ماكين يؤكد أن «الكلاشنكوف سلاح لن يهزم الدبابة»

استطلاعات الرأي تشير إلى معارضة شعبية أميركية لتدخل عسكري

جون ماكين
TT

جدد السيناتور الأميركي جون ماكين دعوته لتسليح الجيش السوري الحر، قائلا إن «عناصر المعارضة السورية على الأرض بحاجة إلى ذخيرة وأسلحة ثقيلة، لمواجهة دبابات نظام الرئيس بشار الأسد وطائراته المقاتلة، وإلا فسيكون مستحيلا عليهم تحقيق النصر».

وتأتي تصريحات ماكين بعد أيام من زيارته الأراضي السورية الخارجة عن سيطرة نظام الأسد عبر معبر باب السلامة على الحدود السورية - التركية، ولقائه رئيس هيئة الأركان في الجيش الحر اللواء سليم إدريس و19 قائدا ميدانيا، إضافة إلى شخصيات سياسية معارضة دخلت سوريا خصيصا من أجل الاجتماع به.

وأضاف المشرع الجمهوري ومرشح الرئاسة الأميركية عام 2008 أنه «لا يمكن محاربة الدبابات ببنادق كلاشنيكوف»، في إشارة إلى السلاح الذي يستخدمه الثوار السوريون في مساعيهم لإسقاط نظام الأسد. ولطالما أبدت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما نوعا من التردد في مسألة تسليح المعارضة السورية «المشتتة»؛ مخافة أن تصبح الأسلحة الأميركية بمتناول «الأيادي الخاطئة» في منطقة الشرق الأوسط، التي تعج بالتقلبات والتناقضات، على حد تعبير صناع القرار في واشنطن. لكن ماكين رد أول من أمس على هذه الأصوات المتردد بالقول: «أنا واثق من أن الأسلحة ستقع في الأيادي المناسبة، وليس ثمة شك في أنهم بحاجة إلى قدرات لتغيير الوضع الميداني الذي هو الآن في صالح الأسد». إلى ذلك، نشرت أول من أمس منظمة «غالوب» الأميركية نتائج استطلاع للرأي أجرته على عينة بلغت 1011 أميركيا حيال الأزمة السورية. وكان السؤال المطروح هو: «في حال فشلت المساعي الاقتصادية والدبلوماسية في إنهاء الأزمة السورية، فهل تعتقد أن الولايات المتحدة ينبغي أن تتخذ خطوات عسكرية لإنهاء الصراع؟».

وقالت «غالوب»، التي تعنى بتقديم الاستشارات الإدارية والبحوث الإحصائية، إن 68 في المائة من المستطلعة آراؤهم، عارضوا أي تدخل عسكري أميركي في سوريا، بينما أعرب 24 في المائة من الأميركيين عن تأييدهم لاتخاذ خطوات عسكرية أميركية ضد نظام الأسد. ووجد الاستطلاع أيضا أن الأميركيين غير متفائلين بأن تنجح المساعي غير العسكرية في إيقاف الحرب بين القوات الحكومية والثوار السوريين؛ إذ رأى 58 في المائة من المشاركين في الاستطلاع أن المساعي الاقتصادية والدبلوماسية لن تستطيع وحدها وقف الحرب، فيما أعرب نحو 27 في المائة من الأميركيين عن اعتقادهم في أن هذه المساعي ستكلل بالنجاح.

ويبدو من الاستطلاع أن أنصار الحزب الجمهوري هم الأكثر ميلا للتدخل في سوريا، إذ أكد 31 في المائة من العينة المؤيدة للتدخل أنهم جمهوريون، بينما عرف 72 في المائة من المعارضين لأي تحرك عسكري بأنهم من أنصار الحزب الديمقراطي. وفي الوقت ذاته، أفاد الاستطلاع بأن 49 في المائة من الأميركيين يتابعون الأخبار حول الأزمة في سوريا عن كثب، وهي نسبة أقل من المتوسط العام البالغ 60 في المائة لأكثر من 200 حدث تاريخي قامت «غالوب» بإجراء استطلاعات للرأي حياله.

وتعزو «غالوب» أسباب «عدم الحماس الشعبي» تجاه التدخل في سوريا إلى غياب موقف حازم من الإدارة الأميركية فيما يخص سوريا، فبعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001 أيد الأميركيون التدخل في أفغانستان، بنسبة 90 في المائة، بسبب الحشد الإعلامي، وكذلك كان الأمر قبيل غزو العراق في مارس (آذار) 2003؛ إذ أعرب 76 في المائة من الأميركيين عن تأييدهم لما يقوم به الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش.

لكن محللين أميركيين يضيفون، إلى جانب ضعف الترويج الإعلامي لتدخل عسكري في سوريا، الذكريات التي ما زالت مطبوعة في مخيلة الأميركيين جراء التجربة العراقية؛ إذ فشل مشروع «بناء الدولة» هناك، وكانت الخسائر الأميركية كبيرة، وانغمست البلاد في حرب طائفية لسنوات كثيرة، كما أن حالة «التعافي من الركود» تلقي بظلالها على أي تدخل؛ إذ انخفض عجز الميزان التجاري الأميركي في مارس الماضي إلى 38.8 في المائة، وهو ثاني أقل عجز من نوعه منذ يناير (كانون الثاني) 2010. ويعزو الخبراء ذلك إلى استقرار أسعار النفط ومنهج «القوة الناعمة» الذي تتبعه إدارة أوباما، بدلا من منهج سلفه المعتمد على «القوة العسكرية» في التعامل مع ملفات شائكة مثل برنامج التسلح الكوري والنووي الإيراني، وأخيرا الأزمة السورية.