مشروع قانون الجمعيات الأهلية يثير جدلا بين الحقوقيين والحكومة

الرئاسة قالت إنه «إحدى الدعائم الأساسية لخطة التنمية»

TT

أثار قرار الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي، إحالة مشروع قانون منظمات العمل الأهلي في البلاد للمناقشة في مجلس الشورى (التشريعي) حالة من الجدل بين الحقوقيين والمنظمات الأهلية، وسط اتهامات بأن مشروع القانون سيؤدي إلى تحجيم عمل المنظمات الأهلية وفرض مزيد من الرقابة الحكومية عليها، لكن الرئاسة وصفت المشروع بأنه «إحدى الدعائم الأساسية لخطة التنمية الشاملة، وفاعل هام داخليا وخارجيا يعكس القوة الناعمة لمصر».

وقالت رئاسة الجمهورية إن الرئيس مرسي قرر إحالة مشروع القانون إلى مجلس الشورى مساء أول من أمس لمناقشته بعدما انتهت منه الهيئة الاستشارية للشؤون الدستورية والقانونية بالرئاسة.

ويبلغ عدد المؤسسات الأهلية في مصر 45 ألف مؤسسة. وشهد العام الماضي أثناء تولي المجلس العسكري إدارة شؤون مصر، تحقيقا في عمل بعض المنظمات غير الحكومية وتمويلها، من بينها منظمات تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، مما أدى إلى أزمة بين القاهرة وواشنطن وقتها.

وأضافت الرئاسة، في بيان نشر بصفحتها الرسمية على موقع «فيس بوك»، إن قرار الرئيس يأتي حرصا على دعم العمل الأهلي وسعيا لتحقيق التكامل بين مؤسسات الدولة والمجتمع الأهلي، وتمكين المجتمع المدني من ممارسة نشاطه، وحماية حقوقه وحرياته التي نص عليها الدستور الجديد.

وأوضحت الرئاسة أن مشروع القانون يهدف إلى توفير المناخ الملائم الذي يسمح للمجتمع الأهلي بالعمل في إطار من الحرية والشفافية والمسؤولية، كما يتيح دورا فاعلا للمصريين في الخارج للاشتراك في العمل الأهلي.

من جانب آخر، أدان حقوقيون ومعارضون مشروع القانون، قائلين إنه يحجم عمل المنظمات ويفرض مزيدا من الرقابة عليها، لافتين إلى أن القانون المقدم من حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، أكثر تقييدا من القوانين التي كانت في عهد الرئيس السابق حسني مبارك. بينما حثت المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، في بيان لها أمس، الحكومة المصرية على القيام بخطوات تكفل وضع المسودة الحالية من مشروع قانون منظمات المجتمع المدني أمام خبراء حقوق الإنسان المصريين والدوليين، ليقوموا بدراستها دراسة متأنية، وأن تقوم الحكومة استنادا إلى مشورتهم بملائمة نص القانون مع المعايير الدولية قبل إقراره من قبل مجلس الشورى.

وبحسب جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، فإن القانون يعد استكمالا لما أطلق عليه «سيطرة الدولة البوليسية» على منظمات المجتمع المدني في مصر، مشيرا إلى أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، التي تعد من أهم الجهات المعنية بحقوق الإنسان في العالم، أكدت أن المشروع المقدم من الحكومة لا يتفق مع المعايير العالمية لحقوق الإنسان، ويفرض قيودا صارمة على منظمات المجتمع المدني في مصر. وعبرت هبة مرايف، مدير مكتب منظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان في مصر، بأن مشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد لا يزال يتيح للسلطات تقييد المنظمات غير الحكومية.

وقالت «جبهة الإنقاذ الوطني» المصرية في بيان لها، إن مشروع القانون «يسعى إلى إعادة إنتاج الدولة البوليسية عن طريق تقنين دور الأمن في الرقابة على عمل الجمعيات الأهلية».

في غضون ذلك، أكد المستشار حسام الغرياني، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، تمسك المجلس بضرورة تمتع النشاط الأهلي بأكبر قدر من الحرية التي تعطيه قدرة على مباشرة أنشطته. وأضاف، أمس، خلال مؤتمر التعاون بين المجلس القومي لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، أن المجلس يستطيع أن يقدم يد العون للجمعيات غير الحكومية في مجال حقوق الإنسان، لافتا إلى أن قضية التمويل الأجنبي أصبحت محل نقاش كبير في قانون الجمعيات الأهلية، وأن التمويل الأجنبي ليس مرفوضا على إطلاقه.