الأقصر المصرية تخرج من قائمة برامج السياحة العالمية لأول مرة في تاريخها

تحوي ثلث آثار العالم.. ومحتجون احتجزوا 44 حافلة سياحية جنوب البلاد

TT

تلقت مصر ضربة قوية بخروج مدينة الأقصر التي تحوي ثلث آثار العالم من برامج السياحة العالمية، مما يعني مزيدا من الخسائر في قطاع السياحة المتدهور أصلا، والذي تعتمد عليه خزينة الدولة من الدخل القومي. وجاءت هذه الخطوة في وقت احتجز فيه محتجون في أسوان أمس، 44 حافلة سياحية تقل 510 سائحين بالقرب من مدينة أبو سمبل السياحية (جنوب أسوان)، لمدة زادت على 7 ساعات.

وقال ثروت عجمي رئيس غرفة شركات السياحة بالأقصر الواقعة جنوب مصر إن «شركات ألمانية وإنجليزية ونمساوية وسويدية» حذفت مدينة الأقصر من برامجها السياحية لمدة عام، بسبب استمرار الفوضى الأمنية واحتجاز واختطاف السياح وغلق المواقع الأثرية أمامهم.

وبينما قال خبراء إن خطوة خروج مدينة الأقصر من برامج السياحة العالمية تضاعف التأثيرات السلبية على اقتصاد البلاد المتردي أصلا، محذرين من أن القرار له مردود سيئ على سمعة السياحة في البلاد، قلل مصدر مسؤول في وزارة السياحة من تأثير قرار الشركات العالمية، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «الأوضاع في مصر حاليا جيدة ومستقرة ولا يوجد ما يقلق».

وتعتمد مصر على عائدات السياحة بشكل كبير. وبلغت عائدات السياحة في عام 2010 نحو 12.5 مليار دولار، لكن أرباحها شهدت تراجعا بنسبة 30 في المائة عام 2011 بحسب الأرقام الرسمية، وذلك بسبب الاحتجاجات التي أطاحت بنظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك.

تأتي خطوة حذف الأقصر من البرامج السياحية العالمية بعد أيام من رفع الحكومة المصرية توقعاتها بشأن عائدات السياحة إلى 14 مليار دولار بنهاية العام الحالي. وقال هشام زعزوع وزير السياحة: «نتوقع تجاوز عدد السائحين 14.7 مليون سائح بنهاية عام 2013، ليقترب من نفس مستويات الذروة في 2010 قبل ثورة 25 يناير عام 2011، وأن الزيادة المتوقعة تتراوح بين 15 و17 في المائة، مقارنة بالعام الماضي الذي سجل نحو 11.5 مليون سائح».

لكن خبراء قالوا إن من شأن حذف مدينة الأقصر من برامج السياحة في شركات سياحية كبرى أن يحبط التوقعات المصرية. وتضم مدينة الأقصر التاريخية في جنوب مصر الكثير من المعابد منها «الكرنك» و«وادي الملوك والملكات» و«حتشبسوت» و«الأقصر» و«البر الغربي». وكانت الأقصر طوال عقود تشهد حضورا كثيفا للسياح، لكنها تأثرت كثيرا بانعدام الاستقرار السائد في البلاد منذ سقوط نظام مبارك.

وحذر الخبير السياحي جمال سعد الدين من قرار الشركات العالمية، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: إن القرار «له عواقب وخيمة على مصر بأكملها وليس الأقصر فقط، وهذا القرار له مردود سيئ على سمعة السياحة في وقت نحن في أمس الحاجة إلى إنعاش السياحة»، معربا عن اعتقاده بأن القرار قد يخلق نوعا من القلق لدى السائح في الدول الأخرى ويجعله يتردد في أن يقضي إجازته بمصر.

وكانت الأقصر قد شهدت مقتل 19 شخصا أغلبهم سياح غربيون وآسيويون في انفجار منطاد كان يحلق فوق منطقة الأقصر فبراير (شباط) الماضي، في حادثة تسجل أكبر حصيلة للقتلى منذ نحو عشرين عاما. وقال رئيس غرفة شركات السياحة بالأقصر إن «نسب الإشغال حاليا في فنادق الأقصر تبلغ نحو 8 في المائة فقط».

وانتقلت تخوفات العاملين في السياحة من الأقصر إلى أسوان (التي تبعد عن الأقصر بنحو 220 كلم)، وقال عبد الناصر صابر نقيب المرشدين السياحيين بأسوان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «إلغاء الأقصر من برامج الشركات السياحية يعود بالسلب على السياحة في محافظة أسوان، فزائر الأقصر هو نفسه زائر أسوان، حيث إن جميع البرامج السياحية تشمل المحافظتين خلال مدة الزيارة».

وأضاف أن القرار يؤدي إلى تدمير الموسم السياحي القادم في أكتوبر (تشرين الأول) لعدم شراء الشركات العالمية أي برامج سياحية للموسم الجديد. وأرجع القرار لتكرار الحوادث في المناطق الأثرية والتي وصلت إلى احتجاز الأفواج السياحية.

وتمكنت السلطات المحلية في أسوان أمس، من فتح طريق «أبو سمبل - أسوان» السياحي، وفك احتجاز 510 سائحين من جنسيات مختلفة كانوا يستقلون 44 حافلة سياحية في طريقهم لأسوان، وذلك بعد 7 ساعات من قطع الطريق من قبل شباب قرية الخريجين احتجاجا على نقص مياه الري. وقال نقيب المرشدين بأسوان إن هذا الحادث هو الثالث خلال هذا العام بسبب القصور الأمني.

يشار إلى أن ألمانيا احتلت المركز الثاني في قائمة الدول المصدرة للسياحة في مصر خلال عام 2012 بعد السياحة الأوروبية، حيث بلغ عدد السائحين الوافدين منها 5.9 مليون سائح خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) وحتى أكتوبر عام 2012 بزيادة قدرها 6.18 في المائة عن ذات الفترة من عام 2011.

في السياق نفسه، كشف مسؤولون محليون في جنوب البلاد أمس، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن «80 في المائة من الفنادق والمطاعم السياحية تتجه إلى تسريح العمال ووقف العمل بعد قرار الشركات العالمية، حتى تتضح الرؤية وتعود السياحة مرة أخرى».

وأوضح علي غنيم، عضو الاتحاد المصري للغرف السياحية، أن «الوفد المصري الذي شارك بمعرض إيميكس الدولي لسياحة المعارض والمؤتمرات في ألمانيا قبل أسبوع، عاد دون إبرام أي تعاقدات جديدة بسبب الأوضاع الأمنية السيئة بمصر وتخوف السياح من وجود تهديدات أمنية، مشيرا إلى أن السياحة المصرية في طريقها للانهيار، نتيجة تراجع الحركة السياحية الوافدة.