صاروخان يضربان الضاحية الجنوبية بعد أقل من 12 ساعة من تعهد نصر الله بمواصلة القتال في سوريا

سكان المنطقة ظنوا الهجوم غارة إسرائيلية.. وسياسيون يدينون.. وجعجع يحمل حزب الله المسؤولية

جنود لبنانيون يعاينون شقة تعرضت لأضرار جسيمة جراء سقوط صاروخين في الضاحية الجنوبية ببيروت أمس (أ.ب)
TT

سقط صاروخا «غراد»، من عيار 107 ملم، أمس، في الضاحية الجنوبية لبيروت التي تعد معقل حزب الله اللبناني، أسفرا عن جرح أربعة أشخاص، بعد أقل من 12 ساعة على تعهد أمين عام حزب الله حسن نصر الله بمواصلة القتال في سوريا ضد مقاتلي المعارضة. وجاء ذلك بينما نفى الجيش السوري الحر مسؤوليته عن إطلاق الصاروخين، حيث أكد مسؤول الإعلام المركزي في القيادة المشتركة لـ«الحر» فهد المصري أن «لا علاقة لنا لا من قريب ولا من بعيد بإطلاق الصواريخ».

وأعلن الجيش اللبناني أن صاروخين استهدفا صباح أمس منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية: «أحدهما سقط في معرض سيارات بالقرب من كنيسة مار مخايل، والآخر في حي مارون مسك، أديا إلى إصابة أربعة أشخاص بجروح مختلفة وحصول أضرار مادية في الممتلكات». وأعلنت مديرية التوجيه أن قوى الجيش «فرضت طوقا أمنيا حول المنطقة وعملت بالاشتراك مع الأجهزة المختصة على نقل المصابين إلى المستشفيات للمعالجة، فيما حضر عدد من الخبراء العسكريين إلى المكان، وبوشر التحقيق لتحديد نوع الصاروخين ومصدر إطلاقهما وكشف هوية الفاعلين».

وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن الصاروخين من طراز «غراد» عيار 107 ملم، مشيرة إلى أن أحدهما سقط على شرفة منزل سهيل حجازي في شارع مارون مسك. وأفادت بأنه «من بين الجرحى الأربعة 3 سوريين إصابة أحدهم خطرة، وقد تم نقل الجرحى إلى مستشفى جبل لبنان للمعالجة، وهم محمود الحسن، عبد الله الحسن، حسن الحسن وخليل العلي».

وأعلنت مديرية التوجيه في الجيش أنه «وبنتيجة التحقيقات الميدانية التي قامت بها مديرية المخابرات والأجهزة المختصة في الجيش، عثر في الأحراج الواقعة في خراج بلدة عيتات على منصتي إطلاق الصاروخين»، مشيرة إلى أن التحقيقات تواصلت بإشراف القضاء المختص لتحديد هوية الفاعلين وتوقيفهم.

وفيما ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن القوى الأمنية قامت بالبحث عن صاروخ ثالث أطلق من قواعد الصواريخ التي نصبت بين بسابا وعيتات، من دون أن ينفجر، أكد مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط» أن «الصاروخ الثالث لم يطلق»، مشيرا إلى أنه «تم تفكيكه قبل إطلاقه». وأوضح أنه «عمليا، كانت هناك ثلاثة صواريخ، أطلق اثنان منها، فيما تم تفكيك الثالث».

وعما إذا كانت التحقيقات توصلت إلى خيوط لمعرفة هوية الفاعلين، قال المصدر إنه «من المبكر معرفة هوية الفاعلين»، مشددا على أن «التحقيقات جارية لتحديد هويتهم».

وكلف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، الشرطة العسكرية بإجراء التحقيقات الأولية لكشف ملابسات سقوط الصاروخين ومصدرهما.

وتقع منطقة عيتات التي أطلق منها الصاروخان على بعد نحو 13 كيلومترا إلى الجنوب الشرقي من الضاحية الجنوبية، وتتبع إداريا قضاء عالية. أما منطقة سقوط الصاروخين فتعد منطقة تجارية وسكنية، وتبعد نحو كيلومتر عن المربع الأمني لحزب الله الذي دمرته إسرائيل خلال حرب يوليو (تموز) عام 2006. وتعتبر منطقة مار مخايل منطقة حيوية، كونها المدخل الشمالي للضاحية الجنوبية، وتفصل بين سكان مسيحيين يقيمون شمالها في أحياء عين الرمانة، وسكان شيعة يقيمون غربها وجنوبها. أما شارع مارون مسك في الشياح، فهو حي سكني يسكنه الشيعة، وينتشر فيه مناصرون لحركة أمل التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، ومناصرون لحزب الله.

واستفاق السكان صباحا على دوي الانفجارين الذين فصلت بينهما دقائق قليلة. وقال أحد سكان شارع مارون مسك ح. شمص لـ«الشرق الأوسط»: «عقب سقوط الصاروخ الأول، اعتقدنا أن الدوي ناتج عن انفجار إطار شاحنة، لكن سقوط الصاروخ الثاني في بناء قريب من عمارتنا، دفعنا للهروب من المنزل، ظنا أن الطائرات الإسرائيلية نفذت غارة على الحي». ولم يفصل الذين توافدوا إلى موقع سقوط الصاروخ بمعرض بيع السيارات في مار مخايل، بين خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله مساء أول من أمس وإطلاق الصاروخين، معتبرين أن العملية «رسالة واضحة من معارضي نصر الله». وقال أحدهم، رفض الكشف عن اسمه، لـ«الشرق الأوسط»: «الرسالة واضحة»، مشيرا إلى أن «طرفا متضررا من قتال حزب الله في سوريا أراد نقل المعركة إلى هنا». وأدان السياسيون، من جميع الأطياف، العمل «التخريبي»، واصفين إياه بـ«الإرهابي الذي يستهدف إشعال الفتنة في لبنان». وندد الرئيس اللبناني ميشال سليمان بإطلاق الصاروخين، واصفا من قام بذلك «بالإرهابيين المخربين الذين لا يريدون السلم والاستقرار للبنان واللبنانيين»، وذلك بحسب بيان لرئاسة الجمهورية.

بدوره، قال وزير الداخلية مروان شربل في تصريح للصحافيين خلال تفقده المنطقة إن الهدف من إطلاق الصاروخين «تخريبي»، مؤكدا أنه «لا يمكن أن نتهم أحدا» في هذه المرحلة. وأمل شربل في «ألا تصبح الأحداث الجارية في سوريا عندنا في لبنان»، محذرا من أن «لبنان لا يتحمل لأننا ما زلنا نتأثر بأعوام الحرب التي مررنا بها».

من جهته، شدد رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري خلال اتصاله برئيس مجلس النواب نبيه بري بعد حادث إطلاق الصواريخ على منطقة الضاحية، على إدانة الحادث ووجوب تضافر الجهود في سبيل تجنيب البلاد أي مخاطر ماثلة.

ودعا الحريري إلى «التبصر في مخاطر الدعوات التي تجاهر بالمشاركة في الحرائق الخارجية وتريد من اللبنانيين أن يكونوا وقودا لها».