برلمان باكستان الجديد يؤدي اليمين

أول انتقال رسمي للسلطة بين حكومتين منتخبتين ديمقراطيا

رئيس الوزراء المرتقب نواز شريف (يسار) يتلو القسم في أول جلسة للبرلمان الرابع عشر في تاريخ باكستان (أ.ب)
TT

أدى نحو 300 نائب برلماني انتخبوا حديثا، بينهم رئيس الوزراء المرتقب نواز شريف، القسم في أول جلسة للبرلمان الرابع عشر في تاريخ باكستان. ووصف محللون سياسيون وإعلاميون القسم بأنه مؤشر على أول انتقال رسمي للسلطة بين حكومتين منتخبتين ديمقراطيا. وصل النواب إلى البرلمان الذي خضع لحراسة مشددة، وتلا الأعضاء المنتخبون القسم أمام رئيس البرلمان السابق الدكتور فهميدا ميرزا. شهدت الجلسة حضور نواز شريف بعد هوة دامت 14 عاما منذ أن أطيح به في انقلاب عسكري على يد الجنرال برويز مشرف. ولدى وصوله، بدأ أعضاء البرلمان برفع الشعارات المؤيدة له، وقال شريف لوسائل الإعلام: «أحمد الله الذي أعطى أمتنا الفرصة للحصول على حكومة جديدة منتخبة».

وأضاف: «إنه تطور جيد أن يجري انتقال ديمقراطي سلمي للسلطة هنا. لم تكن هناك طريقة أفضل لتغيير الحكومة إلا عبر صناديق الاقتراع. وأنا أهنئ الشعب الباكستاني على ذلك». ستكون أولى مهام البرلمان الحالي اختيار رئيس البرلمان ونائبه في الثالث من يونيو (حزيران) في اقتراع سري يوم الاثنين». كما أعلن المجلس موعد انتخاب رئيس الوزراء، إذ يجب تقديم أوراق الترشيح إلى المجلس بحلول الساعة الثانية ظهر يوم الثلاثاء، حيث تجرى الانتخابات يوم الأربعاء.

يأتي نواز شريف كأبرز المرشحين على الساحة، وفي حال انتخابه سيؤدي القسم رئيسا للوزراء لفترة ثالثة وهو أمر غير مسبوق في الساحة الباكستانية. وقال قادة حزب الرابطة الإسلامية (جبهة نواز شريف) إنهم سيتعاونون مع المعارضة لمعالجة المشكلات المختلفة التي تواجه باكستان. وقال مسؤول بارز في الحزب: «سنواصل العمل من قرب مع أحزاب المعارضة لمعالجة المشكلات الكثيرة التي تواجه بلادنا». وقد أعلن حزب الرابطة الإسلامية أن الانتعاش الاقتصادي سيكون أولى المهام بعد تولي السلطة في إسلام آباد. وكان حزب شريف «رابطة مسلمي باكستان - جناح نواز» حقق فوزا في الانتخابات وسيشغل 177 مقعدا من أصل 342 في البرلمان الجديد، مما يمنحه قوة كبيرة للإطاحة بالرئيس آصف علي زرداري عندما تنتهي ولايته في سبتمبر (أيلول).

وسيتولى رئيس الوزراء السابق، البالغ من العمر 63 عاما، السلطة لولاية ثالثة غير مسبوقة عند أدائه اليمين. وخلال إدارتيه السابقتين، بات يعرف بحدة الطبع والمشاكسة. وخلال 65 عاما، شهدت باكستان ثلاث فترات من حكم الجيش. وحققت الدولة إنجازا ديمقراطيا بإكمال ولاية من خمس سنوات في ظل حكومة ائتلاف بقيادة «حزب الشعب الباكستاني».

غير أن «حزب الشعب الباكستاني» مني بهزيمة في الانتخابات لما رآه الناخبون من خمس سنوات من لا مبالاة شهدت زيادة في انقطاع الكهرباء واستمرار أعمال التمرد دون هوادة.

وقال قادة «رابطة مسلمي باكستان - جناح نواز» إنهم يعملون مع المعارضة لمعالجة مختلف المشكلات التي تواجه باكستان.

وقال النائب المنتخب حديثا إحسان إقبال للصحافيين: «سنقوم بالتنسيق من كثب مع أحزاب المعارضة لمعالجة المشكلات الهائلة التي تواجه بلدنا».

غير أن المشكلات التي تواجه حكومة شريف الجديدة هائلة، من اقتصاد متداع وانقطاع مستمر للكهرباء وتمرد إسلامي مستشر.

فعلى الصعيد الاقتصادي، يؤدي استيراد النفط لمحطات توليد الكهرباء التي لا تكفي لتلبية الاحتياجات الداخلية للبلاد إلى زيادة ديون باكستان ويؤثر على احتياطيها من النقد الأجنبي.

وقال محللون لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الوضع سيئ إلى درجة أنه سيكون على باكستان طلب قرض جديد من صندوق النقد الدولي خلال فترة قصيرة.

على الصعيد الأمني، يرث نواز شريف بلدا يشهد حركة تمرد تشنها حركة طالبان باكستان ويرتبط استقرارها إلى حد كبير بإحلال السلام في أفغانستان المجاورة بعد انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي في نهاية 2014. وكان نواز شريف الذي لا يتمتع بدعم الجيش القوي، تحدث عن إمكانية التفاوض مع طالبان باكستان وذهب إلى حد اقتراح وقف الحرب الأميركية «على الإرهاب» في المنطقة. وأدان شريف أمس غارة جوية أميركية بطائرة من دون طيار على منطقة القبائل الباكستانية، قتل فيها الرجل الثاني في حركة طالبان باكستان ولي الرحمن. وقال شريف في بيان أصدرته الخلية الإعلامية للحزب الذي يتزعمه «رابطة مسلمي باكستان - جناح نواز»: «إن الهجوم بطائرة من دون طيار ليس فقط انتهاكا لسيادة البلاد ووحدة أراضيها، بل هو كذلك عمل يعد انتهاكا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة». وسحبت حركة طالبان الباكستانية الخميس عرضها لإجراء محادثات سلام مع الحكومة بعد تأكيد مقتل ولي الرحمن في الهجوم على منزل في ولاية شمال وزيرستان التي تعتبر مركزا لتنظيم القاعدة ومسلحي طالبان على الحدود الأفغانية صباح الأربعاء.