المجلس الوطني للأمن يقر خطة لمواجهة التحديات الأمنية في تونس

قيادي في «النهضة»: صندوق النقد الدولي فرض على الحكومة تغيير معاملتها للسلفيين

TT

نظر المجلس الوطني للأمن الذي اجتمع أمس في قصر قرطاج في مجموعة من الملفات وقرر وضع خطة لمواجهة التحديات الأمنية أساسها مواصلة التضييق على التيارات المتشددة التي تعتمد أساليب العنف في معاملاتها، ومراقبة الحدود ومقاومة التهريب والتجارة الموازية وتعزيز الحضور الأمني في محيط المحاكم التونسية بعد صدور تحذير من استهدافها بعمليات إرهابية. وينظر المجلس في ملفات تتعلق بميادين الدفاع والأمن والسياسة الخارجية.

كما دعا المجلس حسب مصادر في رئاسة الجمهورية إلى وضع خطة لتحييد المساجد وتشجيع الخطاب الديني المعتدل. وبشأن حالة الطوارئ التي لا تزال تحكم تونس، رجحت مصادر من وزارة الدفاع الوطني أن يتواصل العمل بها لوجود «تحديات أمنية».

وسجلت جلسة المجلس الوطني للأمن حضور الرؤساء الثلاثة (رئيس الدولة ورئيس الحكومة ورئيس المجلس التأسيسي) إلى جانب كل من وزير العدل ووزير المالية ووزير الشؤون الدينية ووزير الدفاع ورئيس أركان الجيوش ومدير الأمن الرئاسي والمديرين العامين للأمن الوطني وترأسه المنصف المرزوقي الرئيس التونسي. وعقد المجلس الوطني للأمن اجتماعه الأول للأمن يوم 19 أبريل (نيسان).

ويهتم المجلس الوطني للأمن في تونس بدراسة وتحليل وتقييم جميع المعلومات والمعطيات الأمنية التي تتعلق بالأمن الوطني داخليا وخارجيا. ويتولى حسم الاختيارات الأساسية في مجال الأمن والخطة الأمنية الوطنية. كما تعهد إليه مهمة تقييم التحديات الداخلية والخارجية وتوجيه الأبحاث في ميدان الاستعلامات إضافة إلى تنسيق العلاقات الخارجية في مجال الأمن الوطني.

في سياق آخر، خالف الصادق شورو الرئيس السابق وعضو مجلس الشورى لحركة النهضة موقف حزبه من القرض الذي سيسنده صندوق النقد الدولي إلى الحكومة والمقدر بنحو 2,7 مليار دينار تونسي (نحو 1,9 مليون دولار أميركي)، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة التونسية قبلت بشروط الصندوق وغيرت خلال أيام قلائل موقفها ومعاملتها للتيارات السلفية ومن بينها تنظيم «أنصار الشريعة». وقال شورو المحسوب على التيار المتشدد داخل حركة النهضة، إنه يعرف جيدا طريقة التفاوض مع الصندوق النقد الدولي فقد فرض على حد تعبيره على النظام التونسي السابق إخراج حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي من الفعل السياسي والاجتماعي وعلمنة النشاط الثقافي لتمكين الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي من الحصول على القروض، وأضاف معلقا «اليوم التاريخ يعيد نفسه والضحية (أنصار الشريعة) لأن هذا من الشروط التي طلبها صندوق النقد الدولي» على حد قوله.

وأشار شورو الذي تتهمه أحزاب المعارضة بالوقوف إلى جانب التيار السلفي، إلى الأحداث والمواجهات التي عرفتها مدينة القيروان (وسط تونس) وحي التضامن بالضاحية الغربية للعاصمة التونسية يوم الأحد 19 مايو (أيار) الجاري، وقال «لا غرابة فيما حدث فهو متزامن مع منح تونس قرضا من الصندوق»، وأضاف «هذا يدخل في إطار الشروط التي حددها الصندوق». وعدد شورو شروط صندوق النقد الدولي وقال إنها «تتجاوز الجوانب الاقتصادية لتمس من الجانب الثقافي والاجتماعي والسياسي وحتى العسكري»، وقال «هذا الصندوق يبشر البلاد بعذاب أليم».

وفي مقابل ذلك، صرح أمس سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، القيادي في حركة النهضة، لإذاعة «شمس إف إم» الخاصة أن الدولة لا تحارب السلفيين ولا تستهدفهم مثلما استهدف النظام السابق حركة النهضة، و«لن يحاسب تونسي على أساس انتماءاته وأن الدولة ليست في عداء مع أي فكر أو لباس أو آيديولوجيا». واعتبر موقف الحكومة من التيار السلفي مبنيا على «سياسة وطنية وليست خارجية» على حد قوله، وأضاف موضحا «لا وجود لإملاءات خارجية في تعاملنا مع تيار (أنصار الشريعة) ومن لديه دليل غير ذلك فليقدمه». وأشار إلى حزم الدولة في المقابل في تصديها لكل مظاهر العنف والإضرابات العشوائية وقطع الطرقات وتعطيل الإنتاج.

وكان علي العريض رئيس الحكومة التونسية قد دافع في ندوة صحافية عقدها أول من أمس عن صورة صندوق النقد الدولي وقال «إنه مخالف تماما لما كان عليه في الثمانينات من القرن الماضي بعد أن أدخل البعد الاجتماعي عند منح القروض»، وأضاف «صندوق النقد الدولي لم يعد مؤسسة تكرس الرأسمالية دون اعتبار البعد الاجتماعي».

وبشأن إملاءات صندوق النقد الدولي، قال العريض إن تونس عندما توجهت إلى الصندوق تقدمت ببرنامج إصلاح محدد يتعلق بالحكومة الرشيدة واعتماد الشفافية وتطوير الجهاز البنكي وهي إصلاحات ستنفذها الحكومة التونسية، وفسر الأمر بأن تونس التزمت بالإصلاحات وحددتها مسبقا بنفسها، وقال «سنرشد الدعم وننجز الإصلاحات» ودعا التونسيين إلى نزع الصورة السلبية بأن الصندوق له نزعة التدخل في سيادة الدولة ويفرض على المقترضين شروطا مجحفة.