المجلس التشريعي في مصر يحيل قانون السلطة القضائية إلى لجنة تمهيدا لإقراره

وزير العدل لـ «الشرق الأوسط»: لن يمس سن التقاعد.. ونادي القضاة: باطل

نشطاء من المعارضة المصرية يرددون هتافات ضد الإخوان خلال الاحتجاج على قانون السلطة القضائية أمام مجلس الشورى في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

أحال المجلس التشريعي في مصر أمس مشروع قانون السلطة القضائية المثير للجدل إلى لجنة الشؤون الدستورية والقانونية، وهي خطوة أولى في طريق إقرار القانون الذي تتضمن إحدى مواده تخفيض سن تقاعد القضاة، مما يعني عمليا عزل نحو 3500 قاض. واعتبر نادي القضاة، الذي يرفض القانون، تلك الخطوة باطلة، وتحديا لإرادة القضاة، لكن المستشار أحمد سليمان وزير العدل المصري قال لـ«الشرق الأوسط» أمس إنه «مطمئن إلى عدم المساس بالسن».

ويملك تحالف يقوده حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، أغلبية داخل المجلس التشريعي سمحت له بمناقشة القانون الذي يواجه مقاومة نواب معارضين. ولم يستغرق قرار المجلس سوى بضع دقائق، حيث عرض رئيس المجلس الدكتور أحمد فهمي مشروع القانون على المجلس وطلب التصويت متجاهلا هتاف نواب معارضين: «باطل.. باطل»، وارتدى النواب المعارضون أيضا وشاحا أسود كتب عليه: «إجراء باطل لقانون باطل».

ورفع نواب المعارضة اللائحة المنظمة لأعمال المجلس في محاولة للحصول على الكلمة، إلا أن فهمي استمر في تجاهل اعتراضهم، ووجه كلمة للقضاة في محاولة لطمأنتهم على أن القانون لن يمس من وصفهم بـ«حصون القضاء» ممن هم فوق سن الستين، ورفع الجلسة للاستراحة.

وتسبب طرح مشروع القانون على المجلس التشريعي في غضب واسع في أوساط القضاة. وعقد المستشار أحمد الزند رئيس نادي قضاة مصر اجتماعا طارئا للجمعية العمومية قبل أسابيع، وتعهد بتدويل القضية أمام المحافل الدولية.

وقال وزير العدل لـ«الشرق الأوسط» أمس تعليقا على قرار المجلس التشريعي بإحالة القانون إلى لجنة الشؤون الدستورية والقانونية، إن «نواب البرلمان هم مصريون مخلصون يستهدفون المصلحة الوطنية ولا يمكن أن يصدروا قانونا ينال من استقلال القضاء». وأضاف سليمان الذي سبق له أن وصف القانون بـ«الخطير جدا» أن «المجلس سيعرض القانون قبل إقراره على الهيئات القضائية، ومسألة السن مطروحة للنقاش.. أنا مطمئن إلى أن مسألة السن لن تمس في القانون». واستقال وزير العدل السابق المستشار أحمد مكي بسبب طرح القانون للمناقشة في المجلس التشريعي. ولم يفلح الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في عقد مؤتمر العدالة الذي تعهد بإقامته بعد أن قاطعه مجلس القضاء الأعلى ونادي القضاة، بسبب استعجال نواب الإخوان مناقشة القانون مستبقين بذلك مقررات مؤتمر العدالة. وقال المستشار سامح السروجي عضو مجلس إدارة نادي قضاة مصر لـ«الشرق الأوسط» أمس: «نحن أصحاب قضية عادلة.. وهذا القانون من القوانين المكملة للدستور ولا يحق لمجلس الشورى (المجلس التشريعي) إصداره». وعقب إقرار دستور جديد للبلاد مطلع العام الحالي، أسندت سلطة التشريع مؤقتا لمجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان). وتابع المستشار السروجي: «القوانين المكملة للدستور لا يجوز أن يصدرها سوى مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، لذلك حتى وإن صدر قانون جديد من مجلس الشورى فسيكون هو والعدم سواء». واعتبر المستشار السروجي إحالة المجلس التشريعي مشروع القانون إلى لجنة الشؤون الدستورية والقانونية تحديا لإرادة القضاة، تمهيدا لـ«أخونة» القضاء، مشددا على أن القضاة لا يرفضون فقط المساس بسن التقاعد وإنما عددا كبيرا من مواد القانون المطروح.

وتتهم جماعة الإخوان المسلمين وقوى متحالفة معها بعض القضاة بالفساد وموالاة نظام الرئيس السابق حسني مبارك، كما ينظر طيف واسع من القضاة بريبة لنيات جماعة الإخوان تجاه المؤسسة القضائية، ويخشون مما يقولون إنه اعتزام الإخوان الدفع بأعضائها في السلك القضائي للهيمنة عليه.

وخارج قاعة المجلس التشريعي تظاهر المئات احتجاجا على مناقشة مشروع القانون. ووقعت اشتباكات محدودة بين المتظاهرين وقوات الشرطة التي منعتهم من الاقتراب من محيط البرلمان القريب من ميدان التحرير. ولا تزال قوات من الجيش تتولى تأمين مبنى البرلمان الذي تقطع جدران إسمنتية معظم الشوارع المؤدية إليه.

وفي غضون ذلك، أصدرت المحكمة الدستورية العليا قرارا استنادا إلى مباشرة الرقابة السابقة على قانوني انتخابات مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية، حيث قررت عدم تطابق 4 مواد في قانون مجلس النواب، و9 مواد بقانون مباشرة الحقوق السياسية للدستور. ووضعت المحكمة ملاحظاتها على المواد المخالفة للدستور وعدلتها وأرسلت القانونين لمجلس الشورى لتعديلهما وفقا لملاحظاتها.

ويلزم الدستور الجديد نواب المجلس التشريعي الالتزام بقرارات المحكمة الدستورية قبل إصدار القانون. وكان الرئيس مرسي قد توقع في وقت سابق إجراء انتخابات مجلس النواب في أكتوبر (تشرين الأول)، لكن إعادة القانون مرة أخرى إلى المجلس التشريعي قد ترجئ الانتخابات إلى نهاية العام الجاري أو مطلع العام المقبل.