«الشرق الأوسط» تحصل على ورقة عمل بريطانية لتوريد السلاح للائتلاف الوطني

تتضمن تعديلا في لغة الحظر الأوروبي المعمول به

TT

حصلت «الشرق الأوسط» على ورقة عمل قدمتها الحكومة البريطانية إلى الاتحاد الأوروبي، تحثه فيها على رفع الحظر عن توريد السلاح للمعارضة السورية، متمثلة بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية. وانطلقت الدعوة من أن الوضع في سوريا ينحدر من السيئ إلى الأسوأ، في ظل تزايد احتمالات استخدام نظام الرئيس بشار الأسد لأسلحة كيماوية لسحق الثورة الساعية لإسقاطه، واتجاه المعارضة المسلحة نحو مزيد من التطرف.

وأشارت الورقة إلى أن لندن وباريس متفقتان على أن تسليح «الأطراف المعتدلة في المعارضة بأسلحة فتاكة» سيزيد من الضغط على نظام الأسد ويدفعه نحو الجلوس على طاولة المفاوضات، ويعزز من قدرة «المعتدلين» في المعارضة على مواجهة «القوى المتطرفة» فيها. واقترحت في سبيل تحقيق هذه الأهداف، تعديل «لغة» الحظر الأوروبي الحالي وفق صيغتين.

يشار إلى أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أكدا قبل أيام أن بلادهما سيحاولان إقناع الأوروبيين برفع الحظر على الأسلحة إلى المعارضة السورية. وقال فرنسوا هولاند في تصريح في الإليزيه «منذ أسابيع عدة، تطرقنا، ديفيد كاميرون وأنا، إلى رفع الحظر مع شروط محددة جدا تقضي بتزويد أسلحة في حال عرفنا وجهتها واستخدامها فقط».

وسيبحث وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم في العاصمة البلجيكية بعد غد ما إذا كانوا سيمددون أم لا العقوبات على سوريا بما فيها الحظر المفروض على الأسلحة وهي عقوبات تنتهي مدتها في 31 مايو (أيار) الجاري.

ويقترح البريطانيون، وفقا للصيغة الأولى، أن تضاف مادة إلى قرار الحظر تفيد بـ«استثناء الائتلاف الوطني من الحظر الأوروبي المفروض على الأسلحة استثناء كاملا»، ذاك أن هدف الحظر عندما تم إقراره كان منع نظام الأسد من قتل شعبه، ولم يهدف لمنع وصول السلاح للمعارضة. وبالتالي فإن هناك «حجة قوية» بدعم الائتلاف، ولا سيما أنه غير مسؤول عن عمليات «العنف المنهجي والقمعي للمدنيين».

وتتلخص الصيغة الثانية حول إزالة مصطلح «غير فتاكة» من لغة القرار الأوروبي المعمول به حاليا، مع إضافة عبارة «الهادف لحماية المدنيين» مما يعني أن دول الاتحاد تستطيع تقديم أسلحة نوعية للمعارضة السورية بشرط أن يكون الهدف من وراء التسليح هو حماية المدنيين.

إلى ذلك، دعت منظمة «أوكسفام» الإنسانية الجمعة الاتحاد الأوروبي إلى تجديد الحظر على الأسلحة إلى سوريا، معتبرة أن أي رفع قد يكون له «نتائج مدمرة» على المدنيين. واعتبرت «أوكسفام» في بيان أن «عدم التوصل إلى تجديد الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على الأسلحة نهاية الشهر سيكون عملا غير مسؤول وقد يجهض الأمل الهش الذي ستقدمه القمة الأميركية - الروسية حول السلام والمقررة في 12 يونيو (حزيران)».

وقالت آنا ماكدونالد المتخصصة في «أوكسفام» حول مراقبة الأسلحة إن رفع الحظر «قد يكون له نتائج مدمرة». وأضافت: «لا توجد حلول سهلة من أجل محاولة وضع حد للمجزرة في سوريا ولكن المزيد من الأسلحة والذخائر لن يؤمن ذلك»، مضيفة أن «الجهود الدولية يجب أن تتركز على وضع حد لنقل الأسلحة إلى الأطراف (الضالعة في النزاع) وإيجاد حل سياسي للأزمة».

أما فيما يخص الضمانات فتؤكد الورقة البريطانية أن «اللغة الجديدة للقرار الأوروبي» ستؤكد أن المعدات القتالية ستذهب إلى «جسم منظم وخاضع للمساءلة»، ألا وهو الائتلاف الوطني. وأشار البريطانيون إلى أن الائتلاف أكد في 20 أبريل (نيسان) الماضي التزامه بالديمقراطية والتعددية العرقية والدينية، وسيادة القانون، كما أنه ندد مرارا وتكرارا بالإقصائية والتطرف، وتعهد بعدم تصنيع الأسلحة وإعادة المعدات المأخوذة بعد سقوط نظام الأسد. كما تعهدت هيئة أركان الجيش السوري الحر أنها ستعمل تحت إمرة القيادة المدنية في الائتلاف الوطني.

وأكدت مصادر أوروبية مطلعة على الملف أن لندن قدمت بالفعل «ورقة العمل» هذه، لكن النمسا ردت عليها بورقة تدعو فيها لمتابعة العمل بالحظر المعمول به حاليا، وذلك أن «رفع الحظر سيقوض المساعي الأميركية - الروسية لتدوير عجلة الحل السياسي في سوريا، كما أن الائتلاف الوطني لا يمتلك سلطات على الأرض ولا يسيطر على قوى المعارضة المسلحة المتنوعة». وتضيف المصادر أن النمسا أكدت أيضا أنه لا يحظى بقاعدة شعبية في سوريا ولا يمثل الطيف السياسي والعسكري بشكل كامل.

وتؤكد النمسا أن السلاح موجود وبكثرة في سوريا، وأن توريد المزيد منه لن يؤدي إلا لتعقيد الأمور أكثر، ويهدد سلامة القوة النمساوية العاملة في قوة مراقبة فض الاشتباك العاملة في الجولان، والتي يبلغ قوام القوات النمساوية فيها 380 جنديا.