وزير العدل الأميركي يجتمع مع ممثلي الإعلام لطمأنتهم بعد ضجة التسريبات

هولدر تعهد بمراجعة صلاحيات المدعين العامين الخاصة بطلب التسجيلات الهاتفية للصحافيين

هولدر أثناء الإدلاء بإفادته أمام اللجنة القضائية بمجلس النواب في 15 مايو وقال حينها إن تسريبا أمنيا تطلب جمع التسجيلات الهاتفية لوكالة «أسوشييتد برس» (أ.ب)
TT

باشر وزير العدل الأميركي إريك هولدر الذي تعرض لانتقادات بشأن أساليب التحقيق في قضايا تسريب معلومات سرية، مشاورات داخلية حول تغيير أساليب التحقيق وتشديد القيود على المدعين العامين في حال طلبهم سجلات هاتفية ومعلومات أخرى قد تؤدي إلى التعرف على مصادر الصحافيين.

وبدأ هولدر هذه المشاورات بعقده يوم الخميس الماضي أول اجتماع مع مسؤولي عدد المؤسسات الإخبارية، بينما كان مقررا أن يعقد أمس اجتماعات أخرى مع ممثلي وكالات الأنباء ومسؤولين حكوميين. وحسب مستشار لهولدر اطلع على المشاورات، ناقش هولدر في اجتماع الخميس الماضي توسيع الشرط الخاص بمراجعة رفيعة المستوى لطلبات الحصول على التسجيلات الهاتفية الخاصة بالصحافيين ليشمل رسائل البريد الإلكتروني، كما ناقش تشديد المعايير الخاصة بطلب مسؤولون هذه التسجيلات دون إشعار مسبق إلى المؤسسة الصحافية. وقال جيرالد سيب رئيس مكتب «وول ستريت جورنال» في واشنطن: «حدث التزام بتغيير الإرشادات المتعلقة بالتعامل مع قضايا مثل هذه والالتزام مجددا بدعم قانون اتحادي لحماية الصحافيين». وقال المستشار، إن اجتماع الخميس الماضي كان بهدف طلب مزيد من الأفكار ووضع الأساس للحصول على دفعة داخلية في حال اعترض المدعون العامون ومسؤولو الاستخبارات على التخلي عن بعض الصلاحيات في التحقيقات.

يذكر أن الرئيس باراك أوباما منح وزير العدل مهلة حتى 12 يوليو (تموز) لتقديم مقترحاته، بينما يريد هولدر الانتهاء من المراجعة الشاملة التي يقوم بها لأنظمة الإدارة في التحقيقات الخاصة بتسريب معلومات سرية قبل انتهاء فترة ولايته، بحسب أحد مستشاريه الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأن هذه المشاورات أولية. ولم يبد هولدر أي إشارة حول نيته التنحي في أي وقت قريب.

وتأتي هذه الاجتماعات بعد قرار إدارة الرئيس أوباما الاطلاع على السجلات الهاتفية لعاملين في قناة «فوكس» ووكالة «أسوشييتد برس» في إطار تحقيقات تتعلق بتسريبات إعلامية. وأثار قرار مصادرة السجلات دون إخطار مسبق وقول ضابط في مكتب التحقيقات الفيدرالي، إن جيمس روسن، مراسل قناة «فوكس نيوز» متواطئ جنائي محتمل طبقا للقانون الأميركي لمكافحة التجسس، غضب الصحافيين والمدافعين عن حرية التعبير، وطالب البعض بقانون اتحادي يحمي العمل الصحافي. وأشعل هذا جدلا في واشنطن حول كيف توازن الإدارة الأميركية بين احتياجات الأمن القومي وحقوق الخصوصية.

اتسم أول لقاء مع وسائل الإعلام بكونه غير رسمي، وهو ما دفع صحيفة «نيويورك تايمز»، التي كانت بين وسائل الإعلام التي دعيت للحضور إلى رفض الدعوة لاعتراضها على هذا الشرط، نظرا لوجود تحقيقات بالتسريب وقضايا تتعلق بـ«نيويورك تايمز».

