تقرير سري: قراصنة صينيون يسرقون تصاميم أسلحة أميركية مهمة

أكثر أنظمة الأسلحة المتقدمة حساسية تم اختراقها

TT

أفاد تقرير أعد لأجل البنتاغون ولمسؤولين من الحكومة وقطاع الدفاع بأن تصميمات للعديد من أكثر أنظمة الأسلحة المتقدمة حساسية في الدولة قد تم اختراقها من قبل قراصنة صينيين.

ومن بين أكثر من اثني عشر نظام أسلحة رئيسيا تم اختراق تصميماتها، برامج حساسة تتعلق بأنظمة الدفاعات الصاروخية الأميركية والطائرات والسفن المقاتلة، بحسب جزء تم الكشف عنه من قبل من تقرير سري أعد من قبل مجلس علوم الدفاع.

ويحذر خبراء من أن الاختراقات الإلكترونية منحت الصين إمكانية اطلاع على التقنيات المتقدمة.. الأمر الذي يمكن أن يعجل بتطوير أنظمة أسلحتها وإضعاف الميزة العسكرية الأميركية في نزاع مستقبلي.

ولم يوجه مجلس علوم الدفاع، المجموعة الاستشارية رفيعة المستوى المؤلفة من خبراء حكوميين ومدنيين، اتهامات للصينيين بسرقة التصميمات، لكن مسؤولين عسكريين وصناعيين رفيعي المستوى مطلعين على تفاصيل عمليات الاختراق أشاروا إلى أن السواد الأعظم منها كان جزءا من حملة صينية موسعة للتجسس على متعهدي الدفاع الأميركيين والهيئات الحكومية.

ويسهم كل من أهمية ومدى الأهداف في توضيح سبب تصعيد إدارة أوباما تحذيراتها للحكومة الصينية بضرورة وقف ما تراه واشنطن عملية سرقة إلكترونية ضخمة. وفي يناير (كانون الثاني)، حذرت اللجنة الاستشارية في النسخة المعلنة من تقريرها من أن وزارة الدفاع غير مؤهلة لمواجهة صراع إلكتروني شامل. وتضم نسخة سرية قائمة بتصميمات الأسلحة التي تم اختراقها، وتم تقديم تلك النسخة إلى صحيفة «واشنطن بوست».

يشكل بعض الأسلحة أساس أنظمة الدفاع الصاروخية الإقليمية الخاصة بالبنتاغون في آسيا وأوروبا والخليج العربي. وتضمنت تلك التصميمات الخاصة بنظام صواريخ «باتريوت» المتقدمة، المعروفة باسم «باك - 3»، ونظام أسلحة خاصا بالجيش يهدف لإسقاط الصواريخ الباليستية المعروفة باسم THAAD، ونظام دفاع صواريخ «أيجيس» الباليستية الخاصة بالبحرية.

كما يرد في هذا التقرير أيضا أسماء طائرات وسفن مقاتلة رئيسية، من بينها الطائرة النفاثة المقاتلة «إف - إيه 18» وأوسبري «في - 22» والمروحية «بلاك هوك» والسفينة المقاتلة «ليتورال» الجديدة التابعة للبحرية، والمصممة للقيام بدوريات بالقرب من الشاطئ.

وعلى القائمة أيضا أغلى أنظمة أسلحة تم إنشاؤها، وهي مقاتلات «إف - 35»، التي تكلفت نحو 1.4 تريليون دولار.

يذكر أنه كان قد تم نشر تقرير عن تعرض المشروع لعملية قرصنة منذ عام 2007.

تستثمر الصين، التي تنتهج استراتيجية شاملة طويلة الأجل لتحديث جيشها، في وسائل للقضاء على الميزة العسكرية الأميركية، وينظر للتجسس الإلكتروني بوصفه أداة رئيسية في تلك الجهود، حسبما أفادت البنتاغون هذا الشهر في تقرير مرسل إلى الكونغرس عن الصين. وللمرة الأولى، يشير البنتاغون، على وجه التحديد، إلى الحكومة والجيش الصينيين بوصفهما من يقفان وراء اختراقات أنظمة الحكومة وغيرها من أنظمة الكومبيوتر الأخرى.

