تصريحات قيادي حزبي مغربي حول «مغربية الصحراء» تثير احتجاج بعض المشاركين في مؤتمر جبهة القوى الاشتراكية الجزائرية المعارضة

آيت أحمد: لم أكن أتصور أننا بعد 50 سنة من الاستقلال سنظل نصارع من أجل الدفاع عن الحق في الوجود

TT

أثار خطاب ألقاه قيادي حزبي مغربي في مؤتمر جبهة القوى الاشتراكية، أقدم الأحزاب الجزائرية المعارضة، تناول فيه «الصحراء المغربية»، حفيظة بعض المشاركين في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، الذين انسحبوا منها.

وذكر طالع السعود الأطلسي، القيادي في حزب «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» المغربي المعارض، في كلمة ألقاها الليلة قبل الماضية، أن «جبهة القوى الاشتراكية هي الحزب الوحيد (في الجزائر) الذي نأى بنفسه عن دعم حركة الانفصال في الصحراء المغربية»، في إشارة إلى جبهة البوليساريو التي تستضيفها الجزائر في منطقة تندوف.

وصاح مشاركون في المؤتمر في وجه الأطلسي قائلين: «الصحراء صحراوية.. الصحراء للصحراويين»، ثم انسحبوا من القاعة على سبيل الاحتجاج على تصريحاته.

ولم يأبه مسؤولو جبهة القوى الاشتراكية كثيرا لذلك، وتصرفوا كأن شيئا لم يحدث تفاديا لعرقلة سير أشغال المؤتمر. أما الأطلسي فقد أكمل قراءة خطابه، وانسحب بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، الذي حضره ممثلو حزبين مغربيين آخرين هما «الأصالة والمعاصرة» المعارض و«التقدم والاشتراكية» المشارك في الحكومة، كما حضرته أحزاب أخرى ذات توجه اشتراكي من تونس وليبيا وفلسطين.

ويعد نزاع الصحراء عقبة كأداء في مسار بناء المغرب العربي، كما يحول دون تطبيع العلاقة بين الجزائر والرباط. وتعد الجزائر الدفاع عن «حق الشعب الصحراوي في استفتاء يحدد بموجبه مصيره، تحت إشراف الأمم المتحدة»، ثابتا من ثوابت سياستها الخارجية.

ويؤخذ على جبهة القوى الاشتراكية محليا أن طرحها بشأن نزاع الصحراء يختلف عن الطرح الرسمي، وعن موقف غالبية الأحزاب الجزائرية.

يشار أيضا إلى أن نزاع الصحراء من الأسباب غير المباشرة التي تحول دون فتح الحدود المغلقة بين المغرب والجزائر منذ قرابة 19 سنة. وبسبب هذا الخلاف، لم تعقد قمة مغاربية منذ آخر قمة جرت في تونس عام 1994.

وينتهي مؤتمر جبهة القوى الاشتراكية اليوم (السبت) بانتخاب قيادة جماعية لخلافة رئيس الحزب حسين آيت أحمد، الذي أعلن الانسحاب بسبب تقدمه في السن (84 سنة)، والذي قاد الحزب منذ عام 1963، بعد أن تمرَد على القادة السياسيين الذين أفرزتهم ثورة التحرير من الاستعمار (1954 - 1962)، وفي مقدمتهم الرئيس الأسبق أحمد بن بلة.

وغاب آيت أحمد عن المؤتمر لـ«دواع صحية» حسب ما ذكر السكرتير الأول للحزب علي العسكري. وأشارت القيادة إلى أن آيت أحمد، المقيم بسويسرا منذ سنوات طويلة، حضر الأسبوع الماضي جنازة صديق له بالمغرب. وأنه أصيب بإرهاق شديد جراء سفره إلى المغرب، ما جعله غير قادر على حضور أشغال الجلسات.

وحمل نجل آيت أحمد رسالة مكتوبة من والده إلى المشاركين في المؤتمر، جاء فيها أنه أسس الحزب مع رفاق له شاركوا في ثورة الاستقلال، «من أجل أن نبني مرحلة ما بعد الاستقلال في كنف الديمقراطية، واحترام الحريات، ومن أجل عدالة اجتماعية في إطار احترام التعددية السياسية والثقافية، وهي مفاهيم بنيت عليها حركة التحرير الوطني.. ولم أكن أتصور أبدا أننا بعد 50 سنة، سنظل نصارع من أجل الدفاع عن الحق في الوجود».

يشار إلى أن آيت أحمد ترشح لانتخابات الرئاسة رسميا عام 1999، لكنه انسحب في آخر المطاف رفقة مجموعة من المترشحين، لما ثبت أن مؤسسة الجيش تدعم ترشح عبد العزيز بوتفليقة واقتناعه أن نتيجة الاقتراع محسومة له سلفا.