وبحسب اثنين ممن حضروا الاجتماع لم تكن صحف «نيويورك تايمز» و«ديلي نيوز» و«ذا نيويوركر» و«بوليتكو» و«وول ستريت جورنال» و«واشنطن بوست»، بين المشاركين في اللقاء. حضر اللقاء الذي دام لأكثر من ساعة، وزير العدل ونائبه جيمس كول والكثير من المسؤولين الآخرين. وقال المصدران، إن هولدر بدأ بالتعبير عن التزام واسع النطاق بتحديث الخطوط الإرشادية لتعكس التغيرات في التكنولوجيا لأنها لم تكن مكتوبة قبل ثلاثة عقود، وفرض مراجعات داخلية قوية لطلبات مصادرة التسجيلات. وأثارت إمكانية رفع طلب إلى الكونغرس لتغيير قانون حماية الخصوصية، الذي يمنع بشكل عام إصدار مذكرات التفتيش بحق إنتاج عمل الصحافيين، لكنه يضع استثناء في حال كان هناك ما يدفع للاعتقاد أن الصحافي قد ارتكب جريمة. وأوضح المشاركون في اجتماع الخميس الماضي أن ممثلي وسائل الإعلام قالوا للمسؤولين، إن المحققين كان لهم تأثير سلبي على كل من الصحافيين والمسؤولين الحكوميين، وأثاروا مخاوف بشأن السلطات التقديرية الواسعة التي يتمتع بها المدعون العامون بشأن نطاق طلبات الاستدعاء وإمكانية تقديم إشعار مسبق. لكن المناقشة لم تتطرق إلى التفاصيل الدقيقة لما ينبغي أن تكون عليه هذه القواعد.

وكانت هناك جهود سابقة للنظر في تنقيح المبادئ التوجيهية للتحقيق. ففي عام 2003، مثلا، قامت مجموعة من المحامين الذين يمثلون وكالة «أسوشييتد برس»، ومؤسسة «غانيت»، و«واشنطن بوست»، ولجنة «مراسلون لحرية الصحافة»، بالعمل مع المستشار العام لمكتب التحقيقات الفيدرالي، باتريك كيلي، لتطوير مقترح. قدم محامو وسائل الإعلام في نهاية المطاف مشروع نص وتحليلا لكل البنود لمكتب التحقيقات الفيدرالي، بيد أنه بعد انتخابات عام 2004 والتغيير الذي طرأ في وزارة العدل، فقدت إدارة بوش الرغبة وتخلت عنه، بحسب ديفيد شولتز، محام وسائل الإعلام الذي قاد المشروع غير الرسمي.

ذهب اقتراح عام 2004 إلى أبعد مما تم بحثه في البداية في وزارة العدل، إذ كان المفترض أن تقوم بتوسيع القانون القائم الذي يقدم بعض الحماية من مذكرات استدعاء مصادرة مكالمات أحد الصحافيين وأنواع أخرى من وسائل التحقيق، مثل التنقيب في سلة مهملات الصحافيين أو الحصول على بطاقة ائتمان أحد الصحافيين وسجلات السفر. ويشترط القانون الحالي ضرورة السعي للحصول على المعلومات بوسائل أخرى أولا قبل إصدار أمر استدعاء التسجيلات الهاتفية، وعلى ضرورة أن يوقع وزير العدل على القرار.

لكن اقتراح 2004، رغم ذلك لم يحتوِ على الكثير من الأفكار الأخرى التي ناقشها هولدر، وفقا للمستشار. ومن الأمثلة على ذلك الاقتراح الذي يشترط مراجعة مسؤولي الشؤون العامة في وزارة العدل لطلبات المدعين العامين بالحصول على تسجيلات الصحافيين قبل الحصول على موافقة النائب العام على الطلب.

وعلى الرغم من كون توجيه طلبات الاستدعاء من خلال مكتب الشؤون العامة أمرا عاما، فإن اللوائح الحالية لا تتطلب ذلك. وقالت المتحدثة باسم وزارة العدل في ذلك الوقت، تريسي سكيمر، إنه في حال طلب الاستدعاء الأخير لتسجيلات مكالمات الخاصة بمراسلي وكالة «أسوشييتد برس»، يبدو أن المسؤولين عن إنفاذ القانون لم يقوموا على ما يبدو بالاتصال بأي نائب في مكتب الشؤون العامة.

ويدرس هولدر أيضا رفع مستوى المعايير التي يجب الالتزام بها قبل أن تتم الموافقة أي استدعاء أو أي أمر متعلق بمراسل. وأخيرا، قال المستشار، إن المناقشات الأولية ركزت على ما إذا كانت هناك ضرورة لتشديد القانون الخاص بمنح إشعار مسبق إلى وكالات الأنباء قبل أن تتم مصادرة تسجيلاتها الهاتفية، والسماح لهم للتفاوض بشأن نطاقها أو الاعتراض عليه في ساحة القضاء.