالح الحيدري، والسنِّي أحمد عبد الغفور السامرائي، فإنهما أكدا أن العراقيين لن ينجروا إلى الفتنة الطائفية مرة أخرى. ونقل الحيدري عن المرجع الشيعي الأعلى آية الله العظمى علي السيستاني، قوله إن «المرجعية الدينية بإمامة السيد علي السيستاني، يقول لا يوجد صراع ديني بين الشيعة والسنة في العراق، بل هناك أزمة سياسية ومن الفرقاء من يمارس العنف الطائفي للحصول على مكاسب سياسية، ويقول أيضا إن البعض لا يتورع عن استخدام العنف للوصول إلى الأهداف المرسومة».

من جهته، أكد رئيس الوقف السني أحمد عبد الغفور السامرائي في خطبته: «إننا نوجه كلامنا إلى أصحاب المنابر السياسية والبرلمانية والإعلامية والاجتماعية إلى اختيار كلمات تجمِّع ولا تفرّق وتوحد ولا تشتت، وتبشر ولا تنفر، ونخاطبهم أين نحن اليوم من الكلام السديد؟! فكلمة واحدة ممكن أن تؤجج الشارع وأخرى قد تخفف الاحتقان». وأضاف: «إننا نبرأ إلى الله ممن يستهدف الجيش والشرطة، وحرام من يستهدف المتظاهرين السلميين».

ومن جهته، أكد رئيس لجنة الأوقاف والشؤون الدينية في البرلمان العراقي والقيادية البارز في حزب الدعوة علي العلاق في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الهدف من الصلاة الموحدة هو تعزيز الإخوة الإسلامية بين أبناء العراق سنة وشيعة، وهي رد حاسم على كل دعاة الفتنة ممن يرون أن العراقيين ممزقون». وأضاف العلاق أن «العراقيين موحدون حيال الإرهاب وحيال أصحاب الأجندات الخارجية»، داعيا السياسيين إلى «استثمار مثل هذه الأجواء بإجراء حوارات حقيقية وجادة من أجل الخروج من المأزق السياسي الراهن، مع أننا مطمئنون أن العراقيين سوف يتجاوزون هذه المحنة».

لكن أستاذ الحوزة العلمية في مدينة النجف حيدر الغرابي والمقرب من المرجعية الدينية العليا هناك، شن هجوما عنيفا على رجال الطبقة السياسية العراقية. وقال الغرابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المسألة أكبر من صلاة موحدة، لأنه لا توجد أصلا مشكلة بين الشيعة والسنّة حتى ترغموا من تريدون إرغامه على المجيء إلى نصب الشهيد لإقامة صلاة سياسية موحدة».

وأضاف الغرابي أن «الخلاف سياسي وهو ذو طبيعة مصلحية وليست شرعية أو وطنية، والمرجعية الدينية شخصت ذلك، وهي لديها موقف حاسم من السياسيين الذين أوصلوا البلاد إلى ما هي عليه الآن».

وأكد الغرابي: «نعلم جيدا أن السنة والشيعة في العراق متحابون، ولن يكون بينهم خلاف يؤدي إلى الحرب والفتنة، ولكنّ هناك أطرافا سياسية تعمل على إثارة الفتنة، التي يدفع ثمنها بسطاء الشيعة والسنة»، مشيرا إلى أن «المرجعية سبق أن حذرت من أنه في حال حصل اقتتال طائفي، فإنها سوف ترفع يدها، لأن الاحتكام سيكون للأسف إلى الرصاص».