الملك محمد السادس يدعو إلى إزالة أسباب النزاعات التي تمزق أفريقيا

حث على ضمان الأمن الغذائي لكل سكانها وإقامة سوق فلاحية أفريقية مشتركة

الملك محمد السادس
TT

دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى ضرورة العمل على إزالة الأسباب الكامنة وراء قيام النزاعات الإقليمية والوطنية التي تمزق أفريقيا، من أجل استتباب السلم على امتداد القارة السمراء. وأوصى العاهل المغربي، في رسالة وجهها أمس إلى المشاركين في أشغال الدورة الـ48 للجمع العام السنوي للبنك الأفريقي للتنمية المنظم حول موضوع «التحولات الهيكلية بأفريقيا»، والذي حضره رؤساء دول وحكومات أفريقية ووزراء وقيادات سياسية واقتصادية، بالانخراط في أوراش مهيكلة كبرى تساعد على التدبير الأمثل للموارد وضمان ديمومتها تحقيقا لازدهار ورفاهية سكان أفريقيا، وذلك في إطار تكتلات شبه إقليمية كبرى.

وأضاف العاهل المغربي أن تحقيق ذلك يتطلب «اعتماد سياسة تصنيعية محددة الأهداف، في المقام الأول، ترتكز على المؤهلات المتوافرة، من حيث الرصيد البشري والمواد الأولية، غايتها خلق خبرات على صعيد المهن، وتمكين أفريقيا من التموقع على امتداد سلسلة القيمة المنتجة». وأشار الملك محمد السادس إلى نجاح هذه السياسة لإنجاز البنى التحتية الملائمة، الشيء الذي سيسهم في تحقيق الاندماج داخل خريطة المبادلات الإقليمية والعالمية.

وقال العاهل المغربي إنه ينبغي العمل في المقام الثاني على ضمان الأمن الغذائي لكل سكان أفريقيا والحد من تبعيتها في هذا المجال، وذلك من خلال إقامة سوق فلاحية أفريقية مشتركة. كما أشار العاهل المغربي إلى ضرورة «النهوض ببرامج للمساعدة والمواكبة، والتي تهدف إلى تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وتحقيق نمو إدماجي ومشترك».

وشدد العاهل المغربي على أن إنجاز هذا المشروع الطموح والمتشعب يظل في المتناول إذا ما تم التحلي بإرادة سياسية قوية، وروح تعبوية دائمة، وتشبع مختلف الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين والاجتماعيين بحس المواطنة. وأشاد العاهل المغربي بالاستراتيجية بعيدة المدى التي أقرها البنك الأفريقي للتنمية أخيرا، وقال إنها تستجيب لضرورة تعزيز الدعم المقدم للدول الأفريقية، وكفيلة بالنهوض بنمو اقتصادي إدماجي، وتسهيل الانتقال التدريجي إلى الاقتصاد الأخضر.

ودعا البنك الأفريقي للتنمية إلى مواصلة دعمه لقطاعات البنى التحتية والإصلاحات الهيكلية الضرورية لتحديث اقتصاديات أفريقيا ومساعدتها على التحول. وفي هذا السياق، تحدث العاهل المغربي عن السياسات الإرادية التي نهجها المغرب في قطاعات صناعية موجهة نحو التصدير، والتي تجسدت من خلال إنجاز مشاريع استثمارية ضخمة مع شركاء دوليين، في قطاعات واعدة كصناعة الطيران والسيارات.

وأبرز العاهل المغربي، في رسالته، الأهمية التي يوليها لتعزيز علاقات التعاون والشراكة مع الدول الأفريقية، والإرادة القوية في بلوغ اندماج إقليمي أكثر تطورا، يكفل الازدهار للقارة الأفريقية، ويسهم في توسيع فضاء إشعاعها. وأشار إلى أن تدويل القطاع المصرفي المغربي على الصعيد الأفريقي يعد في هذا الصدد نموذجا ناجحا لما تتيحه إمكانيات الشراكة الإقليمية، مؤكدا أن هذه العملية ستتواصل بنشاط من خلال تطوير القطب المالي للدار البيضاء، الذي سيغدو سوقا مالية من الدرجة الأولى، باعتباره همزة وصل بين العرض العالمي للتمويل والطلب الوطني والإقليمي، مشيرا إلى أن تعزيز القطاع المالي سيصبح أحد المقومات الأساسية لتوسيع دائرة التعاون القائم بين المغرب والدول الشقيقة، في مجالات متعددة، كالمواصلات والبنى التحتية والسكن، والمناجم والتكوين، وتمكينه من الانفتاح على قطاعات مستقبلية جديدة.

كما وجه العاهل المغربي نداء إلى الدول المساهمة في الصندوق اأفريقي للتنمية للعمل على إنجاح عملية تزويد الصندوق بموارد إضافية ليتمكن من امتلاك الوسائل الضرورية لتعزيز أنشطته لا سيما لفائدة الدول ذات الدخل الضعيف. وحضر أكثر من ألفي شخصية في المؤتمر السنوي للبنك الأفريقي للتنمية الذي افتتح أشغاله رسميا أمس في مراكش. وبالموازاة مع المؤتمر تم تنظيم 70 ندوة مند يوم الاثنين الماضي حول قضايا الإصلاحات الهيكلية والتحولات والمشاكل الكبرى التي تعرفها الاقتصادات الأفريقية.