المعارضة البرلمانية في المغرب تقاطع جلسة مساءلة رئيس الحكومة في مجلس النواب اليوم

«الأصالة والمعاصرة»: ابن كيران يروج لحزبه ويسعى لكسب تعاطف الرأي العام

عبد اللطيف وهبي رئيس الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة المغربي المعارض والنائبة خديجة الرويسي خلال المؤتمر الصحافي أمس (تصوير: منير أمحيمدات)
TT

قررت فرق المعارضة بمجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان)، والمكونة من أربعة أحزاب، مقاطعة الجلسة الشهرية المخصصة لمساءلة رئيس الحكومة حول السياسة العامة المقرر عقدها اليوم (الجمعة).

وجاء قرار المقاطعة بعدما تعذر التوافق حول توزيع الحصة الزمنية للجلسة، إذ تطالب المعارضة بمنحها نصف المدة لتقديم مداخلاتها، في حين توزع المدة المتبقية بين الحكومة والغالبية. كما رفضت المعارضة اقتراحا وسطا يقضي بتوزيع المدة بالتساوي ومنح ثلث الوقت لكل طرف.

لكن الخلاف لم يعد محصورا حول توزيع المدة الزمنية، بل وصل الأمر إلى حد أن المعارضة، أو جزءا منها، لم تعد تقبل خطاب عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة داخل هذه الجلسات، وتعتبر أن حضوره إلى البرلمان بات فرصة للترويج لحزبه وكسب تعاطف الرأي العام، وهو ما أكده عبد اللطيف وهبي، رئيس الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، خلال لقاء صحافي عقده أمس بمقر مجلس النواب لشرح أسباب مقاطعة فريقه للجلسة.

ويوجه ابن كيران في كل تصريحاته سواء داخل أو خارج البرلمان انتقادات لاذعة لغريمه السياسي حزب الأصالة والمعاصرة تحديدا. وفي هذا السياق، قال وهبي إن ابن كيران لا يتصرف خلال جلسات المساءلة كرئيس للحكومة، بل كرئيس للغالبية ورئيس حزب، وما يهمه هو مخاطبة الرأي العام وليس نواب البرلمان. وانتقد وهبي خطاب ابن كيران، وقال إنه مسيء للعملية الديمقراطية لأنه اختار الاصطدام والمواجهة مع الجميع وإهانتهم واتهامهم بالفساد والإفساد والتشويش والعرقلة. كما انتقد «الأوصاف الذميمة» التي يطلقها ابن كيران على معارضيه مثل العفاريت والتماسيح.

وأشار وهبي إلى أن النقطة الإيجابية الوحيدة التي أسهم فيها ابن كيران هي أنه وحد موقف المعارضة، بيد أنه أشار إلى أن لكل فريق منها وجهة نظره حول أسباب مقاطعته للجلسة، وأنه لا يتحدث باسمها. وفضل وهبي عدم الإفصاح عن الطريقة التي سيقاطع بها فريقه الجلسة هل بالانسحاب في بدايتها أو عدم الحضور أصلا.

وفي سياق ذي صلة، قال حسن طارق، عضو الفريق النيابي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض، لـ«الشرق الأوسط»، إنه منذ بدء الجلسة والخلاف قائم على توزيع الحصة الزمنية بين المعارضة والغالبية والحكومة، مشيرا إلى أن المشاركة في الجلسات السابقة كانت مؤقتة في انتظار صدور النظام الداخلي للمجلس. وأوضح طارق أن «الاختلال الذي تعرفه الجلسة هو أنها لم تعد جلسة مساءلة بقدر ما تحاور الحكومة فيها نفسها، في حين أن الدستور يشير إلى أن الجلسة هي جلسة مراقبة، لذلك المطلوب أن يكون هناك توزيع منصف بين فرق المعارضة نفسها، وبين الغالبية والحكومة».

وردا على سؤال حول الصيغة التي سيقاطع بها فريقه الجلسة، قال طارق إن الصيغة التي سيتم من خلالها تصريف هذا القرار سيحسم فيها اليوم (الجمعة) في اجتماع لأعضاء الفريق. وبشأن التراجع عن المقاطعة، قال «المؤكد هو أنه لن يكون لدينا سؤال في الجلسة».

من جانبه قال رشيد روكبان، رئيس الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية المنتمي للغالبية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما تسبب في هذه المشكلة هو أن المعارضة تطالب بأن تخصص لها نصف المدة الزمنية، فيما توزع المدة المتبقية بين الغالبية والحكومة، لأنها ترى أن التوزيع الحالي غير منصف لها، في حين أن الغالبية تقول إن الدستور ينص على توازن السلطات، بمعنى أن تمنح للسلطة التشريعية والحكومة نفس المدة، ونتيجة لذلك تم الاتفاق على أن تقسم المدة بالتساوي، أي يتم منح الثلث لكل من الغالبية والمعارضة والحكومة، فقبلت الغالبية والحكومة بهذا الحل الوسط لحين أن يحسم المجلس الدستوري في الصيغة النهائية المقترحة، لكن المعارضة لم تعد قابلة بهذه الصيغة، واعتبرت أن العمل بالصيغ المؤقتة طال كثيرا، وطالبت بأن يحسم المجلس الدستوري هذا الأمر، فظهر خلاف جديد بين الغالبية والمعارضة حول الصيغة التي سترفع إلى المجلس الدستوري للبت فيها، والتي سيتضمنها النظام الداخلي للمجلس، فالمعارضة طالبت بأن ترفع الصيغة التي تدافع عنها، وهي أن تمنح لها نصف المدة فيما توزع المدة المتبقية بين الغالبية والمعارضة، أما الغالبية فكان لها موقف مرن، وقبلت أن ترفع الصيغة الوسط أي منح الثلث لكل طرف، لكن المعارضة رفضت»، على حد قوله.

وأشار روكبان إلى أنه بالإضافة إلى توزيع الحصص الزمنية هناك عدة نقاط لا بد من الحسم فيها مثل تحديد يوم الجلسة، وهل يحضر رئيس الحكومة مرة واحدة أو مرتين لمجلس النواب. وأضاف أن عدة نقط جرى التوافق بشأنها باستثناء توزيع المدة الزمنية.

وردا على سؤال حول ما إذا كان الأمر يتعلق بأزمة برلمانية جديدة، تضاف إلى الأزمة الحكومية، قال روكبان «نحن نعيش أول ولاية تشريعية بعد التصويت على الدستور، وهي ولاية تؤسس لثقافة برلمانية جديدة، ومن الطبيعي أن تعرف هذه المرحلة اختلافا في وجهات النظر، بيد أن الاحتكام في الأخير سيكون عبر الآلية الديمقراطية المعمول بها وهي عرض القانون على البرلمان وفتح الباب لإدخال التعديلات عليه، ومن ثم عرضه للتصويت». جدير بالذكر أن فرق الغالبية اختارت مساءلة ابن كيران حول تأثير قرار الحكومة إلغاء 15 مليار درهم (1.7 مليار دولار) من نفقات الاستثمار على الوضع في القرى المغربية.