دول تسعى للانسحاب من المحكمة الجنائية خلال قمة الاتحاد الأفريقي

رئيسا كينيا والسودان من المطلوبين للمحكمة في لاهاي

TT

دعا عدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي إلى إصدار قرار في قمة الاتحاد التي ستبدأ غدا (الأحد) بشأن المحكمة الجنائية التي تلاحق زعماء في القارة وهم ما زالوا في الحكم أبرزهم السوداني عمر البشير والكيني أوهورو كينياتا، وفي ذات الوقت يحتفل القادة الأفارقة بمرور 50 عاما على ميلاد منظمة الوحدة الأفريقية والتي تحول اسمها إلى الاتحاد الأفريقي على غرار الاتحاد الأوروبي، بينما ينتظر أن يعقد الرئيسان السوداني عمر البشير ونظيره الجنوبي سلفا كير ميارديت قمة رئاسية يتوقع أن يشارك فيها رؤساء ساحل العاج، وجنوب أفريقيا، ونيجريا، إلى جانب إثيوبيا، لبحث الحل النهائي لقضية أبيي الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين الخرطوم وجوبا.

وقال ناشطون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» من أديس أبابا إن عددا من الدول الأفريقية تسعى خلال قمة الاتحاد الأفريقي التي ستبدأ غدا وتنتهي بعد غد (الاثنين) إلى إصدار قرار بسحب الدول التي وقعت على ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي في هولندا وأصبحت من ضمن الدول الأعضاء، وأضافوا أن الدول الأفريقية الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية تصل إلى نصف دول القارة، وقال المراقبون إن المحكمة الجنائية الدولية تنظر في قضايا في عدد من الدول الأفريقية والتي تشمل السودان (دارفور)، والكونغو الديمقراطية، وأفريقيا الوسطى، وأوغندا، وقد أصدرت 9 مذكرات اعتقال أبرزها ضد الرئيس السوداني عمر البشير وعدد من مسؤولين آخرين، وزعيم جيش الرب للمقاومة الأوغندي جوزيف كوني، وأخيرا الرئيس الكيني الجديد أوهورو كينياتا ونائبه ويليام روتور بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية على خلفية مسؤوليتهما المفترضة في أعمال العنف خلال الانتخابات الرئاسية نهاية 2007 التي قتل فيها أكثر من ألف شخص وتم تهجير نحو 600 ألف شخص.

وقد تقدمت كينيا إلى مجلس الأمن الدولي بإنهاء ملاحقات المحكمة الجنائية الدولية التي تمس رئيسها أوهورو كينياتا ونائبه ويليام روتور، وطالبت في جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي بإنهاء الملاحقات أمام المحكمة الدولية، ولم يبد أعضاء الدول الغربية تجاوبا مع المسعى الكيني وأعلنوا أن المجلس لا يستطيع التدخل مع المحكمة وأن المتهمين يجب أن يحضروا أمامها، مما دفع نيروبي للجوء إلى الدول الأفريقية خلال قمة الاتحاد التي ستنعقد غدا في أديس أبابا، وتساندها الخرطوم.

وقال سفير كينيا لدى الأمم المتحدة ماشاريا كامو، بعد اجتماع مغلق لكامل أعضاء مجلس الأمن الـ15: «طلبنا بوضع حد لهذه الملاحقات في أقرب وقت ممكن»، وأضاف: «يجب تحديد كيف يمكن أن يتم ذلك، ولكن من الواضح أن الملاحقات يجب أن تتوقف لأنها لا تخدم السلام والعدالة في بلدنا»، وقال «في حال قررت المحكمة من تلقاء نفسها وضع حد لهذه الملاحقات بسبب هشاشة الأدلة فيكون الأمر مرضيا»، مؤكدا أن بلاده لا تسعى إلى إقصاء نفسها عن القضاء الدولي.

وانضم رئيس دولة جنوب السودان المستقلة قبل عامين إلى الزعماء الأفارقة الناقدين للمحكمة الجنائية الدولية، حيث قال في أحدث تصريح له أمام الرئيس الكيني أوهورو كينياتا الذي زار جوبا أول من أمس، إن المحكمة «مشغولة بملاحقة الزعماء الأفارقة فقط، ولن ننضم أبدا إليها»، وقد استقبلت جوبا الشهر الماضي الرئيس السوداني عمر حسن البشير.

ويعتبر السودان أكثر الدول الناقمة على المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرتي توقيف بحق رئيسه عمر البشير تتهمه بجرائم الإبادة الجماعية وجرائم حرب ارتكبت في دارفور خلال الحرب الأهلية، ورفضت الخرطوم الاعتراف بالمحكمة منذ أن أصدرت قرارا بتوقيف وزير الدولة للشؤون الداخلية الأسبق والي جنوب كردفان الحالي أحمد محمد هارون، وزعيم الجنجويد المفترض محمد علي كوشيب.

ودعت الخرطوم إلى إدراج موضوع المحكمة الجنائية الدولية في أجندة مجلس الوزراء للاتحاد الأفريقي لاتخاذ موقف أفريقي موحد، وفي أروقة الاتحاد الأفريقي خلال التحضيرات للقمة قال الدكتور نافع علي نافع مساعد الرئيس السوداني، إن الهدف من المحكمة الجنائية الدولية هو الضغط على القارة الأفريقية حتى تظل في خدمة أوروبا وتظل مواردها تحت سيطرتها، مؤكدا أن ممارسات المحكمة الجنائية قد أوضحت بما لا يدع مجالا للشك أنها محكمة لخدمة الأغراض الدولية الأوروبية وجعلها وسيلة من وسائل الضغط على أفريقيا، وتوقع أن تعتمد القمة قرارا بانسحاب كافة دول القارة من المحكمة، وأضاف: «حتى تموت موتا طبيعيا وتتحرر أفريقيا من محاولات الهيمنة المتكررة».

من جهة أخرى، أطلقت أكثر من 700 منظمة حقوقية وناشطين في مجال الدفاع عن المرأة خطة عمل لوضع حد للعنف الجنسي والاغتصاب في حالات النزاع قبيل انطلاقة جلسات القمة الأفريقية، وقال الحائز على جائزة نوبل ليماه غبوي، الرئيس المشارك للحملة الدولية لوقف الاغتصاب والجنس والعنف في النزاعات، إن «لدينا العديد من الإنجازات للاحتفال، ولكن يتوقف الازدهار في المستقبل بشأن المرأة الأفريقية أن تعيش حياة خالية من العنف والمشاركة الكاملة في عملية السلام».

ومن المنتظر أن تناقش القمة الأفريقية في جدول أعمالها قضايا السلام والأمن في القارة في خمسة بلدان، منها جمهورية الكونغو الديمقراطية، والصومال، وجمهورية السودان، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجميع هذه البلدان تسجل حالات مرتفعة من الاغتصاب والعنف الجنسي.