رئيس الحكومة المغربية يقلل من تداعيات قرار خفض نفقات الاستثمار

ابن كيران: لم آت من أجل إغراق السفينة وتخريب البلاد

عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية يتحدث في البرلمان مساء أمس (تصوير: منير أمحيمدات)
TT

قلل عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية، من حجم تداعيات قرار خفض موازنة الاستثمار العمومي الذي اتخذته حكومته في مارس (آذار) الماضي، وقال إن الهدف منه كان حماية القرار الاقتصادي السيادي للبلاد والحفاظ على مصداقيتها على الصعيد الدولي.

وأوضح ابن كيران، الذي كان يتحدث أمس في مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) خلال جلسة المساءلة الشهرية التي قاطعتها فرق المعارضة للمرة الأولى، أنه تم الترويج لمغالطات غير صحيحة بشأن هذا القرار.

وكانت فرق المعارضة قد قاطعت الجلسة أمس احتجاجا على الحصة الزمنية الممنوحة لها، وعلى طبيعة الأسئلة التي تدرج فيها، وحضر رؤساؤها فقط، ثم انسحبوا بعد مداخلة في إطار نقطة نظام لأحمد الزايدي، رئيس الفريق النيابي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض، شرح فيها أسباب المقاطعة التي تضمنها بيان طويل أصدرته الفرق الأربع أمس، وطلب الزايدي من ابن كيران التدخل لحماية حقوق المعارضة في الدستور، بيد أن ابن كيران تجاهل غياب المعارضة عن الجلسة ولم يعلق على الموضوع، وكذلك الشأن بالنسبة لكريم غلاب رئيس مجلس النواب.

وفي غضون ذلك، لعب نواب حزب الاستقلال المشارك في الحكومة دور المعارضة الغائبة، وانتقد ممثل للفريق النيابي للحزب قرار الحكومة خفض 15 مليار درهم (1.7 مليار دولار) من موازنة الاستثمار، وقال إن هذا القرار ستكون له تداعيات وخيمة على الاقتصاد عموما، وعلى الوضع في القرى بشكل خاص، كما انتقد تجاهل الحكومة للحلول البديلة التي تضمنتها مذكرة الحزب التي وجهت إلى رئيس الحكومة، قبل أن يتخذ برلمانه قرار الانسحاب منها.

من جهته، أوضح رئيس الحكومة أن قرار خفض موازنة الاستثمار ليس قرارا جديدا، بل سبق أن اتخذته الحكومات السابقة، بيد أنه كان يتم من دون إخبار الرأي العام بذلك، ويبقى محصورا بين الوزراء، إلا أن حكومته، وحرصا على الشفافية، اتخذت القرار من خلال مرسوم، وهو إجراء قانوني أملته ضرورة ضبط الموازنة العمومية، والتحكم في النفقات، مشيرا إلى أن المشاريع التي كانت قيد الإنجاز لن تتوقف، كما أن المشاريع ذات الطبيعة الاستعجالية لن تتوقف أيضا.

وعاد ابن كيران ليوضح بنبرة لا تخلو من التحدي أن حكومته ستواصل الإصلاح رغم تشويش المشوشين، الذين «ألفوا الاغتناء السريع»، لذلك فهم يناهضون الإصلاح خوفا على مصالحهم الشخصية، بحسب رأيه، وقال إنه حتى لو اتخذت الحكومة بعض القرارات «المؤلمة» فهي لصالح الشعب والشعب يتقبلها، مشيرا إلى أنه لم يأت من أجل إغراق السفينة وتخريب البلاد إرضاء للبعض، ودفعها نحو الاقتراض أكثر، ومن ثم السماح للمؤسسات الدولية بالتدخل في شؤونها. وأضاف أنه يتصرف مثل «أبي الأسرة الذي يرعى مصلحة أبنائه»، ووجه خطابه لمعارضيه قائلا: «افعلوا ما بدا لكم».

ووعد ابن كيران بحل المشاكل التي تعانيها القرى المغربية بالتدريج، وفي هذا السياق قال إن خفض موازنة الاستثمار لن يؤثر على المشاريع التي كانت مخصصة للقرى سوى بنسب قليلة، ففي مجال الصحة تم خفض الموازنة بنسب 10 في المائة، وبالنسبة لقطاع التجهيز والنقل بنسبة 7.6 في المائة.

من جهتها، أوضحت فرق المعارضة الأربع، وهي فرق الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والتجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، والاتحاد الدستوري، في بيان مشترك أصدرته أمس، أن جلسات المساءلة الشهرية التي يحضرها ابن كيران «أثبتت للرأي العام ولجميع المتتبعين أنها فضاء للفرجة ولم تكن منتجة ولا ناجعة بالمفهوم الدستوري؛ إذ إنها تجتر مناقشة مواضيع تكون قد فقدت صبغة الراهنية، فعلى سبيل المثال، سبق للحكومة وأغلبيتها أن اختارتا في الأسبوع الماضي قطاع (الغابات في المغرب) موضوعا للجلسة المؤجلة إلى الجمعة، في وقت تواجه البلاد فيه تداعيات أزمة حكومية خطيرة نتيجة التناحر بين مكونات الأغلبية، وقرار مكون أساسي فيها الانسحاب من الحكومة، مع ما يرافق ذلك من تراشق إعلامي خطير لا تخفى انعكاساته عن صورة المغرب داخليا، ولدى المستثمرين الأجانب، في حين التزم رئيس الحكومة الصمت حتى الساعة، ورفض الإجابة عن ذلك رسميا أمام المؤسسات الدستورية، واكتفى بالتلميح والتسريبات الإعلامية المحدودة».

وأضاف البيان ذاته: «إن الضجة التي تصطنعها الحكومة وأغلبيتها اليوم بشأن جلسة مساءلة رئيس الحكومة في محاولة لتوجيه أنظار الرأي عن حقيقة الأوضاع، وعن احتدام الصراع بين مكوناتها، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخفي حقيقة العجز الحكومي».

وردا على الانتقادات التي وجهت إليها من قبل الغالبية والتي اتهمتها بالهروب من مواجهة رئيس الحكومة، ذكرت فرق المعارضة: «إنه لمن البؤس أن نسمع اليوم أن المعارضة تهرب من مواجهة رئيس الحكومة، ومن البؤس السياسي أيضا أن تحاول الأطراف في الغالبية اختزال موقف المعارضة في أمور شكلية؛ إذ إن الأمر أعمق من ذلك. إنه يهم قضايا الوطن الكبرى التي يحاول البعض تحويل النقاش بشأنها إلى تصفية حسابات حزبية أو سياسية. إننا نرفض هذا العبث بمستقبل البلاد ولن نسمح باستمراره».