نساء يقدن المعركة ضد الجرائم الجنسية في الجيش الأميركي

سيدات أعضاء بالكونغرس يدفعن لتمرير مشروع يسرع بمحاكمة المتورطين

السيناتورة كلير مكاسكيل (وسط) تتحدث إلى الصحافيين بحضور زميلتيها المشرعتين نيكي تسونغاس (يمين) وسوزان كولينز حول مشروع قانون يخص الاعتداءات الجنسية بالجيش في «كابيتول هيل» يوم الخميس الماضي (أ.ف.ب)
TT

اتجه نحو 12 عضوا من أعضاء الكونغرس ومسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى غرفة روزفلت بالبيت الأبيض في التاسع من مايو (أيار) الحالي لعقد اجتماع عاجل لمناقشة قضية الاعتداءات الجنسية في الجيش الأميركي، وكان الأمر الأكثر إثارة للدهشة في الاجتماع - نظرا لسيطرة الرجال على عالم الأمن القوي - هو أن 85% ممن جلسوا حول طاولة النقاش نساء.

وعلى النقيض من القضايا الأخرى التي لا تلقى مزيدا من الاهتمام، يتحرك الكونغرس بسرعة ومن جانب الحزبين الجمهوري والديمقراطي لإجبار وزارة الدفاع على اتخاذ إجراءات صارمة لوضع حد لظاهرة الجرائم الجنسية في صفوف الجيش. وتقود هذه الحملة مجموعة من المشرعات، يشكلن كتلة معتبرة في لجان القوات المسلحة، وبدأ صبرهن ينفذ بسبب موقف البنتاغون من هذا الموضوع.

وقالت السيناتورة الديمقراطية كاي هاغان، وهي واحدة من 20 امرأة في مجلس الشيوخ سبع منهن في لجنة القوات المسلحة: «هذه قضية تعامل معها الكثير منا على مدار سنوات، ولكن بات من المقلق بشكل لا يصدق أن تصل إلى مستوى الجيش».

وكان الرئيس أوباما قد أثار الموضوع خلال الكلمة التي ألقاها يوم الجمعة الماضي أثناء حفل تخرج دفعة جديدة بالأكاديمية البحرية، حيث قال: «أولئك الذين يرتكبون الاعتداءات الجنسية لا يرتكبون جريمة فحسب، ولكنهم يهددون الثقة والانضباط اللذين يمثلان مصدر قوتنا العسكرية».

ومع ذلك، تدور معظم النقاشات حول هذا الموضوع في الكونغرس، حيث يتعرض القادة العسكريون النظاميون - وكلهم تقريبا من الرجال الذين اعتادوا الاستجواب بطريقة مهذبة ومحترمة - لانتقادات لاذعة من جانب النساء اللاتي لا يظهرن استعدادا لقبول تفسيراتهم لأسباب التنامي القوي لظاهرة الاعتداءات الجنسية في الجيش.

من جهتها، تحدثت السيناتورة الديمقراطية كلير مكاسكيل مرارا عن هذه المشكلة مع رئيس أركان القوات الجوية الجنرال مارك ويلش، خلال جلسة الاستماع التي عقدها الكونغرس في السابع من مايو الحالي، بعد يومين من اعتقال ضابط مكلف بالتعامل مع قضايا الاعتداءات الجنسية بتهمة الاعتداء على امرأة في موقف سيارات في فرجينيا وهو تحت تأثير الكحوليات.

وقالت مكاسكيل، وهي تستجوب ويلش حول تاريخ الضابط الذي أُلقي القبض عليه: «أعلم بأنك قضيت نهاية الأسبوع بشكل سيئ، وأتفهم أن هذا الموضوع مؤلم بالنسبة لك، لكني أود أن أطرح عليك بعض الأسئلة». ورد ويلش بطريقة عفوية: «نعم، سيدتي»، قبل أن يقر بزلة لسانه قائلا: «عفوا، نعم سيدتي السيناتورة، لقد كان هذا الموضوع مؤلما بالنسبة لي».

