«أم الثورة».. احتضنت المنشقين عن الجيش النظامي السوري بمن فيهم الأسعد

تحدثت لـ «الشرق الأوسط» عن مداهمات أمن النظام لاعتقال زوجها

«أم الثورة» تتوسط الثوار .. وتخبز لإطعامهم («الشرق الأوسط»)
TT

محاطة برجال يحملون بنادق كلاشنيكوف، تتحدث المرأة التي يطلقون عليها لقب «أم الثورة» بحماسة وهي تصف زيارات قوات الأمن التابعة للنظام السوري لها. وتقول: «لم يرعبوني. لقد كانوا يسألونني عن مكان زوجي، لكنني كنت أقول لهم إنه مات. كانوا يريدون اعتقاله وقتله لأنه جلب الثوار إلى هنا». وتضيف: «أعتقد أنني في الستين من عمري، لكن ربما أكون أكبر من ذلك».

كانت العينان العميقتان لسميحة خليل، التي يبلغ طولها خمسة أقدام، تتألق كعيني فتاة في العشرين من عمرها، ويداها صلبتان كأيدي الرجال المحيطين بها. لقد أبقتها شجاعتها في قرية غادر نحو نصف سكانها تحت وطأة القصف العنيف، مع علمها بوجود قوات النظام التي تبحث عنها لقتلها، على بعد 3 كيلومترات عبر الجبال. وتقول سميحة: «اندلعت الثورة في هذه القرية من منزلي». وعندما بدأ الجنود ينشقون عن الجيش النظامي ويهربون من القواعد الساحلية منذ 18 شهرا، كانت قرية سميحة أول قرية آمنة يجدونها في طريقهم.

ظل رياض الأسعد ومالك الكردي، أول منشقين رفيعي المستوى عن الجيش النظامي ومؤسسي الجيش السوري الحر، في منزل سميحة مثل المئات من المنشقين الآخرين. إنها تأخذهم إلى غرفتها الصغيرة الأمامية وتطعمهم خبزها الذي تصنعه بيديها في المنزل. وتقول: «لدي تسعة أبناء؛ أربعة من الصبيان، وخمس من البنات، لكنني أشعر الآن بأن لدي مئات الأبناء».

لقد أصبح منزل سميحة قاعدة لكتيبة سميت باسمها تكريما لها وهي كتيبة «أم الثورة». ويمكث خمسة وستون من الثوار معها حاليا وينضم إليهم مزيد من المنشقين كل يوم من جهة الساحل وجبل الزاوية. وتوضح سميحة قائلة: «أنا أعطيهم كل شيء لدي عندما يأتون». ويعبر أبناؤها عن فخرهم بها، ويقبل الثوار، الذين تستضيفهم في منزلها، رأسها ويديها في كل مرة يلقون عليها التحية.

ورغم احترام مقاتلي المعارضة لها، فإن سميحة خسرت أصدقاءها في قريتها. وتقول: «لم يكن يؤمن أصدقائي بما أفعله في البداية. ونصحوني بالابتعاد عن المقاتلين وعدم إحضارهم إلى القرية، لكني لم أصغ إليهم، وكنت سعيدة عندما بدأت المظاهرات. كذلك بكيت على الأطفال الذين قتلوا في درعا».

كانت القرية يوما ما صاخبة ويسكنها نحو ألفي شخص، لم يبق منهم الآن سوى أربعمائة تقريبا، فقد رحل الباقي إلى تركيا. وتقدم الثوار من قرية سميحة نحو جبل الكرد على الحدود التركية. وتقول: «لا يزالون يزورونني حتى الآن. وأنا أدعو الله لمن على جبهة القتال، وأنتظر عودتهم كل دقيقة». مع ذلك، فقد تباطأ تقدمهم في الشهر الماضي.

ويتحدث قائد الكتيبة عن وضعهم، ويوضح أن هذه الكتيبة مثل كتائب أخرى كثيرة لديها رجال وأسلحة، لكن لا توجد ذخيرة أو أسلحة ثقيلة. ويقول: «نحاول التوجه نحو الغرب لنصل إلى المكان الذي يقصفنا منه النظام. نريد مقاتلته على الأرض، لكنهم دائما متحصنون في الجبال». ولا توجد كهرباء في القرية منذ ثمانية عشر شهرا، ويستخدمون المولدات لساعتين يوميا فقط من أجل شحن أجهزة اللاسلكي ومشاهدة الأخبار. وتبدأ لعبة طائرات الـ«ميغ» هذا الصباح، مثل أكثر الصباحات. وتقول سميحة: «لقد كانت قريبة جدا، لكن حمدا لله لم تصبنا». ورغم القصف والقنابل، فإن سميحة لا تزال تتمسك بروتينها اليومي، فهي تصنع الخبز بالدقيق الذي يرسله لها الثوار لثلاث ساعات يوميا من أجل إطعام الرجال الذين يعودون إلى منزلها من خط النار. وكل يوم تصلي وتدعو الله أن يكون اليوم هو يوم يسقط النظام. وتقول سميحة: «آمل أن أسمع نبأ موت بشار الأسد اليوم، وعندها سأشعر بالارتياح».