البرلمان اللبناني يمدد لنفسه 17 شهرا والقرار يواجه شعبيا بـ«البندورة»

كتلة عون «تعول» على ما تبقى من مصداقية في المجلس الدستوري لرفضه.. ورئيس الجمهورية سيطعن بالقانون

TT

أسدل الستار أمس على الفصل الأخير من سجال قانون الانتخاب بإقرار مجلس النواب اللبناني قانون التمديد لنفسه سنة و5 أشهر، بذريعة «الظروف القاهرة» لتنتهي بذلك ولايته في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، بينما كان من المفترض أن تتم العملية الانتخابية في 16 يونيو (حزيران) الحالي.

وبعد ساعات قليلة من الجلسة، وقع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قانون التمديد وأودعه الأمانة العامة لمجلس الوزراء لإرساله إلى رئاسة الجمهورية التي أكدت مصادرها أن الرئيس سليمان سيوقع عليه لاختصار المهل المتعلقة بـ«الطعن» الذي ينوي تقديمه إلى مجلس شورى الدولة رفضا لهذا القانون.

وعلى عكس المباحثات التي استمرت أكثر من 7 أشهر، فشل الأفرقاء السياسيون خلالها بالاتفاق على قانون جديد، لم تستغرق جلسة التمديد أكثر من 10 دقائق، بتصويت 97 نائبا حضروا الجلسة، يمثلون معظم الكتل النيابية، وبمقاطعة «تكتل التغيير والإصلاح» برئاسة النائب ميشال عون الذي أكد بأنه سيقدم طعنا بهذا القانون لدى المجلس الدستوري، والوزير ناظم الخوري المحسوب على رئيس الجمهورية ميشال سليمان، الرافض بدوره للتمديد.

وفي موازاة السير بالتمديد المتفق عليه سلفا، كانت «الحملة المدنية للإصلاح الانتخابي» في لبنان، تنفذ اعتصاما لها رفضا للتمديد بعنوان «الحقوق واحدة والمجرم واحد: المجلس النيابي»، في محيط مقر المجلس، حيث أقام المشاركون حاجزا لإعاقة دخول النواب إلى الجلسة، فيما رشق بعضهم بالبندورة سيارات عدد منهم وصورة عملاقة تجمع الـ128 نائبا. وحمل عدد من المعتصمين نعوشا ترمز إلى «دفن الديمقراطية» في البلاد، ولبسوا الأسود «حدادا على الديمقراطية والحرية»، فيما سجل في نهاية الاعتصام توقيف الناشط مروان معلوف لدى محاولته نصب خيمة في المكان.

وفي حين تركزت مواقف الأفرقاء على الأسباب الموجبة لاتخاذ هذا القرار ولا سيما تجنيب لبنان الحرب الأهلية من جهة، وإعطاء فرصة للأفرقاء للتوافق على قانون جديد من جهة أخرى، كان النائب ميشال عون يؤكد سيره بـ«الطعن» لدى المجلس الدستوري، معتبرا أن الأخير أمام امتحان كبير، متمنيا أن «لا يرتكب الخطأ التاريخي». وشكك عون في ميثاقية القانون سائلا: «إذا كان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ومفتي الجمهورية اللبنانية محمد رشيد قباني يرفضون القانون، فأين هي الميثاقية في ذلك؟».

كذلك، أكد النائب ألان عون في كتلة التغيير والإصلاح، لـ«الشرق الأوسط» أن التيار سيقدم الطعن بعد نشر القانون في الجريدة الرسمية، معتبرا أنه ليس هناك أي مبرر قانوني للتمديد، كما لا مبرر لعدم قبول الطعن، محذرا «من وقوع المجلس الدستوري في فخ الصفقة التي أعدت لإقرار القانون»، واصفا المبررات التي أعطيت لهذا التمديد بـ«القشور التي يراد من خلالها تلميع فعلتهم في القضاء على العملية الديمقراطية». وفي حين جدد عون رفضه «قانون الستين» الذي أجريت وفقه الانتخابات الأخيرة، اعتبر أنه «وبعدما اتضحت حقيقة نيات هذه الطبقة السياسة برفضها تغيير القانون، لم يعد أمامنا إلا القبول بـ(الستين) الذي يؤمن وإن بشكل محدود، هامشا من التغيير في موازين القوى التي تميل كفتها إلى قوى 8 آذار».