لم يكن الأمر سهلا بالنسبة لويلش فيما بعد خلال جلسة الاستماع عندما تم استجوابه من قبل السيناتورة الديمقراطية كريستين غيليبراند، حول الإجراءات العسكرية لملاحقة مرتكبي حالات الاعتداء الجنسي، حيث قالت غيليبراند: «أعتقد أن هناك حالة من عدم الفهم وغياب التدريب لمعالجة مثل هذا النوع من الجرائم التي لا تزال آخذة في الارتفاع. وبناء على ذلك، هل تفهم أيها الجنرال ويلش أن هناك خللا ما ينبغي إصلاحه؟».

وخلال مقابلات شخصية، قالت مشرعات إن زيادة أعدادهن بشكل تدريجي في الكونغرس قد أعطاهن مزيدا من النفوذ السياسي لإيجاد حل للقضية، غير أن بعضهن صرحن أنهن حذرات من الاعتماد بشكل كبير على مسألة أنهن سيدات أو إظهار الأمر وكأنه يقتصر على معاناة النساء من الاعتداءات الجنسية في الجيش.

وقالت السيناتورة الجمهورية كيلي أيوت، وهي عضو في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ: «يتحرك الجيش ببطء شديد فيما يتعلق بهذه القضية، ويجب أن يكون هناك شعور أكبر بحالة الإلحاح، ولكن التعامل مع تلك القضية على أنها قضية تخص المرأة، يقلل من أهميتها بالطبع».

ووفقا لمسح صادر عن البنتاغون حول العسكريين الخارجين من الخدمة خلال الشهر الحالي، فإن 6.1% من النساء و1.2% من الرجال قد عانوا من «اتصال جنسي غير مرغوب فيه» العام الماضي، على الرغم من أن عددا قليلا منهم هم من قاموا برواية تفاصيل الحوادث التي تعرضوا لها. وترى مجموعات حقوقية أن معظم الضحايا يخشون من رفع قضايا خشية الانتقام أو العزلة.

وعلى الرغم من إجماع المشرعات على ضرورة سن مزيد من القوانين لعلاج المشكلة، فإن هناك حالة من الاختلاف بشأن المقترحات التي سيكون لها تأثير أقوى. وتضغط غيليبراند، مع عدد آخر من المشرعات، لتمرير مشروع قانون من شأنه أن يحدث تغييرات جذرية في القانون العسكري، بحيث يمكن لممثلي الادعاء العام، بدلا من القادة، تقرير ما إذا كان يتعين التحقيق مع، أو محاكمة، المتورطين في الاعتداءات الجنسية وغيرها من الجرائم الخطيرة.

وعلى الجانب الآخر، ترى مشرعات أخريات أنه ينبغي عدم الوصول لذلك، مفضلات التركيز على ضمان حصول الضحايا على حق الدفاع عنهم من خلال محامين وتلقي مزيد من أشكال الدعم.

وكانت لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ قد حددت الرابع من يونيو (حزيران) المقبل موعدا لعقد جلسة استماع مخصصة بالكامل لمناقشة قضية الاعتداءات الجنسية في الجيش. ومن المقرر أن يدلي قادة هيئة الأركان المشتركة بشهاداتهم، جنبا إلى جنب مع قادة كل أفرع القوات المسلحة.

وقالت السيناتورة الديمقراطية مازي هيرونو، وهي عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، إنه ليس من قبيل المصادفة أن تكون النساء هن من يطرحن الأسئلة حول الاعتداءات الجنسية خلال جلسات الاجتماع، مضيفة: «اكتشفت خلال المدة التي عملت خلالها بالسياسة أنه عندما يكون هناك عدد كبير من النساء في دائرة اتخاذ القرار، فإن المناقشات تركز على نقاط لم يتم التركيز عليها من قبل، وأنا متفائلة بأن الأمر نفسه سيحدث مع هذه المشكلة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»