كيري يجتمع بلافروف لمناقشة «جنيف2».. والمعارضة تضع شرطين للحضور

«الحر» يتصدى لهجوم ثالث على القصير.. والنظام يستخدم الكيماوي بريف دمشق

إحدى أسواق حلب الأثرية المدمرة نتيجة القصف (أ.ب)
TT

أجرى وزير الخارجية الأميركي جون كيري اتصالا هاتفيا بنظيره الروسي سيرغي لافروف أمس لمناقشة الجهود الرامية لحمل الأطراف المتصارعة في سوريا على حضور مؤتمر السلام. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها إن المحادثة الهاتفية «ناقشت الموقف في سوريا في سياق مؤتمر دولي لتسوية سلمية في البلاد» مضيفة أن الوزيرين سيلتقيان في العاصمة الفرنسية باريس بعد غد لمتابعة التحضير لمؤتمر «جنيف2» وذلك بعد اجتماع عمان للنواة الأساسية لمجموعة أصدقاء سوريا وبعد اجتماعات إسطنبول للائتلاف السوري المعارض.

إلى ذلك، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر واسعة الاطلاع في باريس أن كيري اقترح على مجموعة الـ11 أن تحضر إيران «جنيف2» بصفة «مراقب» إلا أن الاقتراح الأميركي لاقى معارضة قوية من دول إقليمية وأوروبية، التي اعتبرت الطرح «رضوخا للرغبات الروسية وخروجا عن القاعدة الأساسية التي قالت بأن المشاركين في جنيف2 هم أنفسهم من شاركوا في جنيف1».

وفي سياق متصل، وضع رئيس المكتب الإعلامي للائتلاف السوري خالد الصالح مشاركة الائتلاف في أي مبادرة دولية لحل الأزمة السورية وفق شرطين هما، تحقيق طموحات الشعب السوري وآماله وحقوقه، وعدم تضمن المرحلة الانتقالية أي مشاركة من قبل الرئيس بشار الأسد ومن تلطخت أيديهم بدماء السوريين. وأضاف الصالح: «إن الائتلاف استمع لطروحات الجانب الأميركي عبر السفير روبرت فورد، ولم يطرح فيها أي أجندة واضحة عن المؤتمر، وعن المشاركين والدول المشاركة، وعن أهداف المؤتمر، حيث هناك ضبابية، والمعلومات غير كافية»، مشيرا إلى أن الائتلاف لا يمكنه اتخاذ أي موقف سياسي في ظل هذه الضبابية.

ميدانياً, تواصلت الاشتباكات العنيفة، أمس، في مختلف المدن السورية بين كتائب الجيش السوري الحر والقوات النظامية، تزامنا مع أنباء عن استخدام نظام الرئيس بشار الأسد لأسلحة كيماوية في عدرا بريف دمشق. وأرخت المعارك المندلعة في منطقة القصير بريف حمص بظلالها على شعارات المتظاهرين السوريين، إذ خرجت مظاهرات منددة بمشاركة حزب الله اللبناني في الصراع السوري، رفعت شعار «دجال المقاومة.. القدس ليست في حمص»، في إشارة لزعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله.

وارتفعت وتيرة المواجهات في القصير، إذ أفاد عبد الحليم غنوم، عضو القيادة العسكرية في الجيش الحر وقائد تجمع لواء صقور الفتح في القصير لـ«الشرق الأوسط» بأن «قوات الجيش الحر تمكنت من صد هجوم ثالث من عناصر النظام السوري وحزب الله على مدنية القصير». وأوضح أن «القوات النظامية تحاول اقتحام القصير من 3 محاور الشرق والجنوب والشمالي الغربي عن طريق قرية الحميدية». وأشار إلى «قصف كثيف يستهدف المدينة إضافة إلى إطلاق صواريخ يتصاعد منها دخان أبيض كثيف ما يدل على احتوائها مواد سامة»، على حد تعبيره.

