الجيش الموريتاني يسيطر على مدينة الزويرات بعد أحداث عنف تخللت احتجاجات عمالية

مصادر محلية تحدثت عن إضرام النار في مباني المحافظة والإذاعة المحلية

TT

خرجت الأوضاع عن السيطرة في مدينة الزويرات، الواقعة في شمال موريتانيا، بعد مظاهرة نظمها عمال مقاولات الشركة الوطنية للصناعة والمناجم (سنيم) المعروفون محليا باسم «عمال الجورنالية». وانطلقت المظاهرة بشكل عفوي وسلمي صباح أمس، قبل أن تواجهها وحدات من الحرس والشرطة مستخدمة قنابل الغاز المسيل للدموع، ليتمكن المحتجون في النهاية من اقتحام مبنى المحافظة ونهب محتوياته قبل أن يقوموا بإضرام النار فيه، وإحراق أربع سيارات كانت متوقفة أمام المبنى.

المحتجون الغاضبون تمكنوا في أقل من ساعة من السيطرة على وسط المدينة، حيث نهبوا وأحرقوا مقر الإذاعة المحلية التي اتهموها بتجاهل إضراباتهم السابقة، كما نهبوا وأحرقوا إحدى شركات الوساطة في مجال تشغيل العمال بشكل يومي وبعقود مؤقتة لصالح شركة «سنيم».

وعاشت المدينة المنجمية حالة من الفوضى وغياب الأمن لعدة ساعات، وذلك بعد انسحاب قوات الشرطة والحرس الوطني، من الشوارع أمام آلاف العمال الغاضبين الذين حملوا العصي والحجارة، حيث أغلقت جميع الأسواق وارتفعت ألسنة الدخان في سماء المدينة، وسادت حالة من الخوف في أوساط سكان الزويرات، ثالث أهم مدينة في موريتانيا، حيث توجد المكاتب المركزية للشركة الوطنية للصناعة والمناجم (سنيم)، التي تستغل مناجم الحديد القريبة من المدينة.

وتمكنت وحدة من الجيش الموريتاني مقبلة من مدينة افديرك (30 كيلومترا شرقي الزويرات)، من بسط سيطرتها على المباني الإدارية، وأهم شوارع المدينة، متفادية الدخول في مواجهات مع العمال المحتجين الذين انسحبوا باتجاه خيام منصوبة في ساحة عمومية وسط المدينة حيث كانوا يعتصمون خلال الأسابيع الماضية، قبل أن يعود الهدوء الحذر إلى المدينة.

يشار إلى أن هذه الأحداث جاءت بعد فشل جولات من المفاوضات كانت تنظمها السلطات الإدارية في المدينة خلال الأيام الماضية، ما بين الشركة الوطنية للصناعة والمناجم (سنيم)، والشركات الوسيطة المشغلة لعمال يعملون بعقود يومية وعن طريق شركات وسيطة، كثيرا ما دخلوا في إضرابات للمطالبة بتحسين أوضاعهم.

وفي غضون ذلك، تحدث قائد المنطقة العسكرية في ولاية تيرس الزمور (شمال) إلى العمال المعتصمين وسط الساحة العمومية، واستدعى عددا من النقابيين الذين يتزعمون الاحتجاجات العمالية، وذلك من أجل استئناف المفاوضات حول تسوية الأزمة التي أدت إلى انهيار الأوضاع الأمنية في المدينة بشكل غير مسبوق، أعاد إلى الأذهان أحداث مايو (أيار) 1968، التي أسفرت آنذاك عن مقتل عدد من العمال بعد إطلاق الرصاص الحي عليهم من طرف الجيش.

وحسب ما ذكرت مصادر عمالية، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، فإن قائد المنطقة العسكرية قال في حديثه مع العمال المضربين إن المفاوضات سيتم استئنافها، قبل أن يطمئنهم ويعدهم بتسوية الأزمة في أقرب وقت، مشيرا إلى أن تدخل الجيش جاء فقط للحفاظ على الأمن وتأمين ممتلكات العامة والخاصة.

وأكدت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن النقابي محمدو ولد النهاه، الذي يوصف بأنه العقل المدبر للأحداث الأخيرة، وجه أصابع الاتهام إلى محافظ المدينة، واتهمه بالتسبب فيها، معتبرا أنه في آخر اجتماع للتفاوض مع العمال وصفهم بأوصاف «غير ملائمة»، مما أثار غضب العمال وجعلهم يقدمون على «أعمال غير محسوبة»، وفق تعبيره.

وحسب المصادر ذاتها فإن الخسائر المادية التي أسفرت عنها الأحداث كانت كبيرة، فيما لم يتم تسجيل أي خسائر بشرية عدا الاعتداء بالضرب المبرح على أحد عمال الشركات الوسيطة، تم نقله إلى المستشفى المدينة.

وحل وزير الداخلية واللامركزية محمد ولد ابيليل، رفقة محافظ تيرس الزمور العقيد أحمدو بمب ولد بايه أمس بمدينة الزويرات على متن مروحية، وذلك بعد أن قطعا اجتماعا شاركا فيه في مدينة أطار، عاصمة ولاية آدرار (شمال).

يشار إلى أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز سبق أن وعد عمال المقاولات بإنهاء معاناتهم سنة 2011، وتم بعد ذلك إصدار مشروع قانون صادق عليه البرلمان سنة 2012، ينص على القضاء بشكل نهائي على الشركات الوسيطة، والعمل على اكتتاب العمال بشكل رسمي من طرف شركة «سنيم».