مصر وإثيوبيا تؤكدان على مواصلة التنسيق بينهما في ملف مياه النيل

خبراء وسياسيون: المشكلة في «سد النهضة»

TT

أكدت كل من مصر وإثيوبيا أمس على مواصلة التنسيق بينهما في قضية ملف مياه النيل، لكن خبراء وسياسيين بالقاهرة قالوا إن المشكلة تكمن في «سد النهضة». وقال الرئيس المصري محمد مرسي إن الكتلة الأفريقية كانت دوما مؤثرة فاتجهت إليها أنظار العالم، وتدخل كثيرا في شؤونها، وعلينا اليوم أن نستعيد زمام أمورنا.

وأكد الرئيس مرسي في كلمته التي ألقاها أمام القمة الاستثنائية للاتحاد الأفريقي التي عقدت أمس بمقر الاتحاد الأفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أهمية أن تقف جميع الدول الأفريقية جنبا إلى جنب لاستكمال مسيرة النضال المشترك، مشيرا إلى أن تحقيق التنمية الشاملة في ربوع القارة الأفريقية يجب أن يكون هدفنا الأول، ولا بد أن نسعى إلى بناء نموذج التكامل الحقيقي بين شركاء القارة.

وقالت مؤسسة الرئاسة في مصر أمس إن الرئيس مرسي التقي هايليماري ديسالن رئيس وزراء إثيوبيا على هامش القمة، وإن الجانبين أكدا ضرورة مواصلة التنسيق بين البلدين في ملف المياه بما يحقق المصالح المشتركة لمصر وإثيوبيا، واستنادا لالتزام كل طرف بمبدأ عدم الإضرار بمصالح الطرف الآخر.

وقال الدكتور محمد بهاء الدين وزير الموارد المائية والري في مصر، إن المباحثات بين الرئيس مرسي ورئيس الوزراء الإثيوبي تطرقت إلى مشروع سد النهضة، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي أكد حرص بلاده على تحقيق المنفعة لمصر والسودان قبل إثيوبيا، وأن سد النهضة مشروع إقليمي لصالح الجميع، بما في ذلك دولتا المصب، مشددا على أن المشروع لن يضر بمصالح الدولتين.

وأشار بهاء الدين إلى أن هناك لجنة ثلاثية مشكلة من الخبراء المصريين والسودانيين والإثيوبيين تدرس حاليا النتائج التي ستترتب على بناء السد ومدى إضراره بحصة دولتي المصب، رافضا التعليق على إصرار أديس أبابا على الاستمرار في بناء السد، رغم عدم انتهاء هذه اللجنة من عملها.

وتتكون لجنة تقييم السد من 10 أعضاء، اثنان لكل دولة، و4 خبراء دوليين في مجالات هندسة السدود وتخطيط الموارد المائية، والأعمال الهيدرولوجية، والبيئة، والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للسدود. وجاء قرار تشكيل اللجنة استجابة لاقتراح من رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل ميليس زيناوي، الذي دعا وزراء المياه في الدول الثلاث إلى دراسة موضوع السدود من جميع جوانبه، وذلك بعد أن أعلنت بلاده رسميا في الثاني من أبريل (نيسان) عام 2011 بدء تنفيذ الأعمال الإنشائية في سد النهضة.

وكشفت مصادر في مجلس الوزراء المصري عن «أن اللجنة من المقرر أن تنتهي من عملها نهاية مايو (أيار) الحالي»، وسط مخاوف في القاهرة من أن يؤثر بناء السد على إهدار حقوق مصر التاريخية من مياه النيل، حسب مراقبون.

وفي كلمته أمام القمة، قال الرئيس المصري: «إنه لمن دواعي الفخر والاعتزاز أن نحتفل اليوم بمرور 50 عاما على إنشاء منظمة الاتحاد الأفريقي، وهي مناسبة بالغة التميز في خصوصيتها، وتحتم علينا أن نتذكر ما نجح أبناء القارة في اجتيازه، ونستلهم منهم الدروس من التجربة»، معربا عن تطلعه إلى «الطريق الذي ستسير عليه نهضة شعوبنا الأفريقية إلى خطط عمل تتجاوب مع عملهم للحاضر».

وأضاف قائلا: «نحتاج أن نعي من دراسة مشكلاتنا أن انخفاض مستوى التنمية كان من أسباب الصراع الذي عانت منه القارة، وآخرها الصراع في مالي الذي نؤمن أنه ما كان ليصل إلى ما هو عليه الآن لو كان تحقق المستوى المنشود من التنمية».

وتابع: «نحن نثق أن التسوية الحقيقية تستدعي منهجا شاملا تكون التنمية إحدى ركائزه الأساسية، ولن تتحقق التنمية إلا من خلال رؤية عميقة لمشكلاتنا، وإدراك واع لإمكاناتنا، وامتلاك حقيقي لإرادتنا، وجهد متكامل بين قياداتنا وشعوبنا، وهذا ما يجب أن نعمل عليه بجد حتى تتحقق أهدافنا التي تستحق الأجيال القادمة».

لكن خبراء وسياسيين قللوا من نتائج زيارة الرئيس مرسي لإثيوبيا، قائلين إن الزيارة لم تقدم كثيرا لمنع إجراءات تشييد وبناء سد النهضة الإثيوبي الذي سيقلل من حصة مصر من مياه النيل. وقال أحمد بهاء شعبان، عضو جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة، لـ«الشرق الأوسط» إن «زيارات مرسي مجرد رحلات ليس لها علاقة بالواقع»، لافتا إلى أن الزيارة لم تقدم كثيرا لمنع إجراءات تشييد وبناء سد النهضة الإثيوبي، الذي سيمنع مياه النيل من الوصول لمصر بنفس الحصة، على حد قوله، مؤكدا أن ما قاله وزير الري أمس في أديس أبابا بأن سد النهضة مشروع إقليمي لصالح الجميع، بما في ذلك دولتا المصب، أي مصر والسودان، «كلام غير مدروس».

ومن جانبه علق الدكتور هاني رسلان الخبير في الشؤون الأفريقية، بقوله إن «زيارة الرئيس المصري إلى إثيوبيا بروتوكولية ومتعلقة بمشاركته في القمة الاستثنائية»، قائلا إن علاقات مصر بأفريقيا تحتاج رؤية واستراتيجية طويلة الأمد، ومن الصعب إصلاح ما يشوب هذه العلاقات في لحظة.