طائرة من دون طيار أميركية تستهدف قيادة طالبان الباكستانية

مقتل الرجل الثاني بالحركة في أول عملية من نوعها منذ انتخابات إسلام آباد

صورة ارشيفية لولي الرحمن مأخوذة في مايو (ايار) عام 2012 (أ.ف.ب)
TT

بعد أن تعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما بوضع استراتيجية جديدة لاستخدام هجمات الطائرات من دون طيار، الأسبوع الماضي، قامت الولايات المتحدة أمس بأول عملية قصف لطائرة من دون طيار داخل الأراضي الباكستانية منذ الانتخابات الرئاسية في البلاد. وقال ثلاثة من مسؤولي الأمن في باكستان لوكالة «رويترز» إن ولي الرحمن، الرجل الثاني في حركة طالبان الباكستانية، قتل أمس في هجوم بطائرة أميركية من دون طيار في منطقة وزيرستان الشمالية.

وذكر مسؤولون أمنيون أن الغارة الأميركية قتلت سبعة من بينهم ولي الرحمن في أول هجوم بطائرة من دون طيار منذ انتخابات 11 من مايو (أيار) التي كان فيها استخدام هذه الطائرات غير المأهولة إحدى القضايا الرئيسة.

وكان نواز شريف الذي سيتولى مهامه رسميا في مطلع يونيو (حزيران) صرح مؤخرا أنه يريد تعزيز العلاقات الصعبة لبلاده مع الولايات المتحدة، لكنه حذرها في الوقت نفسه بضرورة أن تأخذ في الاعتبار قلق باكستان إزاء هذه الغارات. وتحدث أيضا عن مفاوضات محتملة مع طالبان دون أن يكون شديد الوضوح في هذا الخصوص.

وكان مسؤول كبير في الجيش الباكستاني بمنطقة وزيرستان الجنوبية القبلية معقل حركة طالبان الباكستانية صرح في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بأنه كان من المقرر أن يحل ولي الرحمن محل حكيم الله محسود، قائدا للحركة. وقال أحد مسؤولي الأمن لـ«رويترز» إن «هذه ضربة كبيرة للمتشددين ومكسب في المعركة ضد المتمردين».

يذكر أن طالبان الباكستانية هي حركة منفصلة عن طالبان الأفغانية، وقد شنت هجمات مدمرة ضد الجيش الباكستاني والمدنيين.

وأبلغ إحسان الله إحسان المتحدث باسم طالبان الباكستانية «رويترز» أن الحركة لم تصل إليها «أنباء مؤكدة» عن مقتل ولي الرحمن، ورفض إعطاء مزيد من التصريحات. ولم تؤكد الحكومة الباكستانية بعد مقتل ولي الرحمن. كما أفادت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أمس أن عادة ما تتمهل حركة طالبان في تأكيد مقتل أي من قيادييها، بينما يحتاج التأكد من مقتل أي شخص في هجوم طائرة من دون طيار بضعة أيام خاصة في المواقع البعيدة والوعرة. وعلى الصحافيين الأجانب الحصول على تصريح من الجيش لزيارة المناطق القبلية على الحدود الأفغانية.

وكثيرا ما يغلق مقاتلو طالبان الأماكن التي تتعرض لهجمات بطائرات من دون طيار على الفور حتى لا يتمكن الصحافيون الباكستانيون من رؤية الضحايا.

وقال مسؤولون أمنيون باكستانيون ورجال قبائل إن الطائرة أطلقت صاروخين أصابا منزلا في قرية شاشما التي تبعد ثلاثة كيلومترات إلى الشرق من مدينة ميرانشاه في وزيرستان الشمالية.

وكانت طائرة أميركية من دون طيار قتلت بيت الله محسود قائد طالبان الباكستانية عام 2009 وترددت أنباء عن مقتل خليفته حكيم الله محسود بالطريقة نفسها، لكن ثبت أن هذه التقارير غير صحيحة.

