المشروعات الأجنبية تقدم للأفغان أفكار الموضة ومتنزه تزلج و10 آلاف بالون

تهدف إلى خلق أجواء من البهجة في بلد مزقته الحروب

توزيع 10 آلاف بالون وردي اللون ضمن مشروع فني اسمه «نؤمن بالبالونات» في العاصمة كابل (نيويورك تايمز)
TT

انتشر متطوعون في كابل لتوزيع 10,000 بالون وردي اللون ضمن مشروع فني يدعى «نؤمن بالبالونات».

يهدف صاحب المشروع، الفنان يازماني آربوليدا، المقيم في نيويورك، الذي قال، إنه «يحظى بدعم وزير الثقافة و6 من منظمات المساعدات الدولية إلى خلق أجواء من البهجة في بلد مزقتها الحرب».

قدم أحد المتطوعين بالونا لبائع متجول، سيف رحمن، 27 عاما، قائلا: «هذه من أجل السلام».

لكن رحمن تساءل: «أين هو السلام؟ إن الهجمات لا تتوقف ليل نهار في كابل».

تعرض آربوليدا لانتقادات كثيرة، فقال منتقدوه إن المشروع: «إهدار للمال والوقت والموارد». وقال: «تلقيت رسائل بريد إلكتروني تقول لي لماذا لا تقوم بتوزيع الغذاء أو الرعاية الصحية أو أشياء ذات مغزى أكبر وضرورية أو الدائمة؟» وأضاف هناك الكثير من المنظمات الدولية العامة والخاصة التي تحاول القيام بعمل دائم وضروري، لكن عندما يتعلق الأمر بالأشياء العابرة وغير الهادفة والسخيفة، نرى أن مشروع «نؤمن بالبالونات» يحمل الكثير من المميزات. فمع أكثر من 100 مليار دولار من المساعدات الغربية والمؤسسات الخيرية الخاصة التي تنتشر في أفغانستان خلال السنوات الـ12 الماضية وآلاف من المنظمات التي تحاول العثور على وسائل لأنفاقها هناك عدد وافر من الأمثلة على الجهود التي تتنوع بدءا من تلك المثيرة للسخرية إلى الجهود العظيمة.

من بين الجهود التي تطمح أن تكون ضمن التصنيف الأخير ما تقوم به مؤسسة أمان الدين، التي تتألف من كاتب رحلات فرنسي وعارض أزياء من نيويورك كاميرون ألبورزيان - الذي انتقل مع العمل مع مادونا إلى تدريبات الإيورفيدك وأصبح ممارسا لليوغا ويريد استخدام هذه الدعوة للمساعدة في إنهاء الحرب.

وقال ألبورزيان على موقع المنظمة: «في إطار هذا البرنامج سنشرح لنزلاء السجن وجنود الجيش والشرطة وأطفال المدارس ومرضى المستشفيات العقلية وطالبان ممارسة اليوغا والتأمل، وهو ما سيدعم عمليه السلام».

تم تنفيذ البرنامج بتمويل ذاتي، لكن الكثير من المشروعات الغريبة كهذه تجذب الدعم الجاد. ففي عام 2011 قام ترافيس بيرد، موسيقي أسترالي، بما وصف بأول حفل موسيقى روك خفي في العالم، يهدف إلى تعليم الأطفال الأفغان كيفية عزف الروك. كان التخفي ضروريا فآخر مرة أقيم فيها عزفت فيها فرقة روك أفغانية في احتفال علني بداية الشهر الحالي تعرض أفراده لهجوم من الشرطة، التي فسرت حركاتهم الغريبة بأنها دليل على السكر العلني.

وقال بيرد، إنه حصل على دعم من 6 سفارات، من بينها سفارة الولايات المتحدة وجاءت منحته - التي رفضت السفارة الأميركية الكشف عن قيمتها - من ميزانية دبلوماسية عامة، ميزانية تقديرية بلغ مجموعها 148 مليون دولار في عام 2010 - 2011 وحده، بحسب المفتش العام الخاص بإعادة إعمار أفغانستان. وقد رفض المسؤولون الأميركيون الإفصاح عن قيمتها في الوقت الراهن، على الرغم من الاعتقاد بانخفاضها إلى 80 مليونا خلال العام الماضي.