ومع تنامي التهديد الموجه من حملة التجسس الإلكترونية الصينية، فقد أصبحت الإدارة أكثر علانية في التعبير عن مخاوفها، ففي خطاب وجهه في مارس (آذار)، حث مستشار الأمن القومي للرئيس أوباما الصين على السيطرة على نشاطها الإلكتروني. وفي انتقادها المعلن، تجنبت الإدارة تحديد أهداف بعينها لعمليات القرصنة واختراق الأنظمة، غير أن مسؤولين أميركيين ذكروا أن عدة أمثلة قد أثيرت سرا مع ممثلين رفيعي المستوى من الحكومة الصينية في اجتماع استمر أربع ساعات منذ عام. وأشار المسؤولون، الذين تحدثوا مشترطين عدم الكشف عن هويتهم لوصف اجتماع مغلق، إلى أن مسؤولي دفاع ومسؤولين دبلوماسيين أميركيين رفيعي المستوى قدموا للصينيين دراسات حالات تستعرض تفصيليا أدلة على اختراقات رئيسية للشركات الأميركية، من بينها متعهدو الدفاع. فضلا عن ذلك، خلص تقرير سري أخير صادر عن الاستخبارات الوطنية عن التجسس الإلكتروني الاقتصادي إلى أن الصين تعد حتى الآن أنشط الدول في سرقة الملكيات الفكرية من الشركات الأميركية. ومن جانبها، تؤكد الحكومة الصينية على أنها لا تقوم بعمليات تجسس إلكتروني على هيئات أو شركات أميركية، وكثيرا ما يشكو متحدثون باسم الحكومة من أن بكين ضحية للهجمات الإلكترونية الأميركية. ومن المنتظر أن يثير أوباما القضية لدى مقابلته الرئيس الصيني شي جينبينغ الشهر المقبل في كاليفورنيا. ورفض متحدث باسم البنتاغون مناقشة القائمة من تقرير مجلس علوم الدفاع. غير أن المتحدث، الذي لم يكن مصرحا له بالحديث عن السجل، قال في رسالة بريد إلكتروني: «لدى وزارة الدفاع مخاوف متزايدة بشأن التهديد العالمي للأمن الاقتصادي والقومي من الاختراقات الإلكترونية المستمرة التي تهدف لسرقة الملكيات الفكرية والأسرار التجارية والبيانات التجارية، الأمر الذي يهدد الميزة التنافسية للشركات الأميركية كتلك العاملة في القاعدة الصناعية الدفاعية».

تجسد القائمة السرية لتصميمات أنظمة الأسلحة والتقنيات المخترقة أوضح نظرة على القطاعات التي يشتبه في استهدافها من قبل الصينيين. حينما قرئت القائمة أمام خبراء دفاعيين مستقلين، ذكروا أنهم صدموا من نطاق التجسس الإلكتروني واحتمال اختراق الأنظمة الدفاعية الأميركية.

يقول مارك ستوكس، المدير التنفيذي لمعهد «بروجكت 2049»، وهو مركز بحثي يركز على قضايا أمن آسيا: «هذا أمر مذهل. إنها كلها أنظمة أسلحة شديدة الحساسية، بالغة الأهمية لأمننا القومي. عندما أسمع هذا في المجمل، تحتبس أنفاسي».

وقال الخبراء إن السرقة الإلكترونية تنتج ثلاث مشكلات رئيسية، أولا: تمنح إمكانية الاطلاع على التصميمات الأميركية المتقدمة للصين ميزة مباشرة متعلقة بالعمليات التي يمكن استغلالها في نزاع. ثانيا: تسرع باستحواذ الصين على التقنيات العسكرية المتقدمة وتوفر المليارات في صورة تكاليف تطوير. ثالثا: يمكن توظيف التصميمات الأميركية بما يعود بالنفع على قطاع الدفاع الخاص بالصين. هناك شكوك بعيدة المدى مفادها أن سرقة الصين تصميمات المقاتلة «إف - 35» سمحت لبكين بتطوير نسختها الخاصة بشكل أسرع.

يقول جيمس لويس، خبير في السياسات الإلكترونية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: «لقد شهدتم تطورات هائلة في الإمكانات العسكرية الصينية عبر استعدادهم للإنفاق واستحواذهم على أسلحة روسية متقدمة وحملة التجسس الإلكتروني التي أطلقوها». ويضيف: «قبل عشر سنوات، اعتدت أن أصف جيش التحرير الشعبي بأنه أكبر متحف عسكري في الهواء الطلق في العالم. ولم يعد بإمكاني قول هذا الآن».

وأشارت النسخة المعلنة من تقرير مجلس العلوم إلى أن عمليات التجسس الإلكتروني هذه يمكن أن تسفر عن «تبعات خطيرة بالنسبة للقوات الأميركية المشاركة في القتال». وربما تشمل تلك التبعات قطع الاتصالات اللازمة لعمليات القوات الأميركية. وربما يضلل فساد البيانات العمليات الأميركية. وقد تعجز الأسلحة عن العمل على النحو المطلوب. وقد تتحطم طائرات أو أقمار صناعية أو طائرات من دون طيار، بحسب التقرير.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»