وشجبت وزارة الخارجية الباكستانية أمس بشكل عام الضربات التي تشنها طائرات من دون طيار. وقالت: «تقر الحكومة دوما أن الضربات التي تقوم بها طائرات من دون طيار تأتي بنتائج عكسية وتنطوي على خسارة في الأرواح بين مدنيين أبرياء ولها تداعيات متعلقة بحقوق الإنسان وتنتهك مبادئ السيادة الوطنية ووحدة الأراضي والقانون الدولي».

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما أشار في الآونة الأخيرة إلى أنه سيقلص برنامج الضربات بطائرات من دون طيار، ولاقى هذا استحسانا حذرا من باكستان وهي حليف رئيس للولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب.

وتقع منطقة وزيرستان الشمالية على الحدود مع أفغانستان، وهي معقل منذ وقت طويل للمتشددين؛ ومنهم حركة طالبان الأفغانية، وحلفاؤها «القاعدة» وطالبان الباكستانية.

وقال رئيس الوزراء المنتخب نواز شريف هذا الشهر إن الهجمات بطائرات من دون طيار هي «تحد» خطير لسيادة باكستان. وأضاف: «سنجلس مع أصدقائنا الأميركيين ونتحدث معهم في المسألة».

وقال مسؤول كبير في الاستخبارات الباكستانية لوكالة الصحافة الفرنسية طالبا عدم كشف هويته، إن «عمليات بحث ميدانية تجري حاليا للتأكد من مقتله أو نجاته» من قصف الطائرة من دون طيار الذي وقع في قرية شاشما القريبة من ميرانشاه كبرى مدن وزيرستان الشمالية.

ووزيرستان منطقة قبلية تتمتع بحكم شبه ذاتي في شمال غربي باكستان على حدود أفغانستان وتستخدم معقلا لمتمردي طالبان من أفغان وباكستانيين، وكذلك لمجموعات أخرى مرتبطة بـ«القاعدة»، وتستهدف بشكل شبه منتظم بقصف الطائرات الأميركية من دون طيار.

وتتهم واشنطن ولي الرحمن، القائد النافذ في حركة طالبان الباكستانية منذ تشكيل هذه المجموعة المسلحة، بأنه كان أحد المنفذين الرئيسين للهجوم على قاعدة شابمان في خوست بأفغانستان الذي أسفر عن مقتل سبعة عناصر من «سي آي إيه»، وكانت أكبر حصيلة لهجوم دام على أجهزة الاستخبارات الأميركية منذ حرب لبنان في 1983.

وتقدم الولايات المتحدة مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار مقابل الحصول على معلومات تساعد في إلقاء القبض على ولي الرحمن الذي كان المتحدث باسم حركة طالبان باكستان في بداياته. ومؤخرا أشارت شائعات إلى خلاف بين هذا القائد وحكيم الله محسود المسؤول الأول في طالبان باكستان قبل أن يظهر الرجلان جنبا إلى جنب في شريط فيديو.

وهذه الغارة هي الأولى منذ خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما الأسبوع الماضي الذي أعلن فيه إطارا جديدا لاستخدام الطائرات من دون طيار خصوصا لجهة استهداف معاقل الجهاديين في اليمن والمناطق القبلية بشمال غربي باكستان. ووقع أوباما الأسبوع الماضي مذكرة تتعلق بتحديد ضربات الطائرات من دون طيار في الخارج، مؤكدا بشكل خاص أنه يتوجب على واشنطن أن «تتأكد بشكل شبه تام» من أنه لن يجرح أو يقتل أي مدني في عمليات القصف، وأن تكون أهدافها تمثل «خطرا وشيكا» بالنسبة للولايات المتحدة.

وتعتبر باكستان الغارات التي تقوم بها الطائرات الأميركية من دون طيار، استراتيجية «لها مفعول عكسي» وانتهاكا لسيادتها الوطنية على الرغم من الضوء الأخضر الرسمي أو الضمني الذي أعطته إسلام آباد في الماضي لبعض عمليات القصف هذه في المناطق القبلية.

وأشار معهد «بورو أوف إنفستيغيتف جورناليزم» في بريطانيا إلى أن هذه الغارات أودت بحياة 2587 شخصا من بينهم أكثر من 800 مدني، في باكستان منذ عام 2004.