الأزمة السورية توقع بين مقتدى الصدر وحسن نصر الله

تعزيزات للجيش النظامي وحزب الله استعدادا لـ«معركة الفصل» في القصير

أحد شوارع حي السيدة زينب في دمشق (رويترز)
TT

أرسل حزب الله اللبناني وقوات الحرس الجمهوري السوري تعزيزات إلى مدينة القصير الاستراتيجية، وسط سوريا، في محاولة للسيطرة على آخر معاقل المقاتلين المعارضين فيها، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس. وتزامنا مع تواصل قدوم التعزيزات، تبنى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مشروع قرار يتهم قوات الرئيس بشار الأسد ومقاتلين أجانب بقتل مدنيين في مدينة القصير السورية، ويطالب الأمم المتحدة بإجراء تحقيق.

ويندد القرار، الذي عرضته الولايات المتحدة وتركيا وقطر بـ«المذابح الأخيرة في القصير» ويطلب من لجنة التحقيق المستقلة حول سوريا التي تعمل بتفويض من مجلس حقوق الإنسان القيام بـ«تحقيق خاص حول الأحداث في القصير» وتقديم تقرير في سبتمبر (أيلول) المقبل. ويدين مشروع القرار أيضا كل أعمال العنف التي ارتكبت في سوريا من قبل كل أطراف النزاع، ويطلب من السلطات السورية تأمين «وصول حر ودون عراقيل» للعاملين في الوكالات الإنسانية المكلفة إنقاذ المدنيين لا سيما في القصير. وتعليقا على مشروع القرار، قال السفير السوري لدى الأمم المتحدة فيصل الحموي عند بدء النقاشات إن «القصير لم تشهد أي مجزرة».

من جهتها، قالت السفيرة الأميركية لدى المجلس إيلين تشامبرلاين دوناهوي إن «الضربات الجوية الأخيرة ونيران المدفعية أدت إلى مقتل أكثر من 183 مدنيا في القصير». وأضافت أن «الولايات المتحدة قلقة فعليا جراء التزايد الكبير لدور حزب الله في سوريا»، معتبرة أن ذلك ساهم في زعزعة استقرار سوريا وكذلك لبنان والمنطقة بأسرها.

وتأتي النقاشات في مجلس حقوق الإنسان فيما تكثف المجموعة الدولية جهودها في محاولة لعقد مؤتمر دولي حول سوريا. وعبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس عن استغرابه الشديد لدعم الولايات المتحدة مشروع القرار، كما أعلن سفير روسيا لدى الأمم المتحدة ألكسي بورودافكين أن نقاشات المجلس «غير مناسبة وليست بناءة»، وأنه يمكن أن تجعل إطلاق عملية سلام في سوريا «أكثر صعوبة». وطرح تساؤلات حول ما إذا كل هذا الأمر يهدف إلى «نسف الجهود» الهادفة إلى تنظيم المؤتمر الدولي حول سوريا.

إلى ذلك, رفض قيادي في التيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين العراقي مقتدى الصدر التعليق على الخلاف الذي اشتعل مؤخرا ما بين زعيم التيار وحسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني، وقال: «إن السيد مقتدى الصدر ينطلق في كل طروحاته من ثوابت عراقية وعربية، وهو يقف مع حق الشعوب العربية في تقرير ما تريده ومع حريتها، وهذا ربما لا يعجب الآخرين وهو أمر لا يلتفت إليه الصدر».

وأضاف القيادي في التيار الصدري الذي فضل عدم نشر اسمه لـ«الشرق الأوسط» أمس، «لا أدري إن كنتم تسمونه خلافا أو اختلافا في الآراء بين السيدين الصدر وحسن نصر الله، ونحن نرى أن الاختلاف في الآراء مسألة صحية ولا تفسد للود قضية»، نافيا أن يكون «الاختلاف في الرأي قد وصل إلى درجة الخلاف والقطيعة».

وكان مصدر سياسي عراقي قد أكد أمس لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد، وجود خلافات عميقة بين الصدر ونصر الله على خلفية دعم الأخير لنظام الأسد، مشيرا إلى أن «الصدر أكد بأنه من الخطأ جدا تورط الشيعة بدعم الأسد ضد شعبه، وأن هذه المسألة ستبقى على مر التاريخ علامة سلبية ضد الشيعة الذين عانوا من الاضطهاد والمظلومية في العراق على مر عقود طويلة وأنهم ضحايا استبداد السلطة والديكتاتورية فكيف ندعم اليوم حكما ديكتاتوريا ضد الشعب السوري».