وأفادت إدارة الإعلام المركزي في القيادة المشتركة للجيش السوري الحر وقوى الحراك الثوري في بيان لها عن تسلل عناصر من حزب الله صباح أمس، إلى مدينة القصير من المحور الشرقي ووقعوا مجددا في كمائن أعدها «الجيش الحر»، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 10 منهم وجرح عدد آخر غير معروف. وبحسب البيان، ترافقت «عملية التسلل مع قصف جوي عنيف وسقوط العشرات من قذائف المدفعية والصواريخ على المدينة مما أسفر عن دمار واسع في منازل المدنيين».

وقال الغنوم، إن «استراتيجية المعارضة المسلحة في القصير تبدلت نتيجة المعطيات الميدانية وبعد أن كانت تركز على الدفاع بادرت (كتائب الحر) إلى اتباع أسلوب الهجوم والدفاع معا». ولفت إلى «قيام مقاتلي المعارضة بالالتفاف على عناصر حزب الله والهجوم على منطقة جوسيه والاستيلاء على 3 مواقع عسكرية، الأمر الذي أربك الحزب والنظام أيضا».

وفي أول رد فعل رسمي حيال مشاركة حزب الله في القتال إلى جانب نظام الأسد، نبه الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس حزب الله إلى «الفتنة» بسبب مشاركته في المعارك إلى جانب القوات النظامية السورية لا سيما في مدينة القصير الاستراتيجية، بحسب ما جاء في كلمة ألقاها خلال زيارته وزارة الدفاع الوطني. وقال سليمان «إن معاني المقاومة أعلى وأسمى من كل المعاني ومن أن تغرق في رمال الفتنة، إن في سوريا، أو في لبنان، أكان ذلك لدى شقيق أو صديق»، وذلك في إشارة إلى الحزب ذي الترسانة الضخمة من الأسلحة التي يشدد أن الهدف منها «مقاومة» إسرائيل. وأضاف سليمان بحسب بيان وزعه المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية «أن الأمل لا يزال كبيرا بالمبادئ التي يعتنقها الجيش اللبناني ومعاني المقاومة السامية التي حاربت وحررت ليس من أجل قضية مذهبية بل من أجل قضية وطنية قومية بكامل أبعادها».

إلى ذلك، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مقاتل في حزب الله عاد من معارك القصير قوله: «بعد أن اجتزنا ثلثي المدينة متجهين إلى شمالها، خرج مقاتلو المعارضة من الإنفاق وبدأوا بإطلاق النار علينا. خسرنا الكثير من المقاتلين، وكلهم أصيبوا برصاصات في الظهر». وأضاف المقاتل الذي يدعى حسن أن «مقاتلي المعارضة السورية بالمئات ومنظمين ومسلحين بشكل كبير واستخدموا رصاصا متفجرا، وتطلب القضاء عليهم وقتا». وأشار إلى أن «السيطرة على هذه الجهة الشمالية قاسية وصعبة. وثمة قناصة في كل مكان»، مؤكدا أن «الأمر سيكلف الحزب الكثير، لكنه سيسيطر على الوضع».

وفي موقف علني هو الأول من نوعه، قال رئيس كتلة حزب الله النيابية النائب محمد رعد، إن «الحملة التي تستهدف حزبه، بسبب ما يقوم به في منطقة القصير السورية، تعود إلى فشل خيارات أصحاب هذه الحملة التي راهنوا من خلالها على إثارة فتن، وتعريض قوة الممانعة للتصدع أرضاء للمشروع الأجنبي بالمنطقة».

وفي ريف دمشق، بث ناشطون معارضون صورا على الإنترنت تظهر أشخاص في منطقة عدرا، أصيبوا بحالات اختناق وضيق بالتنفس وتوسع بحدقة العين جراء إلقاء القوات النظامية قنابل كيماوية على البلدة. ويقول ناشطون، إن هذه «هي المرة الثانية التي تستخدم فيها قوات النظام السلاح الكيماوي في بلدة عدرا». وفي هذا الإطار، ندد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في بيان أصدره أمس بـ«العجز الدولي أمام استخدام نظام الأسد للسلاح الكيماوي». ودعا «المجتمع الدولي إلى الوفاء بتعهداته المتعلقة برد قوي وجدي على النظام ووضع حد لجرائمه».