تجدر الإشارة إلى أنه إذا اعتبر المجلس الدستوري أن القرار باطل، لن يبقى عندها على المجلس النيابي إلا أن يمتثل للتمديد التقني والذي لا يتعدى 6 أشهر، وبالتالي عليه خلال هذه الفترة أن يتوصل إلى اتفاق على قانون بديل، أو سيكون أمام خيار وحيد وهو السير بـ«قانون الستين» النافذ.

في المقابل، أعلن رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة أنه «بسبب الاحتقان المتزايد والأوضاع الأمنية والحرائق التي أشعلت في عدد من المناطق أصبحنا مضطرين للتمديد للمجلس النيابي»، فيما أطلق رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية سهامه مباشرة باتجاه رئاسة الجمهورية، معلنا مسبقا أنه ضد التمديد للرئيس ميشال سليمان. أما نائب رئيس حزب القوات اللبنانية النائب جورج عدوان شدد على أن فريقه لن يسير بانتخابات على أساس قانون الستين منذ البداية، مشيرا إلى أنه يجب البدء بعمل جدي لوضع قانون انتخابات جديد من خلال الاقتراحات التي عملوا عليها. واعتبر أنه من مصلحة اللبنانيين أن يبتعدوا عما يجري في سوريا حفاظا على استقرار بلادهم، وقال: «لن نقبل بانتخابات نيابية تسير وفق (قانون الستين) لأنه لا يراعي صحة التمثيل».

وأعرب عدوان عن أمله «البدء بالعمل لوضع قانون جديد للانتخابات من خلال الاقتراحات التي قدمت»، مضيفا: «من الآن فصاعدا لدينا كل الوقت كي نتحضر للانتخابات وللذهاب إلى جلسة عامة لمجلس النواب لنناقش الاقتراحات ونصوت عليها، والقانون الذي ينال أكبر عدد من الأصوات يتم السير به».

وأشار رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة إلى أن «ما قام به مجلس النواب اليوم من تمديد أو إطلالة لولاية المجلس النيابي خطوة لم نكن نريدها أساسا ولم نكن مقتنعين بها ولم نكن نعمل للوصول إليها، وقناعتنا كانت دائما تنطلق من أن التمديد لولاية مجلس النواب هو من حيث المبدأ فيه نوع من التنكر لمضمون وجوهر النظام الديمقراطي الذي يجب أن نلتزم به ونحترم نصوصه، لا سيما وأنه نظام قائم على مبدأ تداول السلطة»، لافتا إلى أن «خطوة التمديد تتناقض أساسا مع جوهر وحدود الوكالة التي أناطها الناخب اللبناني بممثليه في الندوة البرلمانية وهي محدودة بمهمة ووقت محددين».

وفي مؤتمر صحافي من مجلس النواب، أشار إلى أننا «بسبب الاحتقان السياسي والأوضاع الأمنية المتردية، فضلا عن التطور السلبي غير المسبوق الذي تمثل في إعلان حزب الله مشاركته الواسعة في المعركة في سوريا إلى جانب النظام السوري مما يتناقض والسياسة المعلنة للنأي بالنفس، وتنكر حزب الله لإعلان بعبدا ومخالفته للقرار الدولي 1701، فهذا كله أسهم بشكل كبير في زيادة درجة وحدة التوتر والخوف لدى اللبنانيين»، قائلا: «في ضوء ما تقدم وقعنا مرغمين في مأزق لفترة أطول من التمديد التقني، وأصبحنا مضطرين أن نرى التمديد أمرا حسنا على الرغم من أنه ليس حسنا»، لافتا إلى أن «السياسة الكيدية أسهمت في ضياع فرصة الوصول إلى صيغة قانون انتخاب حديث يراعي صحة التمثيل ويحافظ على العيش المشترك».

وأضاف السنيورة: «طرح قوانين انتخابية بعيدة عن الواقع وكيدية كاقتراح الحكومة، شكلت مجتمعة أسبابا أدت إلى إرباك كبير منع من الوصول إلى قانون طبيعي، مشددا على «أننا متمسكون بضرورة العمل على صيغة القانون المشترك الذي توافقنا عليه مع بعض الأفرقاء».

من جهته، اعتبر رئيس الحكومة المكلف تمام سلام أن الظروف هي التي فرضت التمديد للمجلس النيابي، موضحا أن حالة عدم الاستقرار التي تشهدها بعض المناطق اللبنانية لا تشجع إجراء الانتخابات النيابية، فضلا عن أن الكتل السياسية المختلفة لم تنجح في التوافق على قانون انتخابي جديد رغم الجهود التي بذلت على هذا الصعيد، مما جعل التمديد خيارا لا مفر منه لتفادي الفراغ في المؤسسات.