البرلمان اللبناني يتجه غدا إلى تمديد ولايته.. والقرار يواجه «طعن» سليمان وعون

وزير العدل السابق: عدم الإجماع عليه يضعف دستوريته

TT

يتجه المجلس النيابي اللبناني إلى إقرار تمديد ولايته لـ15 شهرا غدا، بذريعة «الوضع الأمني القاهر»، وذلك بعدما وصلت المباحثات بين الفرقاء السياسيين بشأن التوصل إلى قانون للانتخاب، إلى حائط مسدود، رغم إصرار الرئيس اللبناني ميشال سليمان وكتلة النائب ميشال عون على رفض هذا القرار ومواجهته بالطعن لدى المجلس الدستوري.

وفي ظل استمرار الانقسام الحاد بين الكتل السياسية، قدم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مبادرة تقضي بدعوة رئيس الجمهورية الفرقاء السياسيين إلى حوار من دون أحكام مسبقة ويكون مستعدا للتنازل من أجل مصلحة الوطن، وذلك تأكيدا منه على ضرورة استمرار التواصل، وخاصة مع ما يحصل في الساعات الأخيرة واحتمال توصل مجلس النواب إلى توافق حول الانتخابات النيابية.

وكان عدد من النواب قد نقلوا عن رئيس مجلس النواب، نبيه بري، تأكيده أن «الوضع الأمني القاهر هو السبب الأساسي في التمديد للمجلس، خصوصا أن ما نشهده على هذا الصعيد لا يسمح بإجراء انتخابات سليمة في البلاد». وقال النائب مروان حمادة بعد اجتماع مكتب هيئة مجلس النواب أمس، إنه اتفق على وضع بند وحيد على الجلسة العامة الجمعة، وهو «التمديد للمجلس النيابي نظرا لاستثنائية الوضع الأمني التي تحول دون تحرك أحد من المرشحين في البلد ودون إمكانية تحرك الناخب بحرية»، مؤكدا أن معظم الكتل ستصوت مع التمديد ما عدا كتلة واحدة، قاصدا بذلك، كتلة النائب ميشال عون.

وبينما أكدت مصادر الرئيس سليمان لـ«الشرق الأوسط» أن إقرار التمديد سيؤدي بالتأكيد إلى السير بالطعن فيه لدى المجلس الدستوري، أوضح وزير العدل السابق، إبراهيم نجار، لـ«الشرق الأوسط»، أن الأمر يتعلق بشكل رئيس بفترة التمديد وميثاقية الجلسة. وبالتالي، إذا كانت المدة قصيرة أي لا تتجاوز 6 أشهر، يمكن القول إن التمديد تقني ويتفق إلى حد ما مع الأصول المتعلقة بتداول السلطة ومقتضيات الدستور، لكن إذا لم يأت هذا التمديد بإجماع أو شبه إجماع، سيضعف هذا القرار قانونيا ودستوريا، ولا يمكن اعتباره، عند عرضه على المجلس الدستوري، وليد التوافق اللبناني - اللبناني، الذي يعطي التمديد الحصانة التي تصمد أمام أي اعتبار قانوني آخر. وهذا، ما قد يواجه التمديد المتوقع إقراره اليوم في المجلس النيابي رغم رفضه من قبل ما لا يقل عن 35 نائبا، وفق نجار، وهو سيكون بالتالي مدخلا مهما لإضعاف هذا القرار قانونيا ودستوريا.

ويشير النجار إلى أن السير في الطعن يبدأ بعد التصويت على اقتراح القانون وإصداره في مجلس النواب ومن ثم إحالته إلى رئيس الجمهورية، عندها إما أن يوقعه وينشر في الجريدة الرسمية، أو يرده إلى المجلس النيابي، أو أن يطعن فيه أمام المجلس الدستوري وطلب إيقاف تنفيذه، وهي الخطوة التي يمكن أن يقوم بها أيضا 10 نواب، أو رئيس الحكومة.

وفيما يتعلق بقرار المجلس الدستوري حيال الطعن، لفت النجار إلى أن الأمر يحتاج إلى ما لا يقل عن 10 أيام، وإذا أقر بأن التمديد طويل الأمد، باطل، لن يبقى عندها على المجلس النيابي إلا أن يمتثل للتمديد التقني، الذي عليه خلال هذه الفترة أن يتوصل إلى اتفاق على قانون بديل، أو سيكون أمام خيار وحيد وهو السير بـ«قانون الستين» النافذ.

