تصاعد الأزمة بين السلطتين القضائية والتشريعية في مصر

القضاء يلاحق اثنين من قادة الأحزاب الإسلامية

TT

دخلت مصر أمس إلى ساحة صراع مفتوح بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية، على خلفية إصرار المجلس التشريعي في البلاد على تمرير مشروع قانون من شأنه عزل نحو 3500 قاض. وأعلنت لجنة الدفاع عن القضاة بدء اعتصام مفتوح احتجاجا على القانون الذي تدعمه جماعة الإخوان المسلمين.

وفي هذه الأثناء قالت مصادر قضائية إن وزارة العدل تقدمت بطلب إلى المجلس التشريعي لرفع الحصانة عن القيادي الإخواني صبحي صالح، وكيل اللجنة التشريعية في المجلس، للتحقيق معه في بلاغات من قضاة تتهمه بسبهم، كما بدأت النيابة أمس التحقيق مع عصام سلطان، نائب رئيس حزب الوسط، الموالي لجماعة الإخوان، في بلاغات مماثلة.

وتعقدت تشابكات المشهد السياسي في البلاد على خلفية الصراع المحتدم بين السلطة القضائية والتشريعية، في أعقاب طعن تقدم به محامي الفريق أحمد شفيق المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية، ما دعا اللجنة العليا للانتخابات، وهي لجنة مشكلة من القضاة فقط، إلى الدعوة لاجتماع لتحديد نظر جلسة لفحص الطعن. ودعت لجنة الدفاع عن القضاة إلى اعتصام مفتوح احتجاجا على مناقشة مشروع قانون السلطة القضائية الذي يواجه برفض طيف واسع من قضاة البلاد، ويتحفظ وزير العدل على مواد به، خاصة تخفيض سن تقاعد القضاة إلى 60 عاما بدلا من 70 عاما كما هو معمول به حاليا.

وقالت مصادر قضائية رفيعة إن لجنة الدفاع عن القضاة تستعد لدعوة عموم القضاة في البلاد إلى المشاركة بدورهم في الاعتصام بدءا من الأسبوع المقبل، دون أن تستبعد اللجوء إلى التصعيد في حال إصرار المجلس التشريعي على تجاهل مطالب القضاة.

وسعى وزير العدل المستشار أحمد سليمان إلى طمأنة القضاة بالتأكيد أن القانون المزمع مناقشته داخل اللجنة الدستورية والقانونية في المجلس التشريعي لن يمس سن تقاعد القضاة. ونجح سليمان في إقناع مجلس القضاء الأعلى ورئيس نادي القضاة المستشار أحمد الزند بالتعاطي إيجابيا مع القانون حين إحالته من المجلس التشريعي إلى الهيئات القضائية لاستطلاع رأيهم، وهو الإجراء الذي يلزم به الدستور المجلس التشريعي.

وفي غضون ذلك، فتح قضاة جبهة أخرى في الصراع بين السلطة التشريعية والتنفيذية، بتوجيه اتهامات لقيادات سياسية إسلامية بإهانة القضاة. وقال مصدر قضائي مطلع أمس إن وزير العدل تسلم خطابا في بلاغ مقدم من نحو ألف قاض يتهمون فيه النائب صبحي صالح بإهانة القضاة.

ويستلزم التحقيق مع نائب في المجلس التشريعي رفع الحصانة عن عضو المجلس. وأشار المصدر إلى أن وزير العدل أرسل الخطاب إلى رئيس المجلس لاتخاذ إجراءات برفع الحصانة.

ووسط إدانات من قوى إسلامية، باشرت النيابة أمس التحقيق مع عصام سلطان في بلاغات من قضاة يتهمونه بإهانة القضاء. وقام سلطان أمس برد قاضي التحقيق، طالبا التحقيق معه أمام قاض آخر.

وتشابكت تعقيدات المشهد السياسي مع استعداد اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة نظر طعن تقدم به الفريق شفيق على نتائج الانتخابات الرئاسية، بسبب ما قال: إنه عمليات تزوير شابت العملية الانتخابية.

وقال الدكتور شوقي السيد، محامي الفريق شفيق، لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يزال في انتظار تحديد اللجنة العليا للانتخابات موعدا لنظر الطعن المقدم على قرار لجنة الانتخابات بإعلان فوز الرئيس مرسي، متوقعا أن تحدد اللجنة جلسة خلال الأسبوع الثاني من الشهر المقبل.

وتقدم شوقي السيد بطعن على إعلان نتائج انتخابات الرئاسة التي جرت منتصف العام الماضي إلى اللجنة العليا للانتخابات قبل أيام. وقال السيد إنه تقدم بالأوراق التي تثبت وقائع تزوير، معربا عن اعتقاده بأن الأجواء المحتدمة بين السلطتين القضائية والتشريعية لن تؤثر على لجنة الانتخابات، وأضاف: «على العكس.. قد تكون هذه الأجواء إيجابية لأن المطلوب هو إعلاء دولة القانون والانحياز للشرعية».

وأشار السيد إلى أن نظر الطعن المقدم هو «طعن عيني» على قرار اللجنة ذاتها، ولا علاقة للرئيس مرسي به، وتابع: «القضية أكبر من الأسماء»، مشددا على أنه لا توجد مدة قانونية لتقديم الطعن على تزوير الانتخابات لأنه «لا حصانة لقرار معدوم»، قائلا إن اللجنة لديها خيارات عدة في حال قبول الطعن، منها إعادة فرز بطاقات الاقتراع، والوقوف على مسار التحقيقات التي تجريها النيابة العامة، أو إعادة الانتخابات، أو فتح باب الترشح من جديد.