انفجارات في مناطق عدة ببغداد.. ومحاولتا اغتيال استهدفتا محافظي صلاح الدين والأنبار

المالكي تجول في بغداد ليلا لطمأنة العراقيين.. والجرائم الإرهابية تحصد مئات القتلى والجرحى

صورة وزعها مكتب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لجولته فجر أمس في عدد من مناطق بغداد (أ.ف.ب)
TT

في محاولة منه لتبديد مخاوف الشارع البغدادي مما تخبئه الأيام المقبلة بعد الانهيار الأمني المفاجئ رغم التغييرات في القيادات الأمنية، تجول رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أول من أمس ليلا، في عدد من مناطق بغداد في جانبي الكرخ والرصافة. وبينما يرى كثير من المراقبين للشأن العراقي أن شرارة العنف انتقلت إلى بغداد من المحافظات الغربية المنتفضة على خلفية الخطابات التي تصنف على أنهاء مثيرة للفتنة أو حالات الاختطاف التي حصلت لمواطنين من كربلاء فإنهم يؤكدون أن الوضع الأمني فيها سجل هو الآخر تطورا لافتا تمثل في استهداف محافظ صلاح الدين أحمد عبد الله الجبوري ومحافظ الأنبار محمد قاسم الفهداوي. ومع أن جولة المالكي استمرت ثلاث ساعات، أريد بها تأكيد عدم وجود سيطرات وهمية في الشوارع وحالات خطف واغتيال على الهوية في بعض مناطق العاصمة، فإن أصوات الانفجارات تكاد لا تنقطع في العاصمة مترامية الأطراف منذ ساعات الصباح الأولى حتى ساعات الذروة المسائية. حديث المبادرات، وفي ظل هذه الأوضاع، لم ينقطع. فبينما دعا المالكي الثلاثاء الماضي جميع القوى السياسية إلى اجتماع مشترك لبحث تداعيات الأزمة، أطلق نائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي وثيقة شرف أول من أمس الأربعاء في مسعى منه لإيجاد مخرج للأزمة، في وقت أعلن فيه القيادي بـ«المجلس الأعلى الإسلامي» عبد الحسين عبطان أن الاجتماع الذي دعا إليه زعيم المجلس، عمار الحكيم، بهدف توقيع ميثاق الشرف سوف يعقد في مكتبه الأسبوع المقبل. وبينما أعلن الحكيم أنه تلقى تطمينات من المالكي بحضور هذا الملتقى شخصيا، فإنه لم يتأكد بعد ما إذا كان كل من رئيس البرلمان أسامة النجيفي، وزعيم «العراقية» إياد علاوي، وزعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، سوف يحضرون الاجتماع. وكانت قد تداخلت الانفجارات المتوالية في العاصمة بغداد على مستوى الإحصاءات بين ما يحصل خلال الليل أو النهار، لكنه، وطبقا لما أعلنته مصادر في وزارة الداخلية العراقية فإن ما لا يقل عن 185 شخصا سقطوا بين قتيل وجريح في تسعة تفجيرات بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة ضربت مناطق متفرقة من بغداد خلال أقل من 24 ساعة، ويعتبر أعنفها التفجير الذي وقع في حي الحسين ضمن منطقة حي الجهاد جنوب غربي بغداد والذي أسفر عن سقوط ما لا يقل عن 84 قتيلا وجريحا والذي استهدف حفل زفاف من خلال زرع عبوة ناسفة في إحدى السيارات التي أقلت العريس والعروس مع مجاميع كثيرة من الناس التي اجتازت عددا من السيطرات خارج المنطقة وداخلها.

وكان عدد من الانفجارات وقع في أحياء الغزالية وبغداد الجديدة والبنوك والكرادة والخضراء والكاظمية والدورة وحي الإعلام. وبينما نفى جهاز المخابرات العراقي وجود عمليات قتل واختطاف تتم عبر عجلات تابعة له، اتخذت قيادة عمليات بغداد قرارا بمنع السيارات التي لا تحمل لوحات فحص أو تلك التي تحمل لوحة فحص مؤقت أو ما يطلق عليها في العراق «المانفيست» من التجوال في العاصمة العراقية. يضاف إلى ذلك اتخاذها قرارا آخر، وذلك بمنع الدراجات النارية والعربات بكافة أنواعها من التجوال بالتزامن مع التحضيرات الخاصة بزيارة الإمام موسى الكاظم. وفي وقت يلتزم فيه القادة الأمنيون أو الناطقون الإعلاميون باسمهم الصمت منذ أيام حيال ما يجري، فقد اعتبر عضوان في لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان العراقي أن موجة العنف هذه تقف وراءها أسباب فنية وطائفية وسياسية.

وقال عضو لجنة الأمن والدفاع عن «القائمة العراقية»، حامد المطلك، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما يجري الآن في العراق مرتبط بما يجري للمنطقة بشكل عام، حيث إن تحطيم العراق هو البوابة لانهيار المنطقة، يضاف إلى ذلك التناحر السياسي الذي بلغ حدودا غير معقولة». وأضاف المطلك أن «المسألة الأخرى هي أن الأجهزة الأمنية مخترقة بشكل واضح، وهو أمر لم يعد ممكنا السكوت عنه ولا بد من فضحه بكل الوسائل، وأن التمدد الطائفي الإيراني في العراق بات يمثل خطرا لا يطاق، وأحد تجلياته هذا الانهيار الأمني الذي يراد من خلاله دفع أهالي بغداد الأصليين إلى النزوح منها».

من جهته، اعتبر عضو لجنة الأمن والدفاع عن كتلة «التحالف الكردستاني» في البرلمان العراقي، شوان محمد، لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك خلطا بين الأمني والسياسي عندنا، حيث إن هناك تهما جاهزة لبلدان إقليمية دون إيجاد سند أو دليل بأنها هي من تقوم بذلك، وهو ما بات يعطي الانطباع حتى للأجهزة الأمنية أن المسألة فوق قدرتها، بينما الأمر ليس كذلك ولا ينبغي أن ينظر إليه من هذه الزاوية». وأضاف طه أن «الإشكالية الكبرى تتمثل في عدم وضوح رؤية الحكومة للملف الأمني، حيث إنها تعمل من دون خطط ولا أساليب ولا توجهات ولا معلومات، وأن لديها عدوا واحدا فقط هو القاعدة والبعثيين، في حين أن الوقائع بدأت تثبت أن هناك مجاميع مسلحة أخرى بدأت تسهم في انهيار الوضع الأمني». وبشأن محاولتي اغتيال محافظي صلاح الدين والأنبار, قال ضامن عليوي، عضو مجلس محافظة صلاح الدين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «من الصعوبة اتهام جهة معينة بأنها تقف وراء محاولات اغتيال المحافظ، بل إن الإرهاب هو المسؤول وأنه لا يفرق بين هذا وذاك من المسؤولين». لكن محمد فتحي، مدير إعلام محافظة الأنبار، وتعليقا على محاولة اغتيال محافظ الأنبار محمد الفهداوي، وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، حمل «سياسيين بعينهم مسؤولية استهداف المحافظ»، مضيفا أن «هناك من بين السياسيين بات لا يريد لهذه المحافظة أن تحصل فيها عمليات إعمار واستثمار»، معتبرا أن «دعاة المواجهة والتقسيم هم من يقف خلف هذا العمل».