وأجمعت الآراء السياسية لمختلف الفرقاء الداعمين للتمديد، على أن هذا الخيار يبقى في المرحلة الراهنة أفضل من «قانون الستين»، إضافة إلى تجاوز المرحلة الحرجة التي يمر بها لبنان، وفي حين أعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، أنه مع قرار التمديد، معتبرا أن «إجراء الانتخابات وفق قانون الستين هو أسوأ شيء»، أكد النائب آلان عون في كتلة «التغيير والإصلاح»، أن فريقه ضد مبدأ التمديد بالمطلق، مضيفا: «إذا كانوا يرون أن الحل في التمديد للحالة الانتظارية التي تشل كل البلد أو في محافظة هذه الطبقة السياسية على نفسها، فنحن لا نريد أن نضحك على الرأي العام ونقول له إننا نمدد بانتظار التوافق على قانون جديد».

ورأى عون أنه «عندما نصل إلى عجز في الحكم، فعلى الشعب اللبناني أن يجد طبقة جديدة تعيد الحياة للبلد. يمكننا القول للبنانيين، إما أن نقفل على أنفسنا في بيوتنا أو نكمل بحياتنا الطبيعية.. لن نستسلم للقدر الذي يقول إننا في حال عجز ولا يمكننا عمل شيء».

كذلك، رأى النائب في كتلة «المستقبل أحمد فتفت، أنه «يجب الاعتناء بالوضع الأمني، ورفع الضغط عن المواطنين، لذا كان يجب أن نأخذ المبادرة، ورأينا أنه يجب أن يكون هناك وقت إضافي لإقرار قانون انتخابي عادل، وقد وضعنا موضوعا واحدا هو التمديد».

واعتبر فتفت أنه «لو جرت الانتخابات وفق قانون الستين لكان التمديد سيكون لأربع سنوات، إلا أن التمديد الآن هو لسنة ونصف فقط»، مشيرا إلى أنه «قد يصل عدد المصوتين للتمديد إلى 110 أصوات من أصل 124 نائبا».

وفي موازاة معركة قانون الانتخاب شبه الحاسمة، أمس، طرح ميقاتي مبادرة وطنية تقضي بأن يتقدم سليمان للقاء حواري بشرط أن يأتي كل فريق إلى الحوار من دون أي أحكام مسبقة. وقال ميقاتي في مؤتمر صحافي، إن «النتائج المطلوبة تحمي الوطن وتحصنه»، لافتا إلى أن «هذا ما حصل عام 1943، إذ توحد لبنان وأبناؤه جميعا على مبدأ عدم الانغماس مع الغرب أو مع الشرق في مصطلح سمي الميثاق الوطني». وشدد على أننا «نحتاج اليوم إلى تخلي كل الفرقاء عن ذواتهم من أجل الوطن، فلا أحد منا يمتلك الحق والصواب»، معتبرا أنه «لا يمكن لعدو أن يطمح إلى أكثر من التفرقة والتشرذم بين اللبنانيين ولا يمكن أن نواجهه إلا بوحدتنا، كما أنه لا يمكن تعزيز شيء إلا في جو من السلم الأهلي».

وأضاف ميقاتي: «حذرنا قبل سنتين من دخول لبنان عين العاصفة، وأرسينا سياسة النأي بالنفس التي شكلت خشبة خلاص وحيدة كي لا يدخل لبنان أتون الصراع في المنطقة»، مؤكدا أن «هذه السياسة حققت استقرارا في الواقع اللبناني ولو نسبيا، ولكن الخطر بدأ يداهمنا وتغلغل إلى مناطقنا من دون استثناء، لكن الحدود ما زالت قابلة للاحتواء والمعالجة، وذلك من خلال الحوار، والأهم ألا نكون مرهونين لأي فريق خارجي، لأن أحدا لن يقف بجانبنا ما لم نقف نحن جنبا إلى جنب، ومن خلال تحصين سياسة النأي بالنفس لتلتزمها كل المجموعات اللبنانية». كما دعا إلى «الإسراع في تشكيل حكومة جديدة يتمثل فيها كل الفرقاء»، مشددا على أن «الجمود قاتل والجدل يعزز الاصطفاف في معسكرات ستطيح بالبلد وأمنه ومؤسساته وبوحدة شعبه».