منشق عن حزب الله يزور بلدته لمحاورة أهلها بعد محاولة إحراق منزله

رامي عليق: الترهيب يطال كل من يعترض على القتال في سوريا

TT

لن تثني التهديدات والضغوط التي تعرض لها رامي عليق، الكاتب اللبناني الشيعي والحزبي السابق المنشق عن صفوف حزب الله، بعد 13 عاما من الالتزام المتواصل، عن التوجه اليوم إلى مسقط رأسه، بلدة يحمر الجنوبية، التي شهدت الأسبوع الماضي محاولة إحراق منزل عائلته وترهيب ابنة عمه، على خلفية مواقفهما الرافضة لمشاركة حزب الله في القتال إلى جانب قوات النظام السوري في منطقة القصير.

ويعتزم عليق، وهو مؤلف كتابي «طريق النحل» و«تحت المياه الخضراء»، ويرويان مسيرته في صفوف «حزب الله» ومن ثم انشقاقه عنه ومتابعته لمسيرته الأكاديمية والسياسية، مكتسبا قناعات جديدة مناهضة لما اكتسبه داخل الحزب، عقد جلسة حوار مع شباب البلدة وأهلها، بعد مؤتمر صحافي كان مقررا أن يعقده ظهر اليوم في نقابة الصحافة اللبنانية. لكن اللافت أن نقابة الصحافة تراجعت أمس عن موافقتها على استضافته وأبلغته اعتذارها رسميا بسبب ضغوط سياسية يُرجح أن تكون قد تعرضت لها، تحفظ عليق عن ذكرها، مكتفيا بنقل مؤتمره إلى أحد الفنادق في محلة الأشرفية في بيروت.

وتأتي خطوة عليق بعقد مؤتمر صحافي في بيروت، ثم التوجه إلى بلدته يحمر، بعد أيام من تعرضه وبعض أفراد عائلته إلى «تهديدات ومحاولة حرق منزل ذويه وحملات منظمة لتشويه سمعته وصلت إلى دعوة جهات معينة أهالي قريته إلى التبرؤ منه، ليس لشيء إلا للتعبير عن آراء حرة بواسطة الكلمة»، على ما كتب على صفحته الشخصية على «فيس بوك». وأشار إلى «حملات ما زالت مستمرة بهدف ترهيبه ومن يؤيده لمنعهم من زيارة بلدتهم أو البقاء فيها»، معتبرا أن هذا «المنحى الخطير يمس بأبسط واجبات الدولة بحماية مواطنيها وتأمين حرّيتهم في التعبير».

وتحدث عليق لـ«الشرق الأوسط» أمس عما سماه «المخطط القديم - الجديد لترهيب كل فرد أو مجموعة تحاول أن ترفع صوتها بشأن قرار حزب الله التدخل في سوريا»، موضحا أنه «أراد التوجه إلى قريته باعتبارها نموذجا لقرى لبنانية عدة يظهر فيها اعتراض شيعي، ليس فرديا، من خلال آراء وكتابات، تجاه تدخل حزب الله العسكري في سوريا». ورأى أنه «من الضروري في ظل غياب الدولة، من رأس الهرم إلى أسفل القاعدة، الوقوف بوجه محاولات ترهيب الناس واستخدام الخوف كوسيلة لردعهم، إلى درجة لم يعد ممكنا على أهالي القرى الجنوبية التنفس».

وكان منزل جد عليق، الذي يقطنه عمه أحمد في بلدة يحمر التي يتمتع فيها حزب الله بنفوذ كبير، قد تعرض الأسبوع الماضي لمحاولة إحراق من مجهولين، ألصقوا ورقة على الباب كتب عليها: «ارحلوا من القرية ولا تعودوا أبدا»، موقعة باسم «لواء السيدة زينب». لكن محاولة إحراق المنزل لم تنجح مع تدخل الجيران لإخماد النيران.

ولحقت تهديدات بابنة عمه الشابة مروى عليق، الأسبوع الماضي، على خلفية تعليقات كتبتها على صفحتها الشخصية على «فيس بوك» انتقدت فيها مشاركة حزب الله في القتال بالقصير.

وجاءت هذه الأحداث بعد يومين على استضافة عليق في منزل عمه، الذي نظم له احتفالا لمناسبة توقيع النسخة الإنجليزية من كتابه «طريق النحل»، بعد رفض كل النوادي المحلية في بلدة يحمر استقباله. وأعرب عن اعتقاده بأن «ما جرى ممنهج من قبل حزب الله الذي سارع إلى تحريك جماعاته وتعبئتهم بشكل حثيث»، لافتا إلى أنه «وصل الأمر إلى حد الطلب من بعض أفراد عائلة عليق إصدار بيان للتبرؤ منه، كما جرى إيعاز لمواقع رسمية لتعميم هذا الأمر، من دون أن تتجاوب معه».

وأشار عليق إلى أنه «رغم خطورة التوجه إلى قريته اليوم، على وقع عشرات الاتصالات التي وردته من أفراد أسرته وضغط كبير يمارس عليه للعزوف عن خطوته، فإنه مصرّ عليها». وقال: «سأزور قريتي من دون أي استفزاز وبحذر جديد بهدف خلق حوار حضاري مع الأهالي لشرح موقفي من منطلق التراث المقاوم الذي تملكه يحمر، منذ احتلال فلسطين، مرورا بالحركة الوطنية ثم المقاومة الإسلامية التي كنت أحد عناصرها وأصبت في القتال وسقط رفاقي شهداء».

وأعرب عن اعتقاده أنه «لو نجحت هذه الخطوة جزئيا، فستكون الأولى من نوعها وستعطي أملا للناس ولمن يؤيدني ويلتزم الصمت خوفا بسبب الترهيب، وعلى الرغم من أن الوضع يغلي لكني مصرّ في ظل حالة الصمت الرهيبة على القيام بهذه الخطوة». ولفت إلى أنه يتلقى على صفحته عبر «فيس بوك».. «عشرات الرسائل من مناصرين للحزب وحتى من مسؤولين فيه تجاوبوا مع كتاباتي وقالوا إنها بمثابة (فشة خلق لهم)»، على حد تعبيره. ورأى أن مرد هذا التجاوب إلى أنه «يحكي في كتاباته بلغتهم ولغة المقاومة الحقيقية».