ويقول مساعد سابق في السفارة طلب عدم ذكر اسمه: «في إحدى المراحل كنا ننفق المال على أي فكرة، كان المال خارجا عن السيطرة». ويتعهد الصندوق بتمويل مشروعات تتنوع ما بين منح فولبرايت إلى أبراج الهواتف الجوال. ويقول ديفيد سنيب، المتحدث باسم السفارة: «الدبلوماسية العامة هي كيفية مشاركة الشعوب حول العالم، وكيفية تفسير قيمنا. كل هذه البرامج تتآلف سويا لتقدم استراتيجية دبلوماسية عامة شاملة نعتقد أنها كانت ناجحة للغاية خلال السنوات الـ10الماضية».

تدير إحدى هذه المنظمات، شابات من أجل التغيير، سيدة أفغانية تدرس بالجامعة في الولايات المتحدة وقالت اثنان من صديقاتها هنا، إنها تلقت تمويلا من السفارة الأميركية لإقامة عرض أزياء في فبراير (شباط)، أطلق عليه «مشروع تمكين المرأة».

ويقول داوود سلطانضوي، المذيع في قناة «تولو»، الأفغانية والتي تتلقى هي الأخرى ملايين الدولارات: «أعتقد أن علينا أن ننفق الأموال الأميركية في مشاريع تتسم بالديمومة وتكون أكثر عملية. الناس تأتي إلى هنا تحمل فكرة وتود تنفيذها، لكنهم يعرضوننا لسهام النقد وهجمات المتشددين وهم كثيرون في أفغانستان».

كان أداء بعض منظمات الإغاثة جيدا للغاية، فقد لا يبدو ما تقوم به سكاتيستان، منظمة مساعدات أسترالية تقوم بتعليم الأطفال الأفغان التزحلق على الجليد، ذا مغزى في بلد لا تعرف الشوارع المعبدة. لكنها قامت ببناء متنزه للتزلج وتقدم الخدمات التعليمية والطعام لأطفال الشوارع هنا وتحصل على الدعم من الكثير من الحكومات الأوروبية.

يأتي على رأس قائمة الإنفاق هنا، النسخة الأفغانية من برنامج «شارع سمسم» الذي بدأ في أواخر عام 2011 بتمويل أميركي. وفيما قد يبدو الأول من نوعه في حوليات الحرب والدبلوماسية تم تصوير السفير رايان كروير مع شخصية غروفر في وسط كابل.

كان الهدف تقديم بعض الأفكار ذات النيات الحسنة على خلاف الحقائق القاسية للحياة الأفغانية. وفي عام 2007 تحدث مندوب الوكالة الأميركية للمعونات الدولية أمام حشد في جامعة كابل لمناقشة خطط مشروع تمكين السيدات الذي سيقدم دراجات مجانية للسيدات في قندهار، المدينة المحافظة بشدة في الجنوب البشتوني.

لم يلق المشروع أي رواج نظرا لأنه لا سيدة تجرؤ على الخروج في قندهار سوى بالبرقع الذي يغطي جسمها بالكامل والذي يشكل لها صعوبة في السير ناهيك بركوب الدراجة. وفي إطار البحث عن وسيلة لإنفاق جزء من المنحة البالغ قدرها 35 مليون دولار لتعزيز سيادة القانون، قامت شركت «دي بي كي» للاستشارات، متعاقد أميركي مع الوكالة، بتنظيم مهرجان لتوزيع الطائرات والكتب المصورة على الأطفال. كانت الطائرات مزينة بشعارات عن المساواة بين الجنسين وسيادة القانون لم يتمكن أغلب الحضور من قراءتها. وقامت قوات الشرطة التي تحرس المهرجان بسرقة الكثير من الطائرات، وضرب بعض الأولاد، فيما قام الآباء بانتزاع الطائرات من أيدي بناتهم وتقديمها لأولادهم الذكور. وقد رفضت السفارة طلب تمويل مهرجان البالون يوم السبت، وكذلك فعلت السفارة الهولندية لكنها وفرت مكانا لجمع التبرعات.

وأشار منظم المهرجان، أربوليدا، إنه فكر في توزيع البالونات في البرلمان الأفغاني الذي يناقش قانونا يجرم العنف ضد النساء، والذي يعارضه.

وأضاف: «تم اختيار اللون الوردي ليمثل المرأة. لكن المشكلة أن المتطوعين لم يتمكنوا من العثور على أي من أعضاء البرلمان».

*خدمة «نيويورك تايمز»