جدل حول مشاركة ضباط الجيش والشرطة في التصويت على الانتخابات الرئاسية

اللواء قشقوش كتلته التصويتية 470 ألفا فقط

TT

قال اللواء محمد قشقوش، أستاذ الأمن القومي بأكاديمية ناصر العسكرية العليا في مصر، إنه لا معنى للمخاوف التي يثيرها البعض بشأن منح المحكمة الدستورية العليا في البلاد حق التصويت في الانتخابات للقوات المسلحة والشرطة، إذا ما اقتصر هذا الحق على الانتخابات الرئاسية والاستفتاء على الدستور أو تعديله. وأثار قرار المحكمة الدستورية منح المؤسستين النظاميتين حق التصويت في الانتخابات جدلا واسعا في البلاد وسط مخاوف من الزج بالمؤسستين إلى أتون الصراع السياسي وبما يهدد حيادهما. ويواجه القرار بمعارضة شديدة من قوى إسلامية ممثلة في المجلس التشريعي، كما يواجه تحفظات من قوى مدنية أيضا.

لكن اللواء قشقوش، وهو محلل استراتيجي عسكري، قلل من هذه المخاوف، قائلا لـ«الشرق الأوسط» أمس إنه ليس مسموحا للعسكريين بالاشتغال في السياسة أو الانتماء إلى أحزاب أو تأسيس أحزاب، لكن حق التصويت في الانتخابات الرئاسية والاستفتاء على الدستور مكفول في الديمقراطيات المستقرة.

وحول المخاوف من توجيه أصوات المؤسستين النظاميتين إلى مرشح بعينه في أي انتخابات قادمة، خاصة إذا ما كان لأحد المرشحين خلفية عسكرية، قال اللواء قشقوش إن «تقرير التوازن العسكري الذي يصدره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، قدر عدد القوات المسلحة المصرية بنحو 470 ألفا، ولو افترضت صدق الرقم فحتى لو اتجهت تلك أصوات جميعها إلى مرشح واحد، فإنها لن تؤثر في هيئة ناخبة قوامها 52 مليون ناخب». ولا يزال ساسة في مصر ينظرون بريبة تجاه نوايا المؤسسة العسكرية في أعقاب ثورة 25 يناير قبل عامين. وسلم المجلس العسكري، الذي أدار شؤون البلاد طوال عام ونصف العام عقب الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك، سلطة الحكم إلى أول رئيس مدني منتخب لا ينتمي إلى المؤسسة العسكرية في يونيو (حزيران) الماضي.

وأضاف اللواء قشقوش قائلا إن المخاوف من الدفع بالجيش إلى الصراع السياسي ناتجة عن كون النظام السياسي المصري لا يزال في مرحلة التحول، لكن النظم الديمقراطية المستقرة لا تعرف مثل هذه التخوفات.

وتابع: «علينا أن نقتدي بالتجارب الديمقراطية التي استقر نظامها السياسي خلال قرون، طالما نريد الانتقال من الحكم الشمولي إلى النظام الديمقراطي. في تلك التجارب المستقرة، يشترك عناصر الجيش والشرطة في انتخاب رئيس الدولة وفي الاستفتاء على الدستور أو تعديلاته، لكنهم لا يشاركون في الانتخابات النيابية».

ويرى اللواء قشقوش أن الجيش ليس مجرد جنود مصفوفين على الحدود، بل هو جزء رئيس من الأمن القومي بمعناه الواسع السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. «والجيش لا يتدخل في العمل السياسي، لكنه مسؤول عن تأمين الدولة ونظامها السياسي، وجنوده وضباطه قطاع لا يمكن تجاهله في خيارات حاسمة.. فالجندي مواطن له حقوق سياسية أصيلة».

ويشير اللواء قشقوش إلى أن بلاده لا تزال تعاني تأثير القبلية والمناطقية في الانتخابات النيابية، وهو يشدد على ضرورة إبعاد الجيش والشرطة عن المشاركة فيها، دون أن يغفل الإشارة إلى الانحراف الممكن في هذه التجربة، محذرا من مخاطر «الحالة اللبنانية».

ويلزم الدستور الجديد للبلاد إجراء الانتخابات بإشراف قضائي في وجود وكلاء للمرشحين ومراقبين داخل لجان الاقتراع. ويرى بعض الساسة أن الجيش قد لا يستطيع الوفاء بهذه الشروط داخل معسكراته، مما قد يهدد سلامة العملية الانتخابية، لكن اللواء قشقوش قلل أيضا من هذه المخاوف قائلا: «هذه تفاصيل إجرائية قابلة للمناقشة وإيجاد حلول وآليات لتنفيذ القرار».

وشدد اللواء قشقوش على انضباط القوات المسلحة، قائلا إنه من الممكن التعامل مع معسكرات الجيش أسوة بالمساجد ودور العبادة التي يحظر القانون استخدامها للدعاية، مشيرا إلى أن القوات المسلحة لم تسع لاكتساب هذا الحق. وأضاف: «إن كانت هناك تطلعات لدى القوات المسلحة للوصول إلى السلطة ما كانت قد تخلت عنها قبل عام.. فالقوات المسلحة وفت بتعهدها بتسليم السلطة للرئيس المنتخب».

وقال اللواء قشقوش: «أعيب على النظام الانتخابي مشاركة المصريين في الخارج في الانتخابات النيابية، فكيف أمنح مصريا استقر في بلد آخر لسنوات حق المشاركة في الانتخابات، وأحرم الجندي من هذا الحق».