زعيم يؤكد: الأجهزة الأمنية تحتاجنا

مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت عاملا مساعدا على انتشار الخوف في العراق

TT

لا دخان من دون نار.. هذا هو الشعار الذي بات يتبناه العراقيون هذه الأيام في ظل تواتر الحديث عن انتشار نقاط التفتيش «الوهمية» في بعض المناطق رغم النفي الرسمي من قبل وزارة الداخلية العراقية. ومع أن ظواهر مثل الخطف والاغتيال على الهوية في بعض المناطق قد تتكرر في الآونة الأخيرة، بالتزامن مع موجة غير مسبوقة من التفجيرات التي أعطت انطباعا سلبيا عن عدم قدرة الجيش والأجهزة الأمنية على حفظ الأمن، وهو ما تزامن مع تفجر قصة أجهزة كشف المتفجرات الوهمية - فإن مما زاد من المخاوف الآن هو ظهور عامل مساعد على انتشار الخوف وهي مواقع التواصل الاجتماعي، وبالذات الـ«فيس بوك» الذي بات الآن ينافس، إن لم يتفوق على بعض الفضائيات التي تعتقد الجهات الرسمية الحكومية أنها واحدة من عوامل إثارة الفتنة في البلاد.

كانت الميليشيات حاضرة بقوة قبل أن تتخذ الحكومة والعشائر والقوات الأميركية ابتداء من منتصف العقد الماضي سلسلة من الإجراءات بهدف وضع حد لها. لكن مفردة «الميليشيات» عادت إلى الظهور هذه المرة، ولكن ليس من خلال الفضائيات أو الـ«فيس بوك»، بل على لسان رئيس الوزراء نوري المالكي الذي اعترف ضمنا بوجود الميليشيات خلال كلمة بعد انتهاء اجتماع مجلس الوزراء أول من أمس، داعيا إلى محاربة جميع الميليشيات في العراق.

وفي وقت نفى واثق البطاط، زعيم «حزب الله» العراقي وقائد «جيش المختار»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون تنظيمه «ميليشيا» - فإن وزارة الداخلية، التي لا تزال تبحث عنه عبر مذكرة إلقاء قبض صادرة بحقه، اعتبرته «شخصية وهمية» طبقا لما كان قد أبلغ «الشرق الأوسط» به الناطق الرسمي باسمها العميد سعد معن. المالكي وبعد يوم من إطلاقه يد الأجهزة الأمنية في محاربة كل أنواع الميليشيات، دعا خلال لقائه وفدا عشائريا أمس إلى أن ترتفع الأصوات المتعقلة والمعتدلة بوجه المتطرفين وأصحاب مشاريع الفتنة والتقسيم، ولتعزيز اللحمة الوطنية وتقوية وشائج الأخوة بين العراقيين. وقال بيان صادر عن مكتب المالكي إنه «أكد خلال استقباله بمكتبه الرسمي عددا من شيوخ ووجهاء عشيرة البوعيسى من مختلف أنحاء العراق، أن الدولة لن تتساهل مع أي مظهر مخل بالأمن، داعيا وجهاء العشائر إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية للقيام بمهمتهم، مشددا على أهمية الدور الذي تلعبه العشائر العراقية في الحفاظ على وحدة العراق والتصدي للأخطار المحدقة به». وأضاف البيان أن «عشائر البوعيسى أكدوا من جانبهم وقوفهم إلى جانب الحكومة وتعاونهم معها لتعزيز الأمن والاستقرار، وأنهم يجدون أمنهم واستقرارهم مرتبطا بتعزيز هيبة الدولة والنظام، مشيرين إلى ما تمثله هذه العشيرة الكبيرة من نموذج لقبائل العراق المتآخية التي تضم جميع المكونات».

من جانبه، أكد الأمين العام لـ«حزب الله» العراقي، واثق البطاط، أنه «موجود وليس شخصية وهمية، ويعمل على مساعدة الأجهزة الأمنية في الاقتصاص من المجرمين، سنة كانوا أو شيعة». وأضاف البطاط في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، ردا على سؤال حول قوله إنه يساعد الدولة، في حين دعا رئيس الوزراء الأجهزة الأمنية إلى محاربة جميع أنواع الميليشيات، أجاب البطاط: «إن المالكي يعرف جيدا أنه لا بد من تشكيل جيش شعبي مناطقي لا يحمل صفة ميليشيا لأنه لن يخرج عن القانون، وأن مهمة هذا الجيش في ظل النقص الحاد في المعلومة الاستخباراتية الدفاع عن أبناء المنطقة». وأضاف البطاط أن «هذا الجيش الشعبي معمول به في دول كثيرة في ألمانيا وتيشكوسلوفاكيا في السابق، بل حتى في العهد السابق أعلنوا عن تشكيل جيش اسمه الجيش الشعبي»، معتبرا أن «المالكي مطمئن في قرارة نفسه إلى وجود قوى مناطقية تدافع عن أمن الناس ولا تتقاطع مع الأجهزة الرسمية». وردا على سؤال بشأن كلام المالكي وهو واضح باعتبار كل تشكيل خارج السلطة ميليشيا، قال البطاط إن «الأجهزة الأمنية تحتاج إلى معلومات ونحن بما نملك من خبرة نقدمها لها، لكن ليس بوصفنا ميليشيا بديلة عن الجيش والشرطة، وإن المالكي ربما لا يعلم بمثل هذه الأمور التفصيلية، وإن الصورة العامة التي هي أمامه وجود ميليشيات في الشارع وينبغي محاربتها»، مضيفا أنه «حتى لو أمر المالكي بعدم التعامل معنا استخباراتيا، فإن الأجهزة المختصة قد لا تأخذ بأوامره لأنها تحتاج المعلومة الاستخباراتية، وأننا في النهاية مواطنون عراقيون ونقدمها لحماية الناس، سواء كان هؤلاء الناس شيعة أو سنة»، مؤكدا أن «المالكي يطالب الأجهزة الأمنية بما يفوق طاقتها، مما يجعلها تستعين بخبراتنا في هذا المجال». ونفى البطاط أي صلة له بالهجمات على محلات أو غيرها من الأماكن قائلا إن «هذه ليست من مجال عملنا، فنحن لسنا ضد حرية الناس، لا سيما من أبناء الديانات الأخرى».