جاب الله يقترح بديلا لـ«النظام الرئاسي المغلق» في الجزائر

زعيم التيار الإسلامي المتشدد: دستوري يحتفظ بـ80 مادة فقط من دستور السلطة

TT

يعلن زعيم التيار الإسلامي المتشدد بالجزائر عبد الله جاب الله، اليوم (السبت)، عن مسودة دستور أعده ويريده بديلا للتعديل الدستوري الحالي التحضير له منذ قرابة شهرين، من طرف «لجنة» من خبراء القانون أنشأها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ولكن لا يعرف أحد مضمون هذا التعديل.

ويقترح المعارض جاب الله رئيس حزب «جبهة العدالة والتنمية»، نظاما سياسيا «مختلطا بين البرلماني وشبه الرئاسي»، بدل «النظام الرئاسي المغلق»، على حد تعبير فقهاء قانونيين، الذي يحكم الجزائر حاليا والذي يركز كل السلطات بين يدي رئيس الجمهورية الذي هو وزير الدفاع القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو ما يحدد السياسة الخارجية وهو أيضا سلطة تشرع القوانين.

وعلى عكس قطاع واسع من المعارضة، لا يرى جاب الله أن النظام البرلماني هو الأنسب. وصرح للصحافة الشهر الماضي أن هذا الشكل من الأنظمة «يتطلب درجة من الوعي السياسي في المجتمع، وهو غير متوفر للأسف». ويعتبر برلمان الجزائر مجرد ديكور، فغالبية القوانين التي صادق عليها تأتي من الحكومة. أما القضايا الكبيرة المعنية بالتشريع، خصوصا المتعلقة بقطاعات الدفاع والمالية والطاقة، فيتكفل بها رئيس الجمهورية عن طريق التشريع بأوامر رئاسية. و«يستغل الرئيس دائما عطل البرلمان، لإصدار أوامر رئاسية وهي صلاحية يكفلها له الدستور». وحول هذه النقطة، يقول مقرب من جاب الله لـ«الشرق الأوسط»، إن دستوره الجديد يتضمن وضع حدود أمام الرئيس تمنعه من الإفراط في التشريع بأوامر وتجعل هذا النشاط في يد غرفتي البرلمان فقط.

ونقل عن جاب الله أن «دستور السلطة يضم 192 مادة لا يصلح منها إلا 80 مادة فقط، والبقية إما تلغى إلغاء كاملا أو تعاد صياغتها». ويقول في مسودته التي يشتغل عليها منذ عام، بحسب المقرب منه، أنها «تضمن أن ينحصر الخلاف بين السلطة والمعارضة، إذا وقع، في المسائل الفرعية وليست الأصلية كما هو حاصل حاليا إذ هناك خلافات أصلية تهدد استقرار البلاد». ويطالب جاب الله بأن يعود رئيس الجمهورية إلى البرلمان لاستشارته، كلما تعلق الأمر بأمن البلاد. ويضرب مثالا بفتح الأجواء الجزائرية للطيران الحربي الفرنسي في يناير (كانون الثاني) الماضي، لاتخاذها منطلقا لضرب مواقع الجهاديين في شمال مالي. وهو قرار اتخذه بوتفليقة في سرية، وعلم به الجزائريون عن طريق تسريبات صحافية بفرنسا منقولة عن مسؤولين فرنسيين. وتسبب القرار في سخط المعارضة، التي طالبت نواب البرلمان بفتح نقاش حول القضية، ولكن ذلك لم يتم لأن حزبي السلطة «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي»، يشكلان أغلبية ساحقة في البرلمان.

وورد في دستور جاب الله، تنحية وصف «القاضي الأولى في البلاد» الممنوح لرئيس الجمهورية، بحكم أنه هو رئيس «المجلس الأعلى للقضاء». ومبرره في ذلك أن سلطة القضاء ينبغي أن تكون مستقلة عن السلطة التنفيذية التي يجسدها رئيس الجمهورية. كما يقترح تعديل المادة 74 من الدستور المتعلقة بالترشح للرئاسة، بحصرها في ولاية واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة.

ويذكر جاب الله في دستوره أنه يجب الحفاظ على «الثوابت» الموجودة في الدستور الحالي، وأهمها أن الإسلام دين الدولة والعربية لغتها. ويطالب أيضا بإلغاء تسمية «وزير أول» للرجل الثاني في السلطة التنفيذية، واستبدالها بـ«رئيس حكومة». بمعنى العودة إلى ما قبل التعديل الدستوري 2008 الذي قلص بوتفليقة بموجبه سلطة رئيس الحكومة، بحرمانه من اختيار الطاقم الحكومي وجعله مجرد «منسق» بين أفراد فريق حكومي يتلقون الأوامر من الرئيس مباشرة. كما ألغى ذلك التعديل الدستوري مجلس الحكومة واحتفظ بمجلس الوزراء كآلية وحيدة تتخذ فيها القرارات. ولكن حتى مجلس الوزراء لم يعقد منذ فترة طويلة، بسبب حالة الرئيس الصحية المتدهورة. يشار إلى أن بوتفليقة يعالج بفرنسا منذ 35 يوما، وتحوم شكوك قوية حول مدى قدرته على إكمال ولايته الثالثة (2009 - 2014).