السلطة ترفض إحياء خطة اقتصادية في غياب «السياسية»

الأوفر حظا لرئاسة الحكومة الفلسطينية المقبلة: لا تنازلات سياسية مقابل تسهيلات اقتصادية

TT

قال الدكتور محمد مصطفى رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني الأوفر حظا لرئاسة الحكومة الفلسطينية التي يسعى الرئيس محمود عباس (أبو مازن) إلى تأسيسها، إن القيادة الفلسطينية لن تقدم تنازلات سياسية مقابل التسهيلات الاقتصادية (التي يطرحها وزير الخارجية الأميركي جون كيري)، مؤكدا أن العنصر الاقتصادي لن يكون الأول والوحيد الذي يهتم به الفلسطينيون.

وكان مصطفى يرد على مقترحات كيري في منتدى دافوس الاقتصادي في المملكة الأردنية. وبرز مصطفى في الفترة الأخيرة بشكل لافت، ورافق الرئيس أبو مازن في زيارات خارجية ولقاءات كثيرة مع كيري ومسؤولين عرب وغربيين. ويعتبر مع رامي الحمد الله رئيس جامعة النجاح الوطنية، أقوى مرشحين للمنصب الجديد إذا لم تتم إعادة تكليف فياض نفسه.

وقال مصطفى الذي لا يتحدث في الشؤون السياسية، إلا فيما ندر، لإذاعة «موطني» المحلية: «أي ترتيبات يجب أن تكون ضمن إطار سياسي يضمن دولة فلسطينية على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وتضمن حقوق اللاجئين». وأضاف: «الأولوية الآن لمرجعية الحل السياسي».

وكان كيري قد أعلن عن خطة لإنعاش الاقتصاد الفلسطيني، قائلا إنها ستتضمن نحو 4 مليارات دولار من الاستثمارات. وأضاف أن هناك «خبراء يعملون الآن لجعل الأمر حقيقيا وجاهزا». ووعد ببث الحياة بشكل كبير في الاقتصاد الفلسطيني.

وتحدث كيري عن توقعات بزيادة في إجمالي الناتج المحلي الفلسطيني بنسبة تصل إلى 50 في المائة خلال 3 سنوات، وخفض معدل البطالة بنسبة الثلثين ليتراجع من 21 في المائة إلى 8 في المائة، وارتفاع متوسط الرواتب بنسبة 40 في المائة. ويعمل كيري مع توني بلير، مبعوث اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، على وضع هذه الخطة. وقال إن بلير يعكف على وضع خطة جذرية، من شأنها تغيير مصير الدولة الفلسطينية المستقبلية.

ووصف كيري الخطة بأنها الأكبر والأكثر جرأة منذ نحو 20 عاما. ودعا القطاعين العام والخاص إلى التعاون بقوله: «على القطاعين العام والخاص سواء بسواء مسؤولية تلبية مطالب الوقت الحالي، ولا يمكن لأحدهما الاستغناء عن الآخر». وتابع القول: «نحن نحتاج إليهم على الطاولة. نحتاج إلى نموذج جديد، إلى كيفية إحلال النظام وفتح الإمكانات. نحتاج إلى عقد شراكة مع القطاع الخاص، لأنه من الواضح أن غالبية الحكومات لا تملك المال».

وخطة كيري الاقتصادية هذه، يُفترض أن تكون جزءا من خطة متكاملة تتضمن خطة أمنية وخطة سياسية لإحلال السلام. ويفترض أن يطرح كيري في يونيو (حزيران) المقبل مبادرة متكاملة، بعد أن يصل إلى اتفاقات متفاهم عليها بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقبل يومين، أعلن كيري عن تعيين الجنرال الأميركي جون ألون مبعوثا خاصا للمفاوضات الأمنية بين رام الله وتل أبيب.

وقالت مصادر إسرائيلية، إن ألون لن يشارك في المفاوضات المباشرة، بل سيعمل على صياغة المواقف الأميركية تجاه الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية والترتيبات الأمنية الخاصة بين فلسطين وإسرائيل، بعد قيام الدولة الفلسطينية.

وتصر إسرائيل على ترتيبات أمنية خاصة، ضمن اتفاق سلام شامل، وأثناء وبعد قيام الدولة الفلسطينية، ويوافق الفلسطينيون على أي إجراءات من شأنها تقليل مخاوف الإسرائيليين، لكن من دون أن يكون ذلك على حساب الأرض الفلسطينية، أو يمس بالسيادة.

وزار ألون إسرائيل، الأسبوع الماضي، والتقى برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه موشيه يعلون، ومسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي، واستمع خلال ذلك إلى تلخيص للاحتياجات الأمنية لإسرائيل.

وفي الوقت الذي اتضحت فيه ملامح الخطتين الأمنية والاقتصادية، بقي الاتفاق على الشأن السياسي، وهو الأكثر تعقيدا. وتطلب السلطة وقف الاستيطان والاعتراف بحدود 1967 كمرجعية للعملية السياسية، وتقول إسرائيل إنها مستعدة لمناقشة كل الطلبات على طاولة المفاوضات، وليس ضمن شروط مسبقة. ويعرف كيري صعوبة المهمة، مؤكدا أنه ينتظر قرارات صعبة من الجانبين.

وقال مصطفى: «نحن قدمنا وجهة نظرنا بشكل واضح في المواضيع كافة، السياسية والاقتصادية، ومتطلبات تقدم العملية السياسية». وينتظر الفلسطينيون، كما أكد مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» نتائج مباحثات كيري مع نتنياهو.

وهاجمت حماس بشدة موافقة السلطة على مفاوضات جديدة، ولو بشروطها، كما هاجمت الخطة الاقتصادية الجديدة، والتنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل، الذي دافع عنه أبو مازن في منتدى البحر الميت. وكتب فوزي برهوم الناطق باسم «حماس» على صفحته على موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي: «ما يسمى بالخطة الاقتصادية التي تحدث عنها كيري تسويق للوهم وخداع للرأي العام وحرق للوقت لصالح الكيان الإسرائيلي».

وحذر يوسف رزقه مستشار رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية، من تفرد أبو مازن في القرار بشأن المفاوضات. وقال هنية، خلال مراسم افتتاح مسجد عمر بن عبد العزيز في بلدة بيت حانون، أمس: «الفخر عند الحديث عن التعاون الأمني ليس من ثقافة شعبنا».

وكان أبو مازن قال إنه لا يخجل من هذا التنسيق. وأكد هنية أن حركته لا تعول على اللقاءات التي يجريها أبو مازن مع كيري وغيره، واصفا هذه اللقاءات، بما فيها لقاؤه بالرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس، في منتدى عمان، بأنها تطبيعية ومحاولة لإحياء جثة هامدة (المفاوضات). وتابع القول: «اللهاث وراء السراب غير مجدٍ، وجربنا ذلك 20 عاما وخرجنا بـ(صفر)».