وأشار المصدر السياسي العراقي الذي رفض ذكر اسمه قائلا: إن «مسألة الخلاف بين الصدر ونصر الله ليست جديدة، كما أنه كان هناك بالأساس خلاف سابق يتعلق بالوضع العراقي وبدعم الصدر لمشروع سحب الثقة عن نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي والذي تقدم به التحالف الكردستاني والقائمة العراقية مما أزعج إيران وحزب الله».

وذكر المصدر السياسي أن الصدر «كان قد رفع علم المعارضة السورية في مؤتمر (المستضعفين في الأرض) الذي عقد قبل ما يقرب من 3 أشهر بمدينة الكوت مركز محافظة واسط، وهو يعتبر الشأن السوري موضوعا داخليا لا يحق لنا التدخل فيه ودعم رئيس النظام ضد شعبه الذي لا يستحق ما يعيشه من مآس اليوم».

ميدانيا، كشفت مصادر عسكرية قيادية في القصير لـ«الشرق الأوسط» عن وصول 1700 مقاتل من حلب إلى القصير للمشاركة في القتال ضد القوات الحكومية ومقاتلي حزب الله، معلنة أن المقاتلين المعارضين الذين ينتمي معظمهم لـ«لواء التوحيد»، أكبر ألوية حلب، «وصلوا إلى القصير ودخلوا مدينتها المحاصرة للمشاركة في القتال». وقالت المصادر إن الجيش الحر «حشد عشرات آلاف المقاتلين من ريف حمص، وحلب، وإدلب، ودير الزور، للقتال في القصير، وبدأوا بالوصول تباعا على شكل أفواج وكتائب منذ ليل (أول من) أمس إلى المدينة، في محاولة لاستعادتها». وقالت المصادر إن «هذه المعركة ستكون مصيرية، نظرا لموقع القصير الاستراتيجي في الثورة السورية»، مشيرة إلى تخوف المعارضة من أن سقوط القصير «سيؤدي لسقوط حمص بيد قوات النظام». وشددت المصادر على أن هذه المعركة ستكون «معركة الفصل بيننا وبين حزب الله»، مؤكدة أن قوات المعارضة «تمتلك إمكانات قتالية، من ناحيتي العديد والسلاح، مما يجعل الحرب طاحنة».

وتزامنت تعزيزات الطرفين مع انتهاء مهلة الـ24 ساعة التي منحها رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش السوري الحر اللواء سليم إدريس للرئيس اللبناني ميشال سليمان وأمين عام الجامعة العربية نبيل العربي وأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، قبل استهداف معاقل حزب الله داخل الأراضي اللبنانية، على خلفية مشاركته في القتال بالقصير. وهدد رئيس المجلس العسكري الثوري في حلب عبد الجبار العكيدي، في شريط فيديو بُث على شبكة الإنترنت، حزب الله، أمس، بأن «صواريخه ستطال الضاحية الجنوبية وما بعد الضاحية الجنوبية». وقال العكيدي إن «(لواء التوحيد) بمشاركة ثوار القلمون والقصير، سيستهدفون مقاتلي حزب الله على الأراضي اللبنانية والسورية»، داعيا المسؤولين اللبنانيين «للجم حزب الله»، وإلا «ستطال صواريخنا المتطورة ما بعد الضاحية الجنوبية».

وعن إمكانات الجيش الحر العملية لضرب الضاحية، قالت مصادر المعارضة العسكرية في القصير لـ«الشرق الأوسط» إن «الإمكانية متوفرة لضرب الضاحية بصواريخ متطورة»، مشيرة إلى أن «حزب الله سيفاجأ بقدرتنا». وإذ أكدت أن «التهديد جدي»، شددت على «أننا سنضرب عمق حزب الله في لبنان ردا على استهداف أهالينا في القصير».

وكان صاروخان، لم يتبناهما أحد، سقطا في الضاحية الجنوبية صباح الأحد الماضي، أسفرا عن إصابة أربعة أشخاص بجروح. وتواصل أمس سقوط صواريخ المعارضة السورية داخل الأراضي اللبنانية؛ إذ أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بسقوط 3 صواريخ عصر أمس في أحراج مدينة الهرمل.