استمارات حركة «تمرد» لسحب الثقة من الرئيس مرسي تجتاح مصر

أصبحت خبزا يوميا لـ«المقاومة السلمية» وتوزع على المقاهي وفي المواصلات

TT

تحتفظ سامية نافع (45 عاما) باستمارات حركة «تمرد» لسحب الثقة من الرئيس المصري محمد مرسي في حقيبة يدها. ومنذ ظهور الحركة قبل نحو أشهر باتت مهمة نشر هذه الاستمارات جزءا من تفاصيلها اليومية، تقول: «أساعد بناتي في المذاكرة، وأعد الطعام، أنظف المنزل، وأوزع استمارات تمرد».

سامية وهي ربة منزل لم يسبق لها الانخراط في العمل السياسي المنظم، تشير إلى أن «الأمر لا يحتاج إلى جهد كبير.. مجرد أن أخرج من حقيبتي الاستمارات في أي مكان حتى يطلب الحاضرون مني التوقيع عليها، أنا فقط أتعمد أن أظهرها.. في الصيدلية، أو المحال التجارية لدى زيارتي لأقاربي».

ودشن نشطاء شباب حركة «تمرد» قبل نحو شهر، آملين أن يتمكنوا من جمع 15 مليون توقيع لسحب الثقة من الرئيس مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، احتجاجا على ما يعتبرونه «فشلا في تحقيق أي من أهداف ثورة 25 يناير»، ويطالبون بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

ويرفض محمد عزيز أحد مؤسسي حركة «تمرد» الحديث عن آخر إحصاء لاستمارات الحركة. وقال لـ«الشرق الأوسط» أمس: «لا نريد الحديث عن أرقام تقريبية، أعلنا الأرقام التي وصلنا إليها في 12 مايو (أيار) الماضي، وكان الرقم بدقة حينها مليونين و29 ألفا و592 استمارة.. لكن تمرد تحولت لحركة شعبية على نحو كبير وغير مسبوق، ولم تعد الأوراق كلها تحت سيطرتنا لذلك نعكف الآن على جمع هذه الأوراق وسنعلن الأرقام الدقيقة قريبا من خلال مؤتمر صحافي».

واجتذب التوقيع على استمارات «تمرد» التي تحتوي على أربع خانات للاسم والرقم القومي والمحافظة والتوقيع، اهتمام المصريين على نحو لافت، ولم يعد مستغربا أن تجد هذه الاستمارات توزع على المقاهي مع المشروبات، أو في وسائل المواصلات العامة أو على ناصية الشوارع والميادين.

ويضيف عزيز: «رصدنا خلال الفترة الماضية في أكثر من منطقة كوادر من جماعة الإخوان تقوم بتوزيع الاستمارات في محاولة لإفشال الحركة، لذلك طلبنا من كوادرنا على الأرض التنبيه على المواطنين بضرورة ملء الاستمارات حتى ولو أكثر من مرة، في النهاية نحن نملك قاعدة بيانات تقوم تلقائيا بحذف أرقام بطاقة الرقم القومي المتطابقة».

وتنفي قيادات جماعة الإخوان المسلمين هذه الاتهامات، وتنخرط مع قوى إسلامية حليفة لها على توزيع استمارة أخرى تحت اسم «تجرد»، في محاولة للتقليل من الآثار المحتملة لانتشار استمارات حركة «تمرد».

ويعمل نشطاء متطوعون على إدخال بيانات المواطنين على قاعدة بيانات حركة «تمرد». ويؤكد القائمون عليها أنها مؤمنة بشكل جيد من أجل ضمان الحفاظ على سرية البيانات وخصوصية المواطنين.

لا يكتفي نشطاء «تمرد» بالرهان على ما يصفونه بنزع الشرعية الأدبية عن الرئيس مرسي، ويقوم فريق قانوني في الوقت الراهن على دراسة البدائل الممكنة للتحرك بهذه الاستمارات قانونيا، اعتمادا على نص المادة الثالثة في الدستور والتي تنص على أن السيادة للشعب وحده.

وبات المصريون أكثر ضجرا تجاه المظاهرات والمسيرات التي تحولت في أغلبها خلال الشهور الماضية لمواجهات دامية مع الشرطة في البلاد، ويقول النائب زياد العليمي الذي كان أحد أبرز الداعين إلى مظاهرات 25 يناير قبل عامين، إن بساطة الفكرة كانت السبب الرئيسي وراء نجاحها المبهر والذي فاق التوقعات.

ويعاني المصريون على نطاق واسع من تأثير موجة غلاء الأسعار، وتردي الخدمات الأساسية، ونقص المعروض من المحروقات، وظاهرة انقطاع الكهرباء، مما يزيد سخطهم على حكومة الرئيس مرسي.

وانضمت جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة التي يقودها الدكتور محمد البرادعي إلى «تمرد»، وأعلنت فتح مقار الأحزاب المنضوية تحت مظلتها أمام شباب الحركة. ويقول عبد اللطيف أبو هميلة منسق التيار الشعبي في محافظة القاهرة إن التيار لديه بالفعل حاليا 400 ألف استمارة من محافظتين فقط.. «نعمل خلال الأيام القادمة على حصر باقي الاستمارات».

ويشير أبو هميلة إلى أن الروافد الرئيسة التي تعمل على الأرض في توزيع استمارات تمرد بالإضافة للحركة نفسها، حزب الدستور الذي يقوده البرادعي، والتيار الشعبي الذي تزعمه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي.

ووقع خلال الأيام الماضية رموز سياسية وأدبية وإعلامية وفنية على استمارات حركة «تمرد»، ويلفت الدكتور حسن نافعة الذي شغل منصب منسق الجمعية الوطنية للتغيير التي تشكلت قبل عام من الثورة ولعبت دورا بارزا في قيامها إلى أن الجمعية التي كانت إحدى القوى المؤسسة فيها جماعة الإخوان المسلمين قد عمدت أيضا إلى جمع توقيعات من المواطنين على بيان الجمعية التي قادها الدكتور البرادعي».

ويقول نافعة لـ«الشرق الأوسط»: «الشيء المدهش أن المواطنين باتوا يتفاخرون بالتوقيع على استمارات تمرد، في السابق حينما كنا نجمع التوقيعات على بيان الجمعية الوطنية للتغيير كان هناك حالة من الخوف حتى أننا كنا نلجأ إلى جمع التوقيعات عبر المواقع الإلكترونية».

ويشير نافعة وهو أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إلى أن «التحدي الذي يظهره المواطنون يعكس درجة سخطهم وغضبهم على الرئيس مرسي.. فقد كانت هناك توقعات كبيرة للغاية بشأن قدرة وكفاءة جماعة الإخوان على إدارة البلاد وبقدر ما كانت التوقعات كبيرة كان الإحباط كبيرا».

ولا يعول نافعة كثيرا على النتائج القانونية التي يمكن أن تترتب على جمع التوقيعات. لكنه، يشدد على أهمية الدعوة التي أطلقها نشطاء «تمرد» بالتحرك الشعبي نهاية يونيو (حزيران) المقبل، حيث ينتهي العام الأول للرئيس مرسي في الحكم. قائلا: «إذا تمت ترجمة هذه المشاركة الشعبية المدهشة في حركة فعلية في الشارع يمكن إجبار الرئيس مرسي على إجراء انتخابات